بازار للتطرف والجيش التركي بعشر ليرات.. بقلم: إيفين دوبا

بازار للتطرف والجيش التركي بعشر ليرات.. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

الاثنين، ١٨ يوليو ٢٠١٦

سواء أكانت مسرحية أم لا، وبعيدا عن أسباب فشل الانقلاب، فما جرى في تركيا قد جرى، لكن ما يجري الآن هو أن أنقرة افتتحت بازارا للتطرف على أراضيها فأصبح يوم الانقلاب «عيدا للديمقراطية» يحرسه متطرفون ظهروا بجلابيبهم بلا خجل أو وجل على الإعلام، وهم يسوقون عسكر الجيش التركي مسحولا، داميا، إلى مسالخ «حماية الشرعية».
باب «أخونة» الجيش مفتوح على مصراعيه من الآن، وأردوغان، تمكن من إظهار المؤسسة العسكرية لبلاده على أنها خطر انقلابي فساق آلاف العسكريين إلى الزنازين، وعزل قضاة، وباع الجيش بعشر ليرات بين ليلة السادس عشر من تموز وضحاها.
كل الأمم الفخورة، هي تلك التي تعطي الجيش هيبته وتتغنى بأمجاد صنعها سواء أكانت تحريرا أم احتلالا، هكذا الحال بالنسبة للدول والممالك منذ بدء التأريخ للبشرية، أردوغان مختلف، بدأ مشروعا لـ«تدجين» الجيش وجعله كبش فداء لمشروع رأسه في الآستانة الغارقة في النسيان وذنبه في السعودية والعكس صحيح، لا أحد يجب أن يقف بعد الآن في وجه الأفعى التكفيرية، وكما حدث في سورية، يحصل في تركيا، مشاهد لعسكر مذبوح بأيدي الإسلاميين المتطرفين.
في زمن المتطرفين ليس هناك قانون ولا شريعة، شرعة غاب فقط، أكلة أكباد وجلادين وزبانية، لم تستطع تركيا التي تحاول منذ زمن توزيع صكوك غفران الديمقراطية، أن تسوق الانقلابيين إلى محاكمات قانونية بعد تحقيقات، بل يسحل العسكر على أيدي أتراك يشبهون أفراد هيئة الأمر بالمعروف السعودية، وربما سيتم تقطيع أوصال العسكر ورجمهم وجلدهم على فعلتهم الانقلابية.
تكرس الانقلاب العسكري منذ البداية، في الأنباء الأولية صرح رئيس حكومة تركيا بن علي يلديريم بأنه سيواجه الانقلابيين دون العودة إلى السلطة، تأملوا قليلا، دون العودة إلى السلطة، بعدها كان الإعلام الرسمي التركي بيد العسكر، وتم تأسيس مجلس سلام لحكم البلاد في المرحلة الانتقالية، أردوغان في مكان آمن، ثم يخرج عبر «سكايب»، طائرات تقصف دبابات، ودبابات في محيط الأماكن الحيوية، كل شيء تغير في تركيا، بعد ذلك حصل سحر، فشل الانقلاب.
قطعا ليس السحر الذي أبطل مفعول الانقلاب، كان بتحضير أرواح وسكاكين الإسلاميين في شوارع أنقرة وإسطنبول، فهؤلاء الأخيرين وجدوا في جنود الجيش المنقلبين مسرحا واسعا لاستعراض عضلاتهم التكفيرية.
في اليوم التالي لليلة الانقلاب، لا أحد في تركيا تفوه ببت شفة، إلا الإسلاميين المتشددين، سيفعل من خلالهم أردوغان ما يشاء، يحول تركيا إلى إمارة واسعة، يستبعد أقليات وقوميات ربما، يحول العسكر إلى دواجن، يقرأ القرآن بحسب هواه ويفتتح ملاه ليلية بجانب البوسفور، فلتتقسم البلاد ضمن جغرافيا واحدة ربما الأمر لا يعنيه، التقسيم آت هكذا يعتقد الكثيرون، لكن ما بعد ذلك، ماذا سيحدث، هل نحن بانتظار سعودية ثانية تتكلم التركية؟، من المعقول ذلك إذا كانت واشنطن قد أفرغت يديها من سعودية البادية العربية وتريد صناعة «سعودية» أخرى بين أوروبا وآسيا.