تراجع الدور السعودي في السنوات المقبلة والخيارات الصعبة

تراجع الدور السعودي في السنوات المقبلة والخيارات الصعبة

تحليل وآراء

الاثنين، ١٥ أغسطس ٢٠١٦

تحسين الحلبي

يبدو أن الاتهامات التي يوجهها المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب لأوباما ودوره في تسليح وتمويل داعش والنصرة ليس مجرد حملة انتخابية تنافسية مع هيلاري كلينتون والديمقراطيين فقد كشف موقع (ذي كاناري) الإلكتروني قبل أيام أن المساعد السياسي الأميركي (جوزيف شميدت) الذي عينه (ترامب) مستشاراً للسياسة الخارجية هو الذي قدم إثباتات على دور أوباما وهيلاري كلينتون في توظيف السعودية لتولي هذه المهمة تحت إشراف أميركي.
كان شميدت مكلفاً من أوباما في عام 2013 بتشكيل فريق عمل مع أمير سعودي (يعتقد أنه بندر) لتنفيذ هذه المهام بموجب خبرة شميدت في البنتاغون في عهد الرئيس بوش وبصفته المنسق العسكري الأميركي في الشركة الأمنية الأميركية (الخاصة) (بلاك ووتر).
ويذكر أن مجلة (وول ستريت جورنال) قامت بإجراء تحقيق في عام 2014 حول دور شميدت قال فيه: «قررنا تزويد الجيش السوري الحر في ذلك الوقت بـ70 ألفاً من البنادق الروسية و21 مليون طلقة… دفع أمير سعودي ثمنها في أوكرانيا»، وتضيف المجلة أن (شميدت) كان ينسق هذا العمل مباشرة مع سليم إدريس وأنه كان مكلفاً بدعم جميع المجموعات الإسلامية المتشددة بما في ذلك منظمة القاعدة ومن يشبهها بشكل منتظم بمشاركة السعودية. وإذا كان شميدت يعد الآن مخزناً للمعلومات بموجب دوره السابق مع بوش وأوباما فإن كل ما يكشفه لن يكون جديداً بالنسبة لما تعرفه سورية وروسيا عن كل من شارك وساهم في دعم آلة القتل والتدمير في سورية والعراق، ولذلك يستنتج المحللون الأميركيون المعارضون لهذا الدور الأميركي- السعودي أن واشنطن سيكون بمقدورها الخروج من ورطة داخلية أو خارجية يمكن أن تسببها هذه الإثباتات حين تبدأ أمام الرأي العام والعالم بتوجيهها نحو السعودية التي انخفض مستوى فائدتها بنظر السياسة الأميركية النفطية الجديدة.
ومن الملاحظ منذ فترة أن وسائل الإعلام الأميركية لم تعد تشعر بالحرج أو من وجود رقيب رسمي أميركي عليها حين تتطرق إلى الكشف عن هذا الدور السعودي، وكأنه المبرر الذي تريد السياسة الأميركية الاستناد إليه في إبعاد التهمة أو الإدانة عنها في دعم كل أشكال الإرهاب التكفيري وغير التكفيري في المنطقة، فحين تفقد السعودية جزءاً من أوراقها كما نرى الآن في عالم النفط والمال والعلاقات وتنخفض فائدتها بالمقابل في الساحة الأميركية، سيتراجع دورها الوظيفي في المنطقة وتزداد الضغوط الداخلية فيها إلى حد يشل قدرتها على تصدير الأزمات لدول المنطقة، هذا إذا لم يرتد عليها الإرهاب الذي صدرته إلى سورية والعراق واليمن بشكل خاص.
فقبل سبعة أشهر تقريباً توقع موقع (هافينغتون بوست) الإلكتروني الأميركي للسعودية أزمة مالية واقتصادية بدأنا نشهد آثارها ومضاعفاتها بأرقام كبيرة، فالسعودية تحتاج سنوياً إلى 260 مليار دولار للمحافظة على استقرار وضعها الاجتماعي الداخلي، ولم يعد لديها مثل هذا المبلغ سنوياً لأنها خسرت مئة مليار منه بسبب انخفاض سعر النفط في عام 2015 ولم يكن عام 2016 سوى أسوأ عام على السعودية ولذلك حاولت بيع بعض سندات الخزينة قبل شهرين. ويضيف الموقع الإلكتروني أن السعودية لا شيء لديها سوى النفط وهي لم تضع منذ عشرات السنين أي خيارات إضافية أو شبه بديلة عنه ولذلك ستواجه موقفاً في غاية الصعوبة بين دول عربية قدمت لها الأموال لخدمة سياستها ضد دول أخرى من دون أن يكون بمقدورها (أي السعودية) استرجاع هذه الأموال التي أنفقت جزءاً كبيراً منها في دعم المجموعات المسلحة وفي شن وتمويل الحرب السعودية الأميركية على اليمن، أما الولايات المتحدة وهي الطرف الذي وظف السعودية في هذا الدور فستتحول إلى أكبر دولة تصدر النفط وترى في نفط السعودية عائقاً أمام مصالحها، ولذلك يتوقع المختصون الأميركيون في السياسة الأميركية تجاه السعودية أن تتعرض العائلة المالكة السعودية لأزمات داخل العائلة أولاً ثم تجاه الجمهور السعودي الذي سيرى مشهد المستقبل غامضاً في أفضل حالاته وبما يشبه الكارثة في أسوأ الحالات.