ماذا يقصد رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية من آخر تصريحاته حول الحرب؟

ماذا يقصد رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية من آخر تصريحاته حول الحرب؟

تحليل وآراء

الخميس، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦

تحسين الحلبي

أعلن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الجنرال (هرتسل هاليفي) قبل يومين أن «حرباً مفاجئة على غرار حرب تشرين 1973 يمكن أن تقع ضد إسرائيل مرة ثانية ولذلك نعمل بكل ما وسعنا لكي لا تتكرر ثانية»… كان (هرتسل) يتحدث بحضور عدد من العسكريين والوزير (نفتالي بينيت) بمناسبة الذكرى السنوية لمقتل الرائد (بيني كاتسين) ضابط عمليات كتيبة الدروع (188) التي تلقت ضربة قاصمة أثناء اقتحام الدبابات السورية لمواقع الجيش الإسرائيلي في الجولان في أول أيام حرب تشرين عام 1973.. وتحدث الجنرال (هرتسل) عن الأخطار التي تهدد إسرائيل قائلاً: «ولم يبق لدينا سوى مجابهة هذه الأخطار بشكل صريح» وأضاف: «وفي الحرب المقبلة ستكون نسبة الإصابات والضحايا بين المدنيين الإسرائيليين تزيد على نسبتها عند العسكريين» واختتم حديثه بالقول: «إن المخابرات العسكرية تواجه اليوم مشكلة تتطلب زيادة قدرة ردع إسرائيلي فعال».
وفي إسرائيل ثمة من رأى أن هذه التصريحات تثير تساؤلات عديدة حول مدى تمتعها بحصانة تحول دون مفاجأتها بحرب في ظل هذه الظروف التي يشهدها وضع الدول العربية المحيطة بها فالأردن ومصر ما زالتا تطبقان جميع بنود اتفاقيتي السلام بينهما وبين إسرائيل والعراق مشغول حتى رقبته بالحرب ضد داعش ووجود القوات الأميركية فيه يجعله خارج لعبة الحرب ضد إسرائيل بموجب ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي السابق (يعقوب عميدرور).
إذاً لم يبق أمام إسرائيل سوى جبهتها الشمالية جنوب لبنان وحدود الجولان فهذه الجبهة لا تزال تولد مخاوف جدية لدى رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية (هرتسل) وهو الذي استشهد بما حصل لكتيبة الدروع الإسرائيلية (188) على يد الجيش السوري في حرب تشرين.. فعلى الرغم مما تعرضت له سورية منذ آذار 2011 من عدوان خارجي وداخلي انشغل بمجابهته الجيش السوري وجميع قوات الأمن والقوى الرديفة إلا أن تصريحات رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية هذه ستظل تحمل مؤشرات واحتمالات لا يمكن تجاهلها..
فهي قد تدل على احتمال وجود نية إسرائيلية لتبرير شن حرب باسم «وقاية إسرائيل من حرب مفاجئة من جبهة الشمال» وقد تدل أيضاً على نية إسرائيل بتكثيف دعمها وإسنادها للمجموعات الإرهابية الموجودة عند حدود الجولان بغطاء إسرائيلي وتوجيهها نحو زيادة إشغال الجيش السوري في تلك المنطقة ومحاولة توسيع سيطرتها هناك.
ومع ذلك لا يمكن أن نتجاهل التوقيت الذي أعلن فيه رئيس المخابرات العسكرية (هرتسل) عن إمكانية سقوط إصابات وضحايا بين المدنيين الإسرائيليين في أي حرب مقبلة فهو يدرك أن أي حرب كهذه على جبهة الشمال ستشهد إطلاق صواريخ بعشرات الآلاف على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وخصوصاً بعد أن اعترف أكثر من مسؤول عسكري ومنهم رئيس الأركان (آيزنكوت) بأن صواريخ حزب اللـه التي يمكن أن تطلق ضد مدن إسرائيل سيزيد عددها على عشرات الآلاف وأن سورية لا يزال لديها صواريخ حديثة لم تستهلكها في حربها ضد المسلحين داخل سورية. وبالمقابل أشار (عاموس يادلين) رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق إلى أن الوجود الروسي العسكري المتزايد بأسلحة حديثة وذخائر جديدة سيوفر للجيش السوري رصيداً كبيراً من القوة النارية والصاروخية إضافة إلى أنظمة الصواريخ الحديثة المضادة للطائرات. وهذا يعني بموجب ما ذكره محللون سياسيون في الصحف الإسرائيلية أن الزمن الذي طالت فيه الأزمة السورية لم يعد يخدم المصالح الإسرائيلية لأن سورية قبل تلك الأزمة لم تصلها أنظمة دفاع جوي وأسلحة متطورة مثل التي بدأت تتدفق عليها منذ عام.. ويعترف عميدرور أن الجيش السوري وقوات حزب اللـه اكتسبوا خبرات في الحرب الصاروخية وحرب المدفعية أكثر من أي وقت مضى.
وما زال السؤال الذي يفرض نفسه بعد تصريحات (هرتسل) هو: هل تعني تصريحاته أن على إسرائيل التفكير بحرب وقائية أم أن عليها الاعتراف بتغير طرأ على قواعد حساباتها تجاه جبهة الشمال؟.