تأثير لقاء بوتين أردوغان في خريطة التحالفات الدولية.. بقلم: سامر ضاحي

تأثير لقاء بوتين أردوغان في خريطة التحالفات الدولية.. بقلم: سامر ضاحي

تحليل وآراء

الخميس، ١١ أغسطس ٢٠١٦

كشفت السياسة الروسية منذ انطلاق ما يسمى «الربيع العربي» عن وثوقية واهية لتحالفات نظيرتها الأميركية في المنطقة العربية خاصة والشرق الأوسط بشكل عام.
فمنذ اندلاع «الثورة» المصرية ضد الرئيس المصري حسني مبارك لم يظن أحد أن واشنطن ستتخلى عن حليفها العربي الأول رغم التخلي الفرنسي عن الحليف زين العابدين بن علي في تونس، إلا أن الأميركيين فاجؤوا مبارك بدعوته للتنحي، وهو الأمر الذي كرروه لاحقاً، فتخلوا عن معمر القذافي في ليبيا بعدما صالحهم.
الموقف الأميركي من حلفاء واشنطن كان لا بد أن يدفع الدول التي تسير في الفلك الغربي إلى إعادة النظر بإستراتيجياتها وسياساتها التي ربطتها ببلاد العم سام، إلا أن البعض يبدو أنه لم يتعظ، ولاسيما أن براغماتية واشنطن كادت تفقدها حلفاء كثراً لو اتعظوا.
لكن في المقابل قدمت موسكو وطهران أنموذجاً للتحالفات الإستراتيجية البعيدة المدى عبر الوقوف إلى جانب سورية ودعمها سياسياً وعسكرياً منذ بدء الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من خمس سنوات.
سيناريو التحالفات كاد يتعرض لهزة إن لم يكن قد تعرض فعلاً لها من خلال الانقلاب الفاشل الذي تعرض له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الفائت لاسيما أن الأخير يتهم الغرب مباشرة أو تلميحاً بالوقوف خلف الانقلابيين ودعمهم، وعلى عكس الزعماء العرب لم يقف الزعيم التركي متفرجاً بل أعاد النظر بعلاقته بواشنطن والغرب عبر الالتفات إلى موسكو التي أثبتت صدق تحالفاتها ووصل بها الأمر إلى حد «قطيعة مرحلية» مع الأتراك لأنهم أسقطوا طائرة مقاتلة كانت تدعم حليفتهم سورية في حلب، فرأى أردوغان في الروس حليفاً يمكن الوثوق به أو على الأقل «لا يغدر».
يمكن النظر إلى براغماتية أردوغان الدولية بإعجاب سواء اتفقنا مع الرئيس التركي أو اختلفنا معه، بعدما سبقه إلى خطوته نحو موسكو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكذلك السعودية لكن بخطوات مترددة إذ اعتاد بعض الزعماء العرب ألا يتعاملوا مع واشنطن «سياسياً» بعلاقة الند للند.
أردوغان وبوتين خصصا جلسة كاملة للملف السوري وفي هذا إظهار لأهمية حليفة روسيا في أزماتها في حين لم تكلف واشنطن والغرب نفسها يوم الانقلاب على أردوغان وقبل إخفاقه سوى ببيانات «لانتظار نهاية الصورة الضبابية»، وإيران التي تواصل دعم دمشق، كذلك تفرد الجلسات مع الغرب من أجل القضية السورية بعد تحالف أسسته حرب الخليج الأولى منذ أكثر من 35 عاماً.
من وجهة نظر أخرى فأردوغان قد يذيق حلفاءه العرب من ذات الكأس التي تجرعها من واشنطن فخطوته تجاه موسكو وبحثه الوضع العسكري في سورية مع الروس وهو الذي يقف مع السعودية في تحالف ضد «النظام السوري» قد يشير إلى استبعاد أي دور سعودي أو قطري في ترتيبات الحل الذي أعلن الرئيس الروسي أنها ستناقش بين عسكريي بلاده وأنقرة، وخروج الرياض من مولد سورية بلا حمص قد يدفعها هي الأخرى نحو إعادة النظر بعلاقتها مع موسكو ولا نستبعد مصالحة مع طهران على غرار المصالحة التركية الروسية.
الوطن