من الأقوى نيران تركيا أم همسات التسوية السياسية؟

من الأقوى نيران تركيا أم همسات التسوية السياسية؟

تحليل وآراء

السبت، ٣ سبتمبر ٢٠١٦

علي مخلوف
تشتعل جبهة الشمال السوري ميدانياً، فيما تُفرد طاولة التفاهمات في الكواليس، أصوات النيران التركية ضد المقاتلين الكرد تكاد تطغى على همسات السياسيين في الأروقة المغلقة، لكن يبقى تأثير الأخيرة أكبر من مفعول قنبلة هيدروجينية!.
يقوم الأتراك الآن بشن حرب على الأكراد السوريين، وسط حيرة المراقبين من الدور الروسي والإيراني والأمريكي أيضاً. ويتسائل البعض.. كيف يسمح الروس والإيرانيون لتركيا بدخول الأراضي السورية؟ هل كان هناك مقابل؟ لماذا غيرت واشنطن من موقفها تجاه الأكراد؟، ألم تكن تغازلهم قبل بدء المعركة الحالية؟، ألم يكن هناك توتر في العلاقات الأمريكية ـ التركية أيضاً؟.
النظام التركي زعم أنه "حرر"400 كم مربع في شمال سورية من سيطرة تنظيم "داعش" والمسلحين الأكراد والمراد هنا واضح، وهو ترويج صورة أنقرة الأردوغانية كمخلص وقوة إقليمية وحيدة يمكن الرهان عليها في قتال "داعش" وكبح جماح الأكراد، لم يقل أردوغان صراحةً هنا بأنه يقاتل لأجل منطقة عازلة بل لأجل تحرير الحدود المحاذية له من الوجود الداعشي والكردي، وهي الذريعة التي يعتمدها الآن للوصول إلى حلم المنطقة العازلة.
الأمريكيون كانوا قد غازلوا الأكراد قبل وقت قصير من بدء أنقرة لعمليتها العسكرية، إذا حاولت واشنطن التظاهر بالحياد، لكن سرعان ما أكدت أنها الحليف الأوثق للنظام التركي، بعد فترة توتر في العلاقات الأمريكية ـ التركية، فما السبب؟!.
على مايبدو فإن البراغماتية الأمريكية وجدت بأن المكاسب التي يمكن أن تحصدها واشنطن من خلال الأتراك أكثر مما يمكن أن تكسبه مع الأكراد، حلم المنطقة العازلة كنوع من الإحراج لروسيا قد تحققه أمريكا بواسطة تركيا المتحمسة للتوغل في الأرض السورية، لا سيما بعد الحديث عن تقارب روسي ـ تركي، وهذا لوحده قد يكون كالصاعق الذي قد يعيد العلاقات إلى توتر جديد، كما أنه سيوفر منطقة نشاط عسكري وعملياتي لم ترد أمريكا إقامتها بنفسها عسكرياً، في ظل وجود واجهة وأداة متمثلة بتركيا مستعدة للقيام بذلك دون مخاطرة واشنطن بإرسال أيٍ من جنودها إلى هناك.
وفيما يتعلق بالموقف الكردي فقد استغرب صالح مسلم رئيس "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري المواقف الأمريكية الأخيرة نحو "قوات سورية الديمقراطية" و"وحدات حماية الشعب" واصفاً إياها بالغامضة والمثيرة لعلامات الاستفهام.
بدورها حذرت روسيا الأتراك من اختيار الأهداف التي تصب نيرانها عليها، وضرورة أن لا تكون تلك الأهداف ذات خلفية عرقية قاصدةً بذلك الأكراد، وقالت موسكو على لسان الناطقة باسمها ماريا زاخاروفا إن عصابات "جيش التحرير و"لواء صقور الجبل" و"فيلق الشام" المنضوية تحت اسم "الجيش الحر"، بالدعم المالي واللوجستي الخارجي، وبالدرجة الأولى من جانب تركيا، توسع نطاق هجماتها إلى جنوب وغرب جرابلس وتشتبك مع القوات الكردية، لافتةً إلى أن قيادة تحالف "قوات سورية الديمقراطية" قررت تأجيل تحضير العملية ضد معاقل "داعش" في الرقة بغية التركيز على مواجهة "العدوان التركي" ما يعني بأن روسيا تعتبر الهجوم التركي على الأكراد يصب في صالح تنظيم "داعش" بطريقة أو بأخرى، فهل سيؤدي تصريح زاخاروفا إلى عودة التوتر بين أنقرة وموسكو؟
ومع الحديث عن اقتراب إعلان كل من موسكو وواشنطن لتسوية سياسية حول الملف السوري، والحديث عن زيارة مرتقبة لمسؤولين أمنيين سوريين إلى موسكو ولقائهم بنظرائهم الأتراك تمهيداً لمصالحة ما بين دمشق وأنقرة بحسب ما ورد في صحيفة السفير تبقى التساؤلات مفتوحة عن ماهية الحل وما هو المناخ الذي أدى بأنقرة إلى الدخول في عملية عسكرية ضمن الأراضي السورية؟ خلال هذا المشهد السياسي والميداني، إلى من سترجح الكفة إلى أصوات النيران أم إلى همسات التسوية السياسية، المراقبون يرجحون الأخيرة، فلنأمل ذلك.
عاجل