أُشْبِهُكَ حتّى في وَجَعِي.. بقلم: شفيعة عبد الكريم سلمان

أُشْبِهُكَ حتّى في وَجَعِي.. بقلم: شفيعة عبد الكريم سلمان

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣ أغسطس ٢٠١٦

وطني لأنّك قريبٌ من الله كنت الوطن الأقدم الذي احتضن سكّان المعمورة، وحباكَ بمقدّراتٍ متنوّعةٍ متعدّدةٍ ظاهرة ٍومستورة ، فكنتَ من خلالها ولكونك تُسَرُّ برؤية الخير لكلّ الإنسانية ومن دون أنْ تدري تُثيرُحفيظةَ كلّ أصقاعِ المعمورة، تشمخُ متسلحاً بحبّ أبنائك، وتسعى بكلّ طاقاتِك لتحقّقَ لهم آمالَهم أحلامَهم وترتقي بقيمهم، فيقدّمون للإنسانية بعلمِهم وأخلاقِهم أرقى مثلٍ، وأجملَ صورة، وتفسحُ لهم المجالَ لينشروا أشعّتهم على كلّ من يعشق الضّوء، ومن دون أن يُطالَبُوا أو يَطْلُبوا من غيرهم دفعَ ضريبةِ أو فاتورة، فاتحاً ذراعيك لقاصديك جاعلاً خواطرهم راضيةً مجبورة، ظنّاًّ منكَ يا وطني أنّ الآخر يسُرُّه مالديك من الخيرِ و يَغْبَطُكَ، ولا يخبّئ لك كيدَ الحاقدِ وغيظَه وشرورَه، فَصُدِمت بأقربِ المقرّبين إليك، ينقضّون عليك بكلّ أنواع الأسلحةِ البدائية والتقليدية والمتطوّرة المسموحة والمحظورة ، يُريدون إبادتَك ومحوَك وإخفاء روعتك بكلّ شكٍ وصورة ،لا لشيء إلّا لأنّك الأغنى والأفضلُ والأشرفُ والأنقى، ويَسْتَقْوون عليك بكلّ ما استطاعوا، ولأنّهم يا وطني يتشبّهون بأكثر المخلوقات مكراً وتوحّشاً وغدراً، فقد جنّدوا ضدّ طهارتك مختلف الخانعين والأذلاّء، وكلّ ما حوته البلدان المتآمرة عليك من مخلوقاتٍ متوحّشةٍ متلبّسةٍ بجلدٍ بشريّ، لتقوم تلك المخلوقات بكلّ الممارسات البعيدة عن تصوّر أي بشرٍ يمتلك ذرّة واحدةً من الإنسانيّة رغم ما قرأناه عن ممارسات شريرةٍ مُورِست على بلدنا من غابر الأزمان، وبتخطيطٍ من قبل النّفوس الحاقدة والموتورة، ولأنّي فيك يا وطني ولدْتُ، وبعطرِ كرامتِك اغتسلْتُ، وبفضل خيرِك كبرْتُ وترعرعْتُ ، ومن نقاء فكرِك وعلمِك وأخلاقِك نهلْتُ، وبمُثُلِك اقتديْتُ،وبعزيمِتِك يا وطني مختلف المخاطرِ والصّعوباتِ تحدّيْتُ، وولائي لك إن متُّ أو حييتُ، وعشقْتُك بأجزائك وكلّك، حتى أصبحْتُ بحبّك مأخوذةً مسحورةً، أسيرُ بثقةِ قدرتِك على حمايتي واحتوائي في شتّى أنواع فرحي وابتلائي، فَشَمَخْتُ بأحضانك يا وطني متشبّهةً بقامتِك، وجعلتُ كل ما اكتسبته منكَ أهم عاداتي، وأيقنتُ يا وطني عبر ما شهدناه بأمّ أعيننا وبكلّ كياناتنا خلال الحرب عليك أنّ الوحوش القذرةّ والقاماتِ القزمةَ، تسعى دائماً لتقزيم من هم أفضل منها، لكونَها لا تستطيعُ الشّموخَ، بسبب ما تغذّتْ به عبرَ مراحلِ حياتِها، من غذاءٍ خالٍ من أهمّ مكوّنات الأخلاقِ الحيويةِ والكرامةِ، ولأن الغدرَ شيمتُها وعادتُها فستعودُ دائماً لممارستِه، وتلوينِه بجميع ما تستطيعه من خِدع وتحميله بكلّ ما يمكنُها من مصطلحات، وستُرسِلُ الدّواعشَ الداخليّة والخارجيّة، التّي انتفخَ جسمُها من تناولِ الجيفِ والنّفايات ، واضمحلّ عقلُها وذهبَتْ أخلاقُها من شدّة ِتعاطي المحظورات،  والتي قد لا يكون لرائحتها علاج سريع،تُرْسِلها بهدف القضاء على طهارتك، فتفتك بالكثير من البشر، وبالعديد من المبادئ والقيم لدى النّاس، بحيث يصبحُ حالُ المتمسّك بمبادئك وقيمك، كحال القابضِ على جمرةٍ من نار، ولا تقف الدّعشنة عند حدّ التوجه إلى وطنٍ أو جماعةٍ بعينها، بل إنّ ضعاف النّفوس وعبّاد الفلوس ومطأطئي الرؤوس، هم أكثر المخلوقات اكتساباً لسلوكات الدّعشنة ، وإلباسها لباس المرونة والصبر، تمتصُ خير الوطن، وتقضي على كلّ العقول التي تسعى لحمايته وتطوير إمكاناته، ومن دون أن يستطيعَ أحدٌ معاقبتها، لأنّ تصرّفاتها الظّاهرة ، تبدو وكأنّها ضمن القانون، ومثال ذلك أنّها تتعامل مع من لا ينصاع إلى رغباتها بطرائق ناعمة، على مبدأ الحرب الخفيّة أو الباردة، وتجنّد له الأقزام التي تشوّهت أخلاقها قبل أشكالها، لغاية أن يكره المكان الذي يبدع فيه، ويقبل الانتقال إلى أيّ مكان غيره، وربما الهجرة إلى خارج حدودك، وقد يفاجأ بفقدان كلّ شهيّة للتطوّر والابتكار، وبذلك تحقّق تلك النّماذج أهدافها وأهداف دواعش الخارج في تكريس كلّ ما يُسيء للوطن، مُستغلّةً انشغالك يا وطني في تطويق وحوش الخارج، معتقدةً أن حقيقتها ستبقى عنك مستورة، جاهلةً عبقريّتك وحكمتك التي ملأت مجلّدات التّاريخ وسفوره، حيثُ كانت السّبب الأهم في مهاجمتك عبر أدواتٍ بالغدر والمكر ممزوجة ممهورة، فأنت تُمْهِل ولا تُهْمِل للخطأ أيّ صورة ، ولأنّي جزءٌ منك يا كلَّ الكلِّ يا وطني، ومن المستحيل أنْ يحلّ الجزء مكانَ الكلِّ, ولكنْ يحقُّ له التّشبه والاقتداءَ به قَدْرَ الإمكان، فسأبقى كعهدك بي وكما يليق بك أن تراني، في حالاتي الاعتياديّة، وفي اختبارك لي وامتحاني، وعزائي يا وطني أنّي أشبهك حتّى في وجعي.

باحثة تربويّة إعلاميّة