الميدان السوري نحو متغيرات جذرية..بقلم: عمر معربوني

الميدان السوري نحو متغيرات جذرية..بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الأحد، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٦

بيروت برس -
صار واضحًا وبشكل قاطع ان زمن التسويات بات بعيد المنال بعد سقوط التفاهم الروسي – الأميركي الأخير، حيث نرى تصعيدًا كلاميًا يصاحبه تصعيد ميداني وخصوصًا في جبهات مدينة حلب واريافها، وهو عنوان المرحلة القادمة مع جبهات أخرى ستشهد تصعيدًا وتوجهًا نحو الحسم لإرساء قواعد إشتباك جديدة تتجه بالأمور نحو رسم خرائط سيطرة على نحو غير مسبوق وهو ما يشبه شد الحبال والعض على الأصابع. فمقابل الهجمات التي يشنها الجيش السوري في حلب والتي استهدفت هذه المرة مفاتيح الأحياء الشرقية للمدينة عند جبهة الشيخ سعيد بعد سلسلة من الوثبات للجيش السوري في منطقة الراموسة، نرى هجمات مركزة وكبيرة للجماعات المسلحة في ريف حماه الشمالي في محاولة من هذه الجماعات لتحقيق انجازات ميدانية تجعل ميزان القوى ثابتًا في الحد الأدنى بنتيجة قناعة هذه الجماعات ان الجيش السوري على مشارف الدخول بمعركة حسم تنهي سيطرة الجماعات المسلحة على الأحياء الشرقية لمدينة حلب.

في الجانب السياسي، ورغم الحرص الروسي على انجاح التفاهم مع الأميركيين، إلّا ان الأمور تسير عكس الرغبة الروسية حيث لم تستطع الإدارة الأميركية شكلًا ان تحسم موضوع الفصل بين الجماعات المتشددة والمعتدلة بحسب التوصيف الأميركي، واستخدامي لكلمة شكلًا تعني امرًا لا يمكن لعاقل ان ينفيه وهو عدم رغبة اميركا بتنفيذ هذا الفصل لإرتباط الموضوع بمسار طويل من المناورات والخدائع والخبث تمارسه الإدارات الأميركية المختلفة بهدف تحقيق مكاسب ميدانية لمصلحة الجماعات المسلحة تزيد قدرة استثمار الإدارة الأميركية في الفوضى، وتاليًا الوصول الى تحقيق كامل اهداف المخطط الأميركي في المنطقة الذي لا يمكننا الإدعاء انه قد فشل، إلّا انه في المقابل تتم اعاقته ومقاومته من محور المقاومة وروسيا. حيث استطاع هذا المحور ان يعيق المخطط الأميركي ويجبر المخططين على القيام بتعديلات دائمة ومستمرة بسبب الصمود المتواصل وتحقيق توازن ميداني يعمل محور المقاومة على كسره وتحقيق التفوق الميداني والوصول الى حل سياسي يرسي معالم سوريا والمنطقة على نحو مغاير للمخطط الأميركي الذي بدأ بالتحول من مسار حتمي الى رغبة، وهو بحد ذاته انتصار سيؤسس اذا ما استمر تتابع الإنتصارات الى حسم للحرب بكليتها رغم كل الدمار الذي حققته هذه الحرب، وهو للأسف انجاز يُحسب للإدارة الأميركية والكيان الصهيوني بالإشتراك مع منظومة العدوان الإقليمية من السعودية وقطر الى تركيا والأردن، حيث ستكون عملية اعادة البناء بعد تحقيق الإنتصار الناجز عملية معقدة وصعبة وطويلة ولا تقل اهمية في متابعة مراحلها عن مراحل الحرب منذ بدايتها الى نهايتها.

وبالعودة الى تفاصيل الميدان، فإن ثلاث جبهات رئيسية تشكل زخم الإشتباك الحاصل وهي جبهات حلب وريف حماه الشمالي والريف الغربي للعاصمة دمشق.
في حلب بدأ الجيش السوري بالضغط على الجماعات المسلحة من محور مخيم حندرات شمال شرق المدينة ومن محور الشيخ سعيد جنوب غرب المدينة، ويُتوقع ان يبدأ الجيش السوري ايضًا بالضغط من جبهات المدينة الداخلية للوصول الى تحقيق عملية تقطيع مفاصل وعزل بين احياء حلب الشرقية بالتوازي مع تفعيل التسويات والمصالحات التي تعمل جبهة النصرة وحركة نور الدين زنكي بشكل رئيسي على عرقلتها.

في ريف حماه الشمالي استطاعت الجماعات المسلحة ان تتابع تقدمها الذي بدأ مع السيطرة على مدينة مورك منذ اشهر، والهدف الرئيسي هو الضغط على مطار حماه العسكري احد اهم المطارات في سوريا والضغط على عقدة الربط الجغرافية بين مدينة حماه والسلمية ومدينة محردة، وهو امر بغاية الخطورة سيؤثر على مسار الميدان في مناطق ريف حماه وسهل الغاب وحلب كون الطريق الواصل الى حلب يمر عبر هذه العقدة الجغرافية والتي لا يمكن حمايتها الا بإعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل اشهر.

في الريف الغربي للعاصمة دمشق، وبعد حصول تسوية داريا وانهاء الوضع في المعضمية باتت الأولوية للجيش السوري مواصلة القتال في منطقة خان الشيح ودروشا والدرخبية وزاكية التي بتحريرها يُصبح الربط بين دمشق والقنيطرة متاحًا عبر اوتوستراد السلام، ويمنع الجماعات المسلحة من شن هجمات مترابطة ومتزامنة ويتحول اي هجوم لاحق كهجوم قادسية الجنوب الأخير الى هجمات جبهية يمكن للجيش السوري مواجهتها عبر استخدام قوات كبيرة موجودة في محيط خان الشيح ودروشا والدرخبية في عمليات الزج القتالية.

في التوقعات، ان الجيش السوري سيحقق نتائج ايجابية في حلب وريف دمشق الغربي، ويتمكن من تثبيت المواقع في ريف حماه الشمالي في حدودها الحالية اقله في الزمن المنظور، وهذا كله يندرج في سياق التصعيد الذي سيكون مواكبًا للأسابيع القادمة.