وميض الثقافة.. بقلم: منال محمد

وميض الثقافة.. بقلم: منال محمد

تحليل وآراء

الاثنين، ١ أغسطس ٢٠١٦

إنها الثقافة أو وميض المعرفة الخلاقة ومشكاة نورها الحالم حيناً والمضاء بأفعالٍ متألقة الحرف حيناً آخر.
إنها الثقافة وبحارها المتلاطمة وقوارب الإبحار إليها عبر أفق الحرف، أفق الكلمة
وبنيتها اللغوية وجادّتها الفكرية والجمالية.
إنها الثقافة بحر متلاطم الجمال الإنساني، ذلك الجمال الفكري الذي يجب أن يرفد الذوات الإنسانية بشيءٍ من الرقي، وأشياءٍ تحرر العقل من قيود القولبة، بقيود ما زالت تحرره من الاستكانة لفعلٍ ما، إن لم يكن مدروساً على المستوى الفكري والثقافي والأخلاقي وربما الإنساني.
وهنا تتجلى الثقافة بأسمى معانيها عندما تضع بين ناصيات فعلها وما ستفعله من أحقيات الشيء الإنساني والوجداني.
أحقيات الشيء المثالي الذي لا بد من الاهتداء على وهج نوره وأنواره.
على وهج الشط الثقافي الأول، وهنا يجب أن ندور ونتمحور حول مفهوم الثقافة، مفهوم الجوهر الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
جوهر
الالتفات الفكري المستوثق العُرى حول كل ما يخدمنا وما يمكن له أن يؤسس لحالة من الثقافة الممزوجة الرقي الإنساني أولاً وأخيراً.
 إنها الثقافة مشكاة حلمٍ واعٍ عرفته الشعوب منذ أقدم الأزمنة وعرفت التفرعات النبيلة التي تنطلق من أقطابها الراقية الشكل والمضمون، الراقية التجذر في حرفية النبض الأدبي، النبض الشارد روايات وأوزاناً حالمة التعقل، حالمة المغزى الفكري، المغزى الحقيقي الذي يتجوهر حول ذات المبتغى, هذا المبتغى المرجو نهجه وانتهاج شيء ٍمنه
إنها الثقافة ولا بد أن نستركن على حدود بحرها الواسع، بين مفصلات، وبين مدركات العقل وحتميات الفعل الثقافي الذي يجب أن يحاط به، ذلك الفعل الذي لا يمكن أن يأتي إلينا إلا عبر كل ما نمتلك.
يجب أن تؤهل عقولنا بتلك البُنى المعرفية التي تخدم الجوهر الإنساني، وتشّعُ مشكاة المعرفة الإنسانية بجوانبها المختلفة، بجوانبها التي تصل إلى اللامحدودية في التفكير السامي الذي يجب أن ننشد، وأن نمتهن بالتالي فن قيادة تفكيرنا نحو ما هو أصوب، وما هو جدير بأن نرتهن له ويرتهن إلينا.
هنا تظهر حقيقة الثقافة وكأنها التثاقف الفعلي، لِمَ نريد الاهتداء على نهجه، على نبراسه، أو تلك الشعلة التي وُجدت منذ أقدم الأزمنة على شط العبقرية، شط الثقافة والتثاقف الراقي، لِمَ نريد أن نقول، وأن نكتب، وأن نفعل، وأن يفتعل بنا، وأن تفتعل ثقافته في مجرى حياتنا، حيث يبقى النبض الثقافي المرتجى هو المكوّن الجوهري والعام لِمَ نريد التفكر به؟
إنه وميض الثقافة الحقّة يُستعلى شأنه إذ ما أردنا نحن أن نستعلي من هذا الوميض وهذا الشأن، وهذا لا يتأتى حقاً من كلاميات في الأدب ونظريات في الثقافة تُلقى في أمكنة لا يطيب بها فنون الإلقاء أو تنثر مع الريح، وبالتالي لا يأتي من هذه النثريات الكلامية التي تتجسد كذلك في باطن الأمر أو المسوّغ الثقافي وفي ظاهره، حيث لا زبد أدبي ثقافي كان المرتجى تواجده والفيض مما يمتلك وانتهاج حكمته الواعية المرجوة التي يجب أن نبحث عن ماهية تثاقفها وحدوث فكرتها التي تتبلور بدقة التمحيص عن ذاك الوميض الذي يتوجب عنه من أجل التسامي به، والتعالي من خلال مقوماته الآنفة الذكر.
 ومن أجل التسامي به حتى يجتبى الوميض الثقافي ويفتعل بنا ونفتعل به، ويشكّل تلك الشعلة المعرفية، حيثُ نكون جزءاً لا يتجزأ من ذلك المبتغى المعرفي الذي نريد، والذي نسميه أو يسمى الوميض الثقافي السامي.