من معركة مرج دابق إلى معركة جرابلس التاريخ يعيد نفسه .. بقلم: غسان يوسف

من معركة مرج دابق إلى معركة جرابلس التاريخ يعيد نفسه .. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الأحد، ٢٨ أغسطس ٢٠١٦

تقول الرواية التاريخية: إن العلاقة التي كانت سائدة بين الدولتين العثمانية والمملوكية كانت مبنية على الودّ، الذي نتج عنه العديد من التحالفات، وأهمها تعاون الأسطولين العثماني والمملوكيّ في حربهما ضد البرتغاليين, لكن الخلافات بين الدولتين بدأت تطفو على السطح مع بدء المشاحنات بين الشاه إسماعيل الصفوي سلطان فارس، والسلطان سليم، حيث سعى كلٌ منهما على حدة لعقد تحالفٍ مع سلطان المماليك قانصوه الغوري لمواجهة الطرف الآخر.
السؤال الآن: هل من باب المصادفة أن يكون هناك تنازع خفي بين إيران وتركيا على سورية؟! هل من باب المصادفة أن تكون معركة مرج دابق جرت في الرابع والعشرين من شهر آب قبل خمسمئة سنة؟! هل من المصادفة أن تكون هناك جماعات سورية تتقمص شخصية خاير بك الحلبية الذي خان قانصوه الغوري بعد أن وعده العثمانيون بحكم مصر؟!
أردوغان يسير اليوم على خطا السلطان سليم يختار التوقيت ويعلن للعالم بدء معركة مرج دابق الجديدة لتكون جرابلس منطلقاً لغزو جديد لسورية قد يستمر لعشرات السنين!!
أردوغان أعد العدة من خلال استقدام مجموعات إرهابية من الصين وروسيا وأوروبا ودول وسط آسيا قام بتدريبها وتجهيزها بالسلاح لتكون الجيش العثماني الجديد الذي يحتل الأراضي السورية, مستخدماً الدهاء والحنكة لتحقيق ما يريد بعد لقائه قيصر روسيا الجديد فلاديمير بوتين في بطرس بورغ بعد أن جمعتهم المصالح الاقتصادية والعداء للولايات المتحدة.
أما الولايات المتحدة التي اتهمها أردوغان بدعم الانقلاب وطالبها بتسليم فتح الله غولن, وجدت نفسها مجبرة لتحقيق أحلام أردوغان في التدخل عسكرياً في سورية وإقامة منطقة آمنة بحسب ما يشتهي (السلطان)!
كل هذه الأمور مجتمعة جعلت دخول أردوغان إلى جرابلس يبدو وكأنه أمر عادي لا اعتراض أميركياً عليه ولا تنفيذ لتهديد الرئيس بوتين بمنع الطيران التركي من التحليق في سورية , ليبدو أن ثمة اتفاقاً بين الاثنين.
الدولة السورية وجدت نفسها مكبلة باتفاق الأصدقاء مع الأعداء، فاتفاق بوتين مع أردوغان أظهر أن التقاء المصالح يبيح المحظورات.
لكن هل سيقف أردوغان عند جرابلس؟ أم إنه سينفذ حلمه بإقامة منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران؟ هل سيكون اتفاق بوتين وأردوغان تضمن هذه الصفقة أيضاً؟!
إذا كان ذلك حصل فعلاً فسورية في طريقها إلى التفتت والتقسيم ولم يكن اتفاق الحسكة إلا المسمار الأول في نعش الدولة السورية, واقتحام جرابلس هو الثاني!