تركيا بين حسابات اليوم وأوهام الأمس

تركيا بين حسابات اليوم وأوهام الأمس

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١١ أكتوبر ٢٠١٦

 تحسين الحلبي

منذ بداية الأزمة في سورية اختار (أردوغان) سياسة تركية وظفتها واشنطن وفرنسا ضد سورية ولم يدرك الثمن الذي دفعه الأتراك من هذه السياسة المعادية لسورية فها هو أردوغان لا يكاد يخرج من أزمة حتى تظهر له أزمات تتولد عنها كان آخرها الانقلاب العسكري الفاشل الذي تواطأت معه واشنطن نفسها التي تحالف معها…
وفي يومنا هذا يتساءل محللون أوروبيون وأميركيون عما إذا كان (أردوغان) سيتجاوب في سياسته المقبلة بعد اجتماعه مع الرئيس الروسي بوتين في اسطنبول في مؤتمر الطاقة المتجددة مع الدعوة الروسية والإيرانية بالتوقف عن سياسة التدخل العسكري وغير العسكري في سورية… ويرى البعض أن الفرصة التي ستوفرها روسيا وإيران لأردوغان في الاجتماعات التي جرت في إسطنبول أمس لن تتكرر مرة أخرى إذا ما فوت أردوغان هذه الفرصة…
فروسيا تسعى إلى التوقيع مع أردوغان في بداية العام المقبل بعد شهرين على اتفاقية استثمارات روسية يقول (أليكس أوليو كاييف) إنها جاهزة للتوقيع في كانون الثاني 2017.
والكل في تركيا والمنطقة يدرك أن خيارات أردوغان ضيقة باتجاه أوروبا والغرب من ناحية اقتصادية، وإسرائيل عقدت صفقات غاز مع اليونان وقبرص ولن تتمكن أي صفقة أخرى من سد حاجات تركيا للغاز الإسرائيلي.
ويبدو أن زيادة عدد الأبواب المغلقة في وجه أردوغان وخشيته من مضاعفات أزماته في الداخل وعلى حدود دول الجوار من العراق إلى سورية إلى إيران قد تحمله على إعادة حساباته تجاه الجوار السوري. وهذا على الأقل ما يتوقعه محللون في تركيا إذا ما أراد أردوغان كسب الوقت الذي لم يعد يعمل في مصلحته خصوصاً بعد أن لاحظ أردوغان بنفسه أن موسكو حذَّرت واشنطن بعدم اللعب في النار ضد الجيش السوري.
ولن تتردد هي والجيش السوري بالتعامل مع التدخل العسكري التركي فوق الأراضي السورية بقوة لا تخشى أرودغان ولا من يقف إلى جانبه.
فقد تمكن التحالف الروسي- السوري من التصدي لأي خطة لفرض حظر جوي فوق أي منطقة في سورية وهذا ما أدركه قادة الجيش التركي الجدد وأردوغان نفسه…
ويرى المحللون في إسرائيل أن أكبر الخاسرين من نتائج سياسة حافة المواجهة بين موسكو وواشنطن هما إسرائيل وتركيا اللتان تعتمدان على هيبة ومكانة قوة أميركا في المنطقة. وكان (غاريت بورتر) الكاتب السياسي الشهير قد كتب أمس تحت عنوان: «سياسة أوباما تجاه سورية ووهم القوة الأميركية في الشرق الأوسط» أن الدور الذي قامت به قطر والسعودية وتركيا ضد سورية وإرسال الأسلحة والمال إلى الإسلاميين المتشددين فيها جعل العالم كله ضد هذه المجموعات وأن ما قامت به هيلاري كلينتون حين كانت وزيرة للخارجية في عام 2012 لم يحقق سوى الدمار في سورية والإحباط للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
وبالمقابل يلاحظ مسؤولون في إسرائيل أن التماسك والصلابة اللذين ظهرا من التحالف الروسي- السوري- الإيراني لم يقابله تماسك في دول التحالف الأميركي ضد سورية بعد التهديدات المتبادلة بين واشنطن وموسكو لأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة عام (1991).
فقد ردت روسيا بقوة على التهديد الأميركي الذي أعلن فيه المسؤولون في واشنطن عن احتمال قيام الجيش الأميركي بتوجيه ضربات للجيش السوري وزادت روسيا خلال الفترة الماضية من تعزيز قدرات عسكرية جديدة على الأراضي السورية وهذا ما سوف يجعل حوار بوتين- أردوغان يختلف عن أي وقت مضى ودفعه إلى إعادة أي حسابات كان قد استند إليها من قبل…
الوطن