عن التدخل العسكري الغربي في ليبيا.. بقلم: توفيق المديني

عن التدخل العسكري الغربي في ليبيا.. بقلم: توفيق المديني

تحليل وآراء

السبت، ٢٧ أغسطس ٢٠١٦

حين تشكّلت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بزعامة فايز السراج في شباط الماضي، طرحت على نفسها مهمة محاربة الإرهاب «الداعشي»، ووضع حدٍّ للحرب الأهلية في البلاد. ولهذا السبب سارعت مختلف الأطراف الإقليمية والدولية إلى تأكيد دعمها، فتركزت المواقف الأوروبية والأميركية على مخاطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وعلى أن وجود حكومة موحّدة يشكل واحداً من مسارات مكافحة الإرهاب، على اعتبار أن حالة الانقسام في ليبيا توفر مناخاً خصباً لتنامي التنظيمات المسلحة. لذلك، تدعم أطراف دولية وإقليمية حكومة الوفاق الوطني أملاً في تشريعها التدخل العسكري الغربي في ليبيا بحجة تفاقم فوضى السلاح ومحاربة التطرف والإرهاب. في المقابل٬ تساندها بعض الأطراف الإقليمية والدولية تحديداً لتفادي مثل هذا التدخّل.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما الذي يجعل دولاً غربية مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تبادر إلى التدخل عسكريًا في ليبيا بعد خمس سنوات من تدخل أطلسي سابق أطاح بنظام القذافي، وأدّى إلى تشظي «انتفاضة فبراير»، وانشطار الليبيين إلى ميليشيات وتنظيمات مؤدلجة رفضت إرث القذافي باستثناء مخازن أسلحته٬ وأدخلت البلاد في دوامة من الفوضى لم يسلم منها أيضاً جوار ليبيا؟
الهدف من التدخل العسكري يتمثل على ما يبدو بالتخلص من أكبر عدد من مقاتلي التنظيمات المتطرفة، الذين يشكلون خطراً محتملاً على أمن الغرب عموماً وأوروبا تحديداً٬ ولفتح مجالات أوسع للشركات الغربية لاقتسام الغنائم والمكاسب المتعلقة بالثروة النفطية والغازية الليبية الكبيرة، وكذلك لتولي إعادة إعمار البنية التحتية للبلاد. وقد يؤدي التدخل العسكري الغربي في ليبيا وضرب مواقع تنظيم «داعش» إلى وضع مفتوح على احتمالات شتى، بينها تفكيك البلاد، أو دفع مقاتلي «داعش» نحو الغرب، أي حدود تونس والجزائر، أو الجنوب، ما يعني أن البلدان المحاذية لليبيا ستواجه تحدياً يتمثل بمواجهة نتائج هذا التشظي.
وفي ظل عدم وجود حاضنة شعبية للتنظيم في ليبيا، فرّ أكثر من أربعة آلاف من مقاتلي «داعش» من مدينة سرت نحو الجنوب، واتجهوا عبر الحدود الليبية نحو الجزائر والنيجر. ومن المرجح أن تكون المنطقة الرخوة في الجنوب الغربي من الصحراء الليبية المحاذية لحدود النيجر والجزائر والقريبة من شمالي مالي ملاذاً آمناً للعناصر الفارة من الحرب ضد التنظيم٬ لتقترب من «جماعة بوكو حرام» في نيجيريا، خصوصاً أن منطقة الجنوب الغربي لليبيا تشهد نشاطاً واسعاً للمهربين والجماعات المسلحة.
ويرى مراقبون محليون أن تنظيم «داعش»٬ وإن بدا في طريقه إلى خسارة معركة سرت٬ ما زال متواجداً بقوة داخل الأراضي الليبية. كما أن الوضع يبدو أخطر بعدما توزّعت خلاياه على امتداد جغرافيا البلد الشاسعة، إضافة إلى أن الدول المجاورة دخلت مرحلة استنفار تام خشية تسلل فلول التنظيم إلى أراضيها، وسط أنباء عن قيام عناصره الفارين من مدينة سرت، بتشكيل خلايا في مناطق أخرى في شمال إفريقيا.