من يستحق..؟.. بقلم: سامر يحيى

من يستحق..؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ٢٩ أكتوبر ٢٠١٦

الشعار المعتاد لكل مسؤولٍ عند استلامه مهامه "توفير الهدر وضغط النفقات"، وضرورة توزيع الدعم لمستحقيه، ولكن يا ترى كل منا يرى نفسه يستحق، فكيف سيميّز من يستحق ممن لا يستحق، وكيف تتم عملية مكافحة الهدر وضغط النفقات إن لم يبدأ كل منا بتطبيقها على ذاته أولاً.
 هذه التساؤلات المطروحة والتي بحاجةٍ لجواب دقيق منطقي وواقعي، ولاسيما من المسؤول قبل البدء باتخاذ القرار، لأننا منذ سنوات طويلة ونحن نقوم بالتجارب، ومعظمها تأتي بنتائج سلبية، وأغلبية النجاح يكون بسبب السير الطبيعي للحياة، رغم أن الجميع يدّعي أن الشغل الشاغل له ضغط النفقات ومنع الهدر، ولكن يا ترى هل أحد تساءل ما الطريقة الأسلم لضغط النفقات ومنع الهدر للحظ ذلك في الموازنة القادمة، ولتفادي مجالات الهدر والنفقات غير المطلوبة بشكلٍ تلقائي وروتيني؟! هل حصلت جلسات نقاش جدية وحقيقية بين القائمين على المؤسسة والعاملين فيها وواضعي الموازنة بنقاط الإيجابية والسلبية، والبحث بأفضل السبل لتحقيق إيرادات فعلية للمؤسسة، وتخفيض النفقات والهدر، بدلاً من نقل موازنة العام السابق وزيادتها تحت حجج زيادة الأسعار، بعيداً عن الجدية، ولاسيّما أن أبواب ضغط النفقات ومنع الهدر كثيرة وبسيطة وليست بحاجة إلى قرارات ولا توجيهات؟؟ فقط الضمير الوطني الحي، والإنساني وأن يعتبر الموظف أنّ هذه المؤسسة ربحها ربحاً للوطن، وخسارتها خسارةً للوطن، فعلى سبيل المثال توفير الطاقة ليس بفرض الظلام، ولا بتعطيل العمل، إنّما باستخدام الطاقة الصحيحة بالمكان الصحيح، وكذلك ترشيد استخدام القرطاسية ولاسيّما الورقيات بالتقليل من الهدر وليس بمنع تأمينها، مع انتشار الحواسب الآلية في كل المؤسسات، وممكن أن توزع الكثير من التعاميم والقرارات والأوامر والوثائق عبرها، ترشيد عمل لجان  الشراء من خلال التدقيق الحقيقي على أرض الواقع بدلاً من التنظير واختيار البضائع المحلية الصنع، ولاسيّما التابعة لمؤسسات القطاع العام وما أكثرها، بل يمكن إقامة المعامل والمصانع استناداً إلى كمية الاستهلاك للموارد.
طبعاً هناك بنود كثيرة جداً يمكن ترشيد الاستهلاك وضغط النفقات، ولكن لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تخفيض المكافآت وتعويض طبيعة العمل المنطقية والجدية إلا هدراً، فالموظف الحكومي عندما يبذل جهداً مضاعفاً تلقائياً سيتضاعف إنتاج مؤسسته مهما كانت الظروف المحيطة بها، وتلقائياً يجب أن يعود لمصلحة هذا الموظف أو ذاك.
والتساؤل المحيّر الذي لم يجد إجابة، منذ سنوات طويلة، وهو كيفية عقلنة الدعم، وإعادة توزيعه لمستحقيه؟! من الذي يقرّر من يستحق ومن لا يستحق؟! البعض يقنع برغيف خبز والبعض لا يقبل بأموال الدنيا، ويشكو الفقر وقلة الحيلة، إذاً كيف سيتم توزيع الدخل والدعم للمواطن، بكل تأكيد توجد الكثير من الوسائل والدراسات والأبحاث نحتاج لدراستها بشكلٍ جديٍ ودراسة إيجابياتها ومنعكساتها، ومن ثم نبدأ بتطبيقها على المواطن، فعلى سبيل المثال ـــ تناولت الموضوع في عدّة مقالات، ولكن أورده بشكلٍ أوضح  ــــ عندما ندرس إمكانية إنشاء "صندوق الدعم الوطني" ونفترض أنّنا نقلنا إليه كتلة الدعم في الموازنة العامة للدولة، وكذلك المخصص لصندوق إعادة الإعمار، بالإضافة للتبرّعات ولاسيما من المغتربين السوريين، وبعض أرباح وعائدات شركات القطّاع العام، أو فرض طابعٍ لمصلحة الصندوق، ومن ثم تدرس إمكانية توزيعها على أساس راتبٍ شهري لكل مواطنٍ عربي سوري مقيم على أراضي الجمهورية العربية السورية، استناداً للبطاقة الشخصية والرقم الوطني، وبذلك يضمن عدم التهرّب والتهريب والسرقة باسم المواطن السوري، وذلك عندما تتم مقاطعة معلومات عبر البطاقة الشخصية والرقم الوطني، مع الجهات المتخصصة، كالهجرة والجوازات والأحوال المدنية والجنائية، وغيرها من الجهات صاحبة الاختصاص، وتتمّ مراجعة البيانات إلكترونياً لمنع الازدواجية أو السحب غير المبرّر، أو سحب من مواطن وهو مغترب، وتتمّ تصفية حسابات الصندوق كل ثلاثة أشهرٍ كحدٍّ أقصى ليتمكن المواطن مهما كانت ظروفه قاسية من سحب الأموال المخصّصة له، وكذلك الأمر ينطبق على السيارات فكل سيارةٍ لها رقم خاص وسجل خاص، وبالوقت نفسه يمكن حصر المواشي والمراعي والمداجن التي تخصص منتجها لمصلحة مؤسسات الدولة والبيع ضمن إطار القطّاع الوطني، وغيرها من القطاعات التي يمكن دراستها من قبل متخصّصين من  المجالات كافة ومن دون استثناء أحد، والاستفادة من وجود كاميرات رقابة لدى الكثير من مؤسسات الدولة ومحطات المحروقات وغيرها لمراقبة السجلات ومنع عملية التهرّب والتهريب والتلاعب بقوت الشعب والقطاع العام.
بكل تأكيد قد يرى البعض هذه الأفكار ضرباً من الخيال، وتأخذ الكثير من الجهد والوقت، مع أنني من أنصار أن تتم الدراسة التنفيذية الكاملة، ومن ثم التطبيق لكي يتم تفادي كل السلبيات قبل أن تبدأ، لا بعد أن نعمم التجربة.. والشعب السوري قادرٌ على العطاء والإبداع مهما كانت الظروف المحيطة به، ومهما كانت نادرة الموارد المتاحة له، ويمكن الاستفادة من التحويلات للمغتربين، والاستفادة من السفارات في الدول التي من الصعب التحويل منها، وبذلك يتم تحويل جهد الجالية لخدمة الوطن، ويكون دور السفارات مهما كان الضغط عليها والازدحام على أبوابها هو خدمة المواطن وتلبية متطلّباته ولاسيما في هذه الظروف، وأن يتذكّر كل منا أن الجندي منذ سنوات لم يرَ أهله ويعاند البرد والحر، ليقوم بواجبه الذود عن حياض الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، فعلى الأقل نكون كما هذا الجندي ولكن الفرق نحن نتقي البرد والحر، ونأكل ونشرب براحةٍ وهناء، ونعيش بسعادة مهما كانت الظروف سلبيةً حولنا، لنتمكّن من تفعيل دور كل مؤسسة ومواطنٍ لطرد الإرهاب والفساد، وقطع الطريق على من تسوّل له نفسه استنزاف خيرات وطننا وموارده المادية والبشرية.. الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية.