تحرير الموصل .. وجدول العمل العراقي المقبل

تحرير الموصل .. وجدول العمل العراقي المقبل

تحليل وآراء

الخميس، ٣ نوفمبر ٢٠١٦

تحسين الحلبي

يبدو أن الإدارة الأميركية لجأت إلى إجراء تغيير تكتيكي في إستراتيجيتها- الأميركية- الإسرائيلية الهادفة إلى خلق شرق أوسط كبير بعد أن فشل العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 على جنوب لبنان ضد المقاومة اللبنانية في فتح الطريق أمام تنفيذ هذه الإستراتيجية، فقد بدأت واشنطن منذ بداية ما يسمى الربيع العربي بتسخير أنظمة الحكم في السعودية وقطر وتركيا لفتح الطريق من جديد لهذه الإستراتيجية، وبدأت السعودية كما شاهد الجميع باستقبال الرؤساء المخلوعين من دول متحالفة مع واشنطن مثل زين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح في بداية مرحلة «الربيع العربي» في اليمن، وبالاستعداد الذي أعلنت عنه السعودية لاستقبال مبارك، وإضافة إلى ذلك تولت العائلة المالكة السعودية والقطرية بإشراف أميركي مباشر تقديم المال والسلاح والملجأ السياسي لجميع المنظمات الإرهابية في المنطقة لإعادة تشكيلها ديموغرافيا وسياسياً أي لتقسيمها بموجب مشروع الشرق الأوسط الكبير.
فسورية والعراق واليمن بشكل خاص تقاتل الإرهاب الذي توظفه الرياض وقطر وأنقرة بإشراف أميركي لتقسيم واقتسام أراضي هذه الدول ولذلك بدأت تظهر ملامح الصراع والتنافس على مرحلة ما بعد تحرير الموصل بين الأطراف التي تشارك في عملية تحريرها إلى جانب الجيش العراقي، فتركيا التي لا تشارك قواتها في هذه المعركة في أعقاب إصرار بغداد على منع مشاركتها تسعى إلى فرض أوراقها في الموصل الجديدة المحررة وهذا ما يسعى له قادة إقليم كردستان العراق وبشكل لا يتفق مع برنامج الحكومة العراقية صاحبة السيادة على الموصل… ولا أحد يشك في أن السعودية تعمل بدعم أميركي على أن يكون لها دور وورقة في الموصل المحررة من خلال خطتها الطائفية واللعب على أوتارها لتقسيم منطقة (نينوى) التي تعد الموصل محافظتها المركزية… ففي آخر زيارة قام بها (جو بايدين) نائب الرئيس الأميركي في نهاية نيسان الماضي ظهرت أنباء في مواقع إلكترونية في إقليم كردستان العراق تدعو إلى تقسيم منطقة نينوى إلى ثلاث مناطق: إحداها كردية يزيدية في سنجار وأخرى مسيحية في سهول شمال نينوى وأخرى لسكان الموصل السنة، والمعروف أن (بايدين) لم يزر بغداد منذ خمس سنوات وجاءت زيارته بموجب ما كشفت صحيفة نيويورك تايمز في نيسان الماضي للاتفاق على خطة تحرير منطقة نينوى والموصل، والمعروف أن (بايدين) كان قد أعلن عن خطة قبل أن يصبح نائباً للرئيس لتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق بين الأكراد والسنة والشيعة، وكان العقيد المتقاعد (رالف بيترز) المسؤول عن تحليل الوضع في الشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأميركية قد وضع مشروع خطة جرى اعتمادها عام 2006 لتقسيم دول المنطقة بما في ذلك العراق وأصبح (بايدين) كنائب للرئيس المسؤول الأعلى عنها، ويخشى في هذه الظروف التي تمر بها معركة تحرير الموصل أن تحاول واشنطن فرض هذا التقسيم على منطقة نينوى- الموصل من خلال وكلائها المحليين والإقليميين لنقله كنموذج على جزء من أراضي العراق في هذه المرحلة.
ولذلك يعتقد جميع الذين يقاومون مشاريع التقسيم في المنطقة أن إحباط المشروع التقسيمي الذي يستهدف نينوى- الموصل بعد التحرير سيصبح من أولويات هذا المحور على مستوى العراق وعلى مستوى المنطقة وفي مقدمة جدول عمل الشعب العراقي وقوات الحشد الشعبي العراقية.
وإضافة إلى ذلك يبدو من الواضح أن الانسجام والتنسيق القائمين بين قيادة الجيش العراقي وقيادة قوات الحشد الشعبي سيشكلان أهم قوة موحدة للحكومة العراقية في مجابهة وكلاء الولايات المتحدة ومخططهم لتقسيم منطقة نينوى، وسيتوقف انتصار العراق على داعش وحلفائها على مدى نجاح حكومة العبادي في المحافظة على سيادة أراضي العراق ووحدة الشعب العراقي.