بين خطأ إيراني وخطأ أميركي.. بقلم: رفعت البدوي

بين خطأ إيراني وخطأ أميركي.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ٣١ أكتوبر ٢٠١٦

الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية روسيا وسورية وإيران في موسكو أعاد إلى أذهاننا صورة المرحلة التي أعقبت اجتماع الرئيس بشار الأسد والرئيس أحمدي نجاد والأمين العام لحزب اللـه السيد حسن نصر اللـه في دمشق عام 2010 التي أدت إلى اتخاذ قرار حاسم في مواجهة المخططات الغربية المرسومة للمنطقة.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال خلال مؤتمر صحفي مشترك في موسكو: لقد اتفقنا أن تكون سورية الوحيدة التي تقرر مصيرها ونحن ندعم الخيار السوري مهما يكن.
هذا التصريح لوزير الخارجية الإيراني جاء عقب امتعاض شديد أصاب القيادة السورية إضافة لمختلف القطاعات السورية من تصريحات قائد الحرس الثوري «جعفري» حين قال إن إيران هي من تقرر مصير سورية والدول الكبرى لا بدّ أن تتفاوض معنا بهذا الخصوص.
مما لاشك فيه أن تصريحات ظريف جاءت لتدحض ما صرح به «جعفري» وللتأكيد بصورة لا لبس فيها على حرية وسيادة القرار السوري ولتصحيح «(خطأ)» غير مبرر ارتكب من بعض أجنحة الحكم في إيران سبب ردود فعل سورية روسية غاضبة.
وزير الخارجية السورية وليد المعلم قال إن الدول التي تآمرت على سورية لم تزل تمعن في مخططها الهادف إلى تقسيم سورية واستنزافها عبر استمرار تزويد المنظمات الإرهابية بالأسلحة وعدم قدرة الولايات المتحدة الوفاء بالتزاماتها بالعمل على إنجاح الهدنة، وأضاف: لقد صبرنا ما فيه الكفاية وأن لصبرنا حدوداً ولن نسمح بنقل الإرهابيين من العراق إلى سورية واتخذنا قراراً ثلاثياً سورياً روسياً إيرانياً للحؤول دون ذلك وبمواجهة الإرهاب وإنهائه.
سيرغي لافروف قال إننا في صدد إعادة استئناف وضع خطط بديلة من المفاوضات لأن أميركا أفشلت كل السبل والاتفاقيات التي توصلنا إليها لمحاربة الإرهاب وأن أميركا تكذب وتضلل الرأي العام ولن نسكت عن ذلك وأضاف لافروف، إنه يجب علينا مواصلة الحرب ضد الإرهاب لأن احتمالات خسارة الحرب على الإرهاب ما زالت قائمة ليس في سورية فقط إنما في الشرق الأوسط، وأضاف إن معركة تحرير الموصل في العراق ستكون لها انعكاسات مؤثرة في الحرب في سورية ونراقب الوضع في الموصل من كثب.
لم يكن بالأمر العادي طلب قائد الأركان الروسي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر وسائل الإعلام إذناً مباشراً باستئناف الضربات الجوية في حلب ومحيطها لأن العرف العسكري يقضي بإعطاء قائد القوات الروسية الصلاحيات الواسعة لاتخاذ القرار العسكري المناسب حسبما تقتضي الحاجة الميدانية أو التنسيق المباشر مع وزارة الدفاع الروسية بدلاً من رئيس الدولة، إنما الإعلان عن طلب الإذن باستئناف الضربات الجوية مرفقاً بتصريح واضح جاء على لسان الناطق باسم الرئاسة الروسية «ديميتري بيسكوف» الذي أوضح فيه أن الرئيس الروسي بوتين لا يستعجل استئناف الضربات الجوية في الوقت الحاضر بل إن بوتين يفضل العمل على تمديد الهدنة الحالية.. هذا الكلام هو بمنزلة رسالة واضحة بأن الأبواب لم تغلق بشكل كامل أمام إنجاز تسوية ما يعمل على إنجازها تقضي بانسحاب المسلحين وتسهيل خروج المدنيين من شرق حلب تمهيداً لاستعادتها بالكامل، إما بإنجاح التسوية وإما عبر المعركة الكبرى.
قاعدة حميميم العسكرية التي تضم المركز الرئيسي للمساندة والدعم الروسي تعرضت للمرة الأولى منذ إنشائها إلى قصف عنيف بواسطة صواريخ متطورة حصلت عليها التنظيمات الإرهابية مؤخراً.
إذاً الرد جاء برفض مبادرات التسوية في حلب ولم يعد يبقى أمام القيادة السورية والروسبة والإيرانية والحلفاء إلا اتخاذ القرار القاضي بحسم الأمور قبل مجيء إدارة أميركية جديدة من أول أهدافها إطالة الأزمة واستنزاف الجميع ووضعهم أمام الأمر الواقع.
بين معركة الموصل في العراق ومعركة حلب في الشمال السوري تتمايل المنطقة على فالق الزلازل الذي غالباً ما يخلف انشقاقات وتقطيع أوصال في الجغرافيا الممتدة من العراق وصولا لسوريه تمهيداً لرسم خرائط جديدة تتضمن إنشاء كيانات فيدرالية ودويلات ذات طابع ديني مذهبي يجري العمل على تثبيتها بدعم أميركي تركي خليجي إسرائيلي مشترك ومن هنا نكتشف هدف الغارة الأميركية عن طريق (الخطأ) المقصود على مواقع الجيش العربي السوري في دير الزور في محاولة مكشوفة لرسم حدود النفوذ والاقتطاع من الجغرافيا بين العراق وسورية لإقامة دولة «الخلافة الإسلامية» الموعودة أميركياً.
نحن أمام مرحلة تصعيدية صعبة تتطاحن فيها محاولات إنجاح المؤامرة مقابل محور المقاومة الذي قرر عدم الاستسلام ومحاربة مشروع التفتيت حتى النهاية.