هل تتحرك الجثة الهامدة من جديد؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

هل تتحرك الجثة الهامدة من جديد؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

السبت، ٦ أغسطس ٢٠١٦

Bassamk3@gmail.com
(العرب جثة هامدة، ولن تتحرك هذه الجثة إلا إذا تحركت الإرادة العربية).. هذا ما صرح به هنري كيسنجر قبيل حرب تشرين عام 1973 من باب طمأنته لإسرائيل بأن العرب غير قادرين على الحرب.. لكن الإرادة العربية وقتها قوّضت تنبؤات كيسنجر وتحرك العرب وأخذوا زمام المبادرة، وكان أهم ما في الأمر ذلك " التضامن" الذي لم يحدث مثله في تاريخ العرب.
منذ ذلك الحين و"إسرائيل" تخطط لضرب أي شكل من أشكال هذا التضامن العربي الذي كان وتعمل على ألا يعود!
في بحث نشرته دورية المنظمة الصهيونية العالمية (كيفونيم) بقلم الصحفي الإسرائيلي "عوديد ينون" المقرب من الخارجية الاسرائيلية، دعا فيه بوضوح  إلى نشر الفوضى في العالم العربي وإحداث انقسام في الدول العربية من الداخل إلى درجة تصل إلى (بلقنة) كل الدول العربية وتجزئتها إلى جيوب طائفية، وهو ما يتوافق مع الخطة التي طرحها البروفسور الإسرائيلي "إسرائيل شاحاك" التي تهدف لتحويل إسرائيل إلى قوة عالمية من خلال نشر الفوضى في الدول العربية وبالتالي إعداد المسرح في الشرق الأوسط للهيمنة الإسرائيلية.
وإذا ما استعرضنا الدور الإسرائيلي في تناقضات الشرق الأوسط تكشف لنا الوثائق والوقائع والمعطيات والتصريحات، الصادرة عن المنظرين الصهاينة في "إسرائيل" وأمريكا، أن أمن إسرائيل يتحقق عندما تكون إسرائيل أقوى عسكرياً من أي تحالف عربي محتمل، وهذا ما صرح به "دافيد بن غوريون" يوم الإعلان عن قيام "دولة إسرائيل" عام 1948 وباتت هذه الرؤية عقيدة "إسرائيل" الأمنية لعقود عديدة!
إلا أن العديد من الاستراتيجيين الصهاينة رأوا لاحقاً أن هذه النظرية وحدها لا تكفي لضمان أمن إسرائيل، وأن ضمان هذا الأمن مرهون بانهيار المجتمعات العربية وضعفها وتمزقها، لذلك بدأت "إسرائيل" منذ عام 1980 اتباع سياسة تقسيم كل شيء في الجانب العربي، بداية من فلسطين إلى بقية الدول العربية، وقد شارك المحافظون الجدد "إسرائيل" بقوة في ضرورة مواصلة هذه الاستراتيجية لإلغاء اي دور للدول العربية وإغراقها في مشكلات داخلية تعمق من ضعفها، وكان سلاح الطائفية والمذهبية والعرقية هو السلاح المجدي بحسب نظرية "بريجنسكي"، منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يصبح  مستشاراً للأمن القومي الأمريكي، حيث جاءت هذه النظرية في كتابه: (بين عصرين) والتي دعا فيها للاعتماد على الأصوليات الدينية لمواجهة الخطر الماركسي، ودعا لهيمنة رجال الدين وإشعال حروب الأديان والطوائف وتقوية التيارات الدينية، وألحق نظريته بالقول: "إن منطقة الشرق الاوسط تحتاج الى تصحيح الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس - بيكو ومقررات مؤتمر فرساي"!
أما هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، فقد كان سبّاقاً للقول إن كل الأديان وُجدت  في هذه المنطقة ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال الدين، أي إن اللعب على وتر الدين الذي هو المدخل المناسب لتنفيذ المشاريع التي تحلم بها الصهيونية العالمية، لذا اشتغل منظرو الاستعمار الغربي ومفكرو الصهيونية على مبدأ إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والمذهبية فيها، ويؤكد هؤلاء أن الحرب الأهلية ودعوات التقسيم التي رافقتها كانت على وجه التحديد هي الهدف الأول لغزو العراق، وأن هذا الهدف لم يوضع في واشنطن، وإنما في "تل أبيب"، وبحسب التصور الصهيوني، فإن من يسيطر على العراق يتحكم استراتيجياً في الهلال الخصيب وبالتالي الجزيرة العربية، ولاحقاً إلى كل دول المنطقة، وعندما تنجح هذه الاستراتيجية في العراق فإن بإمكانها أن تنجح في سورية!
إنه مخطط تفجير المنطقة لإقامة "إسرائيل الكبرى" وضمان مستقبلها لقرن قادم على الأقل، فهل تتحرك الجثة العربية الهامدة، منذ عام 1973، من جديد وتوقف هذا المخطط قبل فوات الأوان؟!