الرئيس الأسد والخيارات الأمريكية .. بقلم: سامر عبد الكريم منصور

الرئيس الأسد والخيارات الأمريكية .. بقلم: سامر عبد الكريم منصور

تحليل وآراء

الخميس، ١٣ أكتوبر ٢٠١٦

 سيكون "يوماً سيئاً لروسيا..!"، قال السفير البريطاني وهو يدخل إلى جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لمشروعي القرارين الفرنسي والروسي حول الأزمة السورية. لم يكن مصير القرارين مفاجئاً، كانا محكومين بالفشل. يدّ "الفيتو" الروسي ارتفعت مجدداً ضدّ مشروع القرار الفرنسي، الذي بدا كخطة انقاذ فرنسية للتنظيمات الإرهابية، تطالب في أحد بنودها، بوقف فوري للعمليات الجوية العسكرية في حلب. قرار "لا يعكس الاحترام الكامل لسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا"، قال المندوب الصيني، الذي وقف إلى جانب مشروع القرار الروسي. المندوب السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، قال بأن مشروع القرار الفرنسي يعكس حنين هذه الدولة إلى ماضيها الاستعماري الأسود، ونيتها بتقويض مقومات الدولة السورية. واعتبر الجعفري أنّ الوضع الحالي في شرقي حلب، كان نتيجة مباشرة لعدم التزم واشنطن بفصل من تصمم على تصنيفهم "معارضة مسلحة معتدلة" عن إرهابيي "جبهة النصرة".

مع رياح "الخطأ الأميركي" ودخان قافلة المساعدات الإنسانية المحترقة، ذهب إتفاق التاسع من أيلول وتداعت الهدنة الهشة، وبدأت عمليات الجيش السوري لاستعادة شرق حلب من التنظيمات الإرهابية. أعلنت الخارجية الأميركية بأنّ روسيا رفضت الدبلوماسية واختارت الحسم العسكري ضد فصائل المعارضة، وأنها تستهدف مع الجيش السوري، البنى التحتية والمشافي وتمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين. وبينما كان وزير الخارجية الأميركي، يشكو من انعدام التهديد باستخدام القوة في حال فشلت جهوده الدبلوماسية، كانت الـ " واشنطن بوست" تعلن بأن الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات المركزية والهيئة المشتركة لرؤساء أركان القوات المسلحة الأمريكية، بدأت مناقشة الضربات الجوية على مواقع الجيش السوري وخيارات التدخل في سوريا. وزارة الخارجية الروسية، اعتبرت أن تدهور الأوضاع في حلب هو نتيجة فشل واشنطن في فصل "المعارضة المعتدلة" عن "جبهة النصرة"، بينما كان «لافروف» يعلن بأنّ الكثير من الدلائل تدفعه للاعتقاد بأن الخطة الأمريكية كانت، ومنذ البداية، تكمن في الحفاظ على "جبهة النصرة" لاستخدامها في الخطة "ب". كانت المدمرات الصاروخية الروسية في طريقها نحو سورية، حين أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، بأن روسيا اتخذت كل الإجراءات الضرورية لمنع تكرار "أخطاء" التحالف الدولي، مذكراً بمنظومات الدفاع الجوي "إس- 300" و"إس – 400" اللتين تحميان القواعد الروسية في سورية، وتتمتعان بمدى عمل "قد يصبح مفاجأة لأية طائرات مجهولة". ويدعو الولايات المتحدة إلى تحليل دقيق جدا، للتداعيات المحتملة لأية ضربات قد توجهها إلى الجيش السوري. أما الأمم المتحدة فأعلنت بأنها مستمرة في عملها الشاق للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية. بينما كان المبعوث الأممي، دي ميستورا، يعبّر عن استعداده الشخصي لمرافقة إرهابيي شرق حلب مع "كرامتهم وأسلحتهم"، إلى أي مكان يريدون الإنسحاب إليه.

"عليك أن تختار بين الإعدام بالرصاص أو شنقاً"، قال الرئيس الأسد خلال مقابلته مع مجلة «طهران لدراسات السياسة الخارجية»، في توصيفه للسياسة الأمريكية التي تحاول إخضاع الدولة السورية باعتمادها على أداتين إرهابية وسياسية. وأكدّ بأن ما يحصل في سورية سيكون له أثراً كبيراً على الخريطة السياسية العالمية، فانتصار سورية يعني مزيدا من القوة للمحور المستقل في العالم، وهزيمتها يعني هيمنة غربية كاملة على العالم. وفي مقابلته مع قناة « TV2» الدنماركية، قال الرئيس الأسد بأن الجيش السوري تابع اندفاعته لتحرير الجزء الشرقي في حلب من الإرهابيين، بعد فشل الإتفاق الروسي الأميركي، نتيجة غياب الإرادة الأمريكية في مهاجمة «جبهة النصرة»، حليفتها في الصراع السوري. وأكدّ بأنّه ليس لدى الحكومة السورية سياسة لتدمير المشافي، لسبب أخلاقي أولاً، ولكونها تتعارض مع مصلحة الدولة السورية، ويوفر للمسلحين الحاضنة الاجتماعية التي يبحثون عنها. وعبّر عن قلقه من جماعة "الصقور" في الإدارة الأمريكية الذين "يفعلون ما في وسعهم لحدوث مواجهة مع روسيا". وأكدّ على تلازم مساري حلّ الأزمة السورية، المسار العسكري والمسار السياسي، وأنه مستمر مع الجيش ومؤسسات الدولة، وطبقا لمهامهم الدستورية، بالقتال حتى استعادة كامل الأرض السورية.

في مناظرتهما الثانية، اعتبرت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بأن الإنتخابات الحالية من أهم الانتخابات في تاريخ الولايات المتحدة، وأنّ قرارات حاسمة تنتظر الرئيس المنتخب، ستحدد السياسة الأميركية لسنوات أبعد من سنوات حكمه، "فالرهانات الموضوعة على المحك كبيرة جدا"، قالت كلينتون. وأوضحت أنها خلال عملها وزيرة للخارجية الأميركية، كانت تؤيد الحظر الجوي في سورية. وبينت أنها ليست مع حملات عسكرية برية، وأن على الولايات المتحدة الاحتفاظ بقطع من الأراضي السورية كمناطق نفوذ. وأعلنت بأنّ الكثير من التخطيط السري!، يتم الآن من أجل منطقة عازلة مع تركيا، وتدريب الأكراد الذين سيكونون أفضل الحلفاء في استعادة الموصل، وعبّرت عن أملها بأن داعش ستكون خارج العراق مع وصولها إلى البيت الأبيض، أي تجميع داعش في المنطقة الشرقية لسورية على الحدود مع العراق. وتمنت كلينتون أن يتم استهداف البغدادي، لاعتقادها ربما بأن ذلك سيحجب حقيقة دعم الإدارة الأميركية لتنظيم داعش الإرهابي، الحقيقة التي عبّر عنها «دونالد ترامب» حين تساءل مستغرباً غباء السياسة الخارجية الأميركية التي تنذر "داعش" قبل مهاجمته، ولماذا لايقومون بذلك بطريقة سرية !؟. هذا النوع من التساؤلات، دفع هيلاري كلينتون إلى القول بأن ترامب "لا يتمتع بالإنضباط ليكون رئيساً"، وأن هذا ليس رأيها فقط، بل رأي الكثيرين من "المختصين بالأمن القومي الأميركي". رداً على السؤال الأخير في مناظرتهما، الذي طلب منهما تسمية صفة إيجابية في الآخر تستحق الاحترام، قال "ترامب" بأن منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون "مقاتلة حقيقية لا تستسلم".

يعبّر الغرب عن خشيته من محاولة روسية لاستعادة "مجدها السوفياتي"، من رحم الأحداث في سورية وأوكرانيا. ويسعى بكل الوسائل المتاحة إلى شيطنة موسكو، ومحاولة دفعها إلى "حدود يلتسن". أمام التوتر في العلاقات الروسية الأمريكية، يقول وزير الخارجية الألماني «فرانك شتاينماير»: "من الوهم الاعتقاد بأننا أمام الحرب الباردة السابقة. الفترة الحالية مختلفة، أكثر خطورة". لاشكّ بأن الفترة الحالية مختلفة، القبضة الأميركية تتراخى في كثير من مناطق العالم. ثمة دول صاعدة تمتلك من القوة والإرادة للدفاع عن مصالحها القومية، بما لا يسمح لحكم أميركي منفرد، كما اعتادت خلال عقدين من نهاية الحرب الباردة. وكما قال الرئيس الأسد بأن ما يحصل في سورية سيكون له أثراً كبيراً على الخريطة السياسية العالمية، فانتصار سورية يعني مزيداً من القوة للمحور المستقل في العالم. وهو ما لن تستطيع استيعابه بسهولة "صقور" الإدارة الأمريكية.