ويل لفريق اقتصادي.. لا يعرف ألف باء الأرقام .. بقلم: إيفلين المصطفى

ويل لفريق اقتصادي.. لا يعرف ألف باء الأرقام .. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٧ أغسطس ٢٠١٦

Evlism86@gmail.com
"ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر مقولة للأديب الراحل جبران خليل جبران، تحمل في مضمونها خطة سياسية اقتصادية للأمم التي تسعى لتطوير ذاتها، بالاعتماد على مواردها سواء الطبيعية منها أو البشرية.
ورغم توالي رؤساء حكومات على الحكومة السورية، كان الأغلبية منهم مهندسين زراعيين، إلا أنهم وللأسف قبيل الأزمة الحالية لم يتمكنوا من دعم القطاع الزراعي بالشكل الكامل، ولا ننسى هنا أزمة الجفاف التي أصابت الشمال الشرقي من البلاد.
ربما يقول أحدهم: إن الأزمة كانت خارجة عن السيطرة لكونها جاءت نتيجة ظاهرة مناخية تعرضت لها البلاد حينها، هذا الأمر فيه جزء من الصحة، ولكن بوجود مراكز للتخطيط والاستشعار عن بعد، والتقنيات الحديثة القادرة على التنبؤ بحدوث ظواهر مناخية، فإنه كان بإمكان القائمين حينها التخفيف من آثار تلك الموجة المناخية. 
وما بين الأمس واليوم نجد أن الحكومة الحالية تبدي اهتماماً جلياً بالقطاع الزراعي وتمنحه أولوية في اجتماعاتها، بهدف إعادة الانتعاش لهذا القطاع، لكن يبدو أن الأمر لن يكون سهلاً على الحكومة، وخاصة أن سنوات الأزمة أضرت بهذا القطاع بشكل كبير، حيث نجد أن أغلبية المناطق التي يزرع فيها القمح والشعير تقع في  محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، والتي تشكل السلة الغذائية وتنتج 70% من المحاصيل الزراعية، وللأسف فهذه المناطق تشهد حالات عدم استقرار، ما دفع بعض المزارعين لهجرة أراضيهم ليس نتيجة أعمال العنف فقط، كذلك نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج "الأسمدة والبذار واليد العاملة، وصعوبة تصريف المحاصيل بعد انقطاع الطرقات، الأمر الذي جعل الحكومات السابقة تتخبط في آليات دعم الفلاحين، إضافة لاتخاذها قرارات برفع سعر المازوت إلى 180  ليرة لليتر، وبالتالي اضطر الفلاحون لرفع فواتير التكاليف وتحميلها لأسعار المنتجات.
في السياق ذاته نجد أن محاصيل القمح والشعير لم تعد تسلم لمراكز الحكومة السورية، إنما نجد أن أغلبية الفلاحين غيروا وجهتهم منهم نتيجة الضغط من المسلحين ومنهم كان يبيع محصوله لدول الجوار تحت ضغط المال والعبء المادي، حيث إن الحكومة السورية كانت ومازالت تعرض على الفلاحين شراء المحاصيل "قمح أو شعير" بأسعار إما موازية للسعر العالمي أو بأسعار منخفضة عن السعر العالمي، الأمر الذي يترك المجال مفتوحاً لأن يكون هناك تجار وسماسرة سواء في الداخل أو في دول الجوار تقوم بشراء المحاصيل بأسعار تزيد على السعر الرسمي الذي تحدده الحكومة. يبدو أن أرقام المحاصيل لهذا العام ستكون مخجلة ومحرجة للحكومة الحالية، ما سيضطرها للاستيراد لتغطية النقص باعتباره الحل الوحيد.
لكن قبل أن تبدأ الحكومة بالاستيراد والإعلان عن المناقصات لابد لها من التعرف على أسعار السلع عالمياً، علها تجد السعر المناسب لإمكانياتها، وخاصة أن المتعارف عليه عالمياً أن الدول المعتمدة على الاستيراد تترقب الأسعار العالمية لتثبت أسعارها في أوقات انخفاض الأسعار عالمياً، حتى لا يتحكم فيها التجار.
حالياً نجد أن سعر طن القمح عالمياً 410 دولارات ما يعادل 75 ليرة للكيلو، في حين بلغ سعر طن فول الصويا 990 دولاراً ما يعادل 181 ليرة للكغ، كذلك بلغ سعر طن ذرة 325 دولاراً ما يعادل 63 ليرة للكغ، بينما بلغ سعر طن السكر 528 دولاراً ما يقارب 260 ليرة للكغ، كذلك بلغ سعر الأرز 441 دولاراً للطن ما يعادل 220 ليرة. "علماً أن الأسعار السابقة تم تقريشها على سعر صرف دولار يعادل 500 ليرة، وبمقارنة لهذه الأسعار مع الأسعار المحلية نجد أن سعر كغ القمح رسمياً 100 ليرة وفق ما حددته الحكومة، في حين نجد أن سعر كيلو السكر في الأسواق المحلية يقارب 450 ليرة، بينما نجد أن سعر كيلو الأرز في الأسواق بلغ 600 ليرة، ما يدل على وجود فجوة كبيرة بين الأسعار العالمية والمحلية، وتحامل على جيوب المواطنين من المحتكرين والفاسدين.
ولو قمنا بإرجاع عقارب الساعة إلى سعر صرف الدولار الذي كان قبل الأزمة عند مستوى 50 ليرة، وقمنا بإجراء معادلة التقريش للأسعار العالمية الحالية، لكان سعر كغ القمح يعادل 7 ليرات، ولوجدنا سعر كيلو فول الصويا 17 ليرة، بينما الذرة 6 ليرات للكغ، في حين أن سعر كيلو السكر 25 ليرة، والأرز 21 ليرة.
لذلك من غير المقبول أن تتحمل الأسرة لائحة أسعار تسعر سعر كيلو الأرز بـ 600 و800 ليرة، في حين أن سعره عالمياً لا يتجاوز 220 ليرة، هذا فيه سرقة واضحة لجيوب المواطنين. وبالتالي فإن الحل الأمثل يكمن بتشكيل لجان فنية نزيهة، لها دراية كافية بالحساب والأرقام، يقع على عاتقها تقدير كلفة إنتاج المواد الزراعية - وبعدها وفقاً لهذا يتم تحديد سعر الشراء، وخاصة أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها الفريق الاقتصادي تبدأ من عدم درايته الكاملة لعلم الأرقام وآليات الحساب.
وهنا نأمل أن تقوم الحكومة الحالية بخطوة تكون سباقة لجرد كميات المحاصيل في البلد، قبل أن يتلاعب بسعره ارتفاعاً من يحتكره بالأصل تحتاج الحكومة الآن لإجراءات فعلية تشعر الناس بأن هناك تحسناً في الأداء فهل هناك من مجيب؟.