بين «دي ميستورا» و«روغوزين».. بقلم: رفعت البدوي

بين «دي ميستورا» و«روغوزين».. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الخميس، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٦

 شهدت سورية خلال أسبوع واحد حدثين بارزين الأول هو استقبال الخارجية السورية للموفد الأممي الخاص لسورية «ستيفان دي ميستورا» والثاني هو استقبال القيادة السورية وفداً روسياً دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً رفيع المستوى..

لم تأت زيارة دي ميستورا من فراغ بل إنها كانت مبرمجه ومنسقة مع الدوائر الشريرة التابعة لتلك الدول الداعمة للإرهاب العاملة في الأمم المتحدة وخصوصاً أنها جاءت مع الإعلان عن فوز الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» وبعد تصريحاته التي أعلن فيها عن ضرورة التنسيق والتعاون مع الرئيسين الروسي بوتين والسوري بشار الأسد بهدف القضاء على الإرهاب وإيجاد حل سياسي لتلك المجزرة الإنسانية في سورية كما أعلن «ترامب» عن نيته تعيين شخصية تنتمي للحزب الديمقراطي في الإدارة الجديدة مع أن تلك الشخصية من معارضي إسقاط الرئيس الأسد ولأي تدخل أميركي في سورية.
تلك التصريحات أربكت الدول التي كانت تأمل تكملة مشروع التآمر على سورية لو فازت «هيلاري كلينتون» وخاصة تلك الممولة لحملة كلينتون الانتخابية وللإرهاب في الوقت نفسه مالياً وعسكرياً من خلال الأراضي والمصارف التركية كما جاء في تقارير موثقة لبعض الصحف البريطانية
النجاحات والتفوق الميداني للجيش العربي السوري مع الحلفاء واستعادة المبادرة العسكرية من خلال الأطباق وإحكام الطوق على التنظيمات الإرهابية رغم المحاولات المتكررة لفك الحصار المطبق والمحكم بموجات من الهجمات الانتحارية التي باءت بالفشل، جعلت الممولين يدركون أنه لم يعد أمام تلك المجموعات المدعومة من دول الخليج وتركيا وبعض أجهزة المخابرات الأميركية إلا الاستسلام أو الانسحاب إلى إدلب من خلال المعابر المفتوحة أو مواجهة المصير المحتم. أمام هذا الواقع لم تتأخر تلك الدول الداعمة للإرهاب باستنهاض الرأي العام وإعادة البحث في ملف الاتهامات للجيش العربي السوري باستعمال المواد الكيميائية وتصوير الحصار المفروض على الإرهابيين بأنه جريمة حرب، من هنا كانت زيارة دي ميستورا إلى دمشق ليبحث عن إمكانية تنفيذ عملية إنقاذ لتلك التنظيمات الإرهابية واستعداد دي ميستورا شخصياً للعمل على تأمين انسحاب جبهة النصرة ومرافقتهم إلى خارج حلب مقابل إبقاء الإدارة داخل المناطق التي أخليت خارج نطاق نفوذ الدولة السورية وهذا ما رفضته سورية رفضاً قاطعاً لأن مثل هذا الأمر يشكل خرقاً للسيادة السورية ويعتبر نوعاً من فدرلتها التي لن تسمح سورية بحصولها خصوصاً بعد كل التضحيات التي بذلت من دماء أبناء الجيش العربي السوري في مواجهة تلك المشاريع التفتيتية لسورية.
الإعلان عن ذلك الرفض جاء بمؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية السوري «وليد المعلم» في دمشق فور الانتهاء من الاجتماع مع دي ميستورا معلناً دق المسمار الأخير في نعش مهمة دي ميستورا في سورية ولم يعد أمام العناصر الإرهابية سوى مواجهة المصير المحتوم.
أما في زيارة روغوزين فإن استقبال الرئيس السوري بشار الأسد للرجل القوي في موسكو «ديميتري روغوزين» على رأس وفد روسي عسكري واقتصادي رفيع المستوى ليس بالأمر العادي بل يعتبر أمراً استثنائياً ويجب التوقف عنده ملياً نظراً لما يتمتع به «روغوزين» من سطوة وقوة على صعيد القرار الإستراتيجي لروسيا وهو يعتبر من أشد مؤيدي سياسة الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في العديد من الملفات وخاصة الملف السوري ومحاربة الإرهاب في سورية.
روغوزين هو نائب رئيس الحكومة الروسية إضافة إلى أن روغوزين نفسه هو المشرف الرئيسي على برنامج تطوير الصناعات العسكرية والحربية الروسية وخصوصاً الإستراتيجية منها، إضافة إلى أنه من أهم مسؤولي الحكومة الروسية حسب مجلة «فوربس» الأميركية التي وصفته بأنه زعيم صقور السياسة الخارجية الروسية المؤيدة لخيارات روسيا الإستراتيجية وبالأخص أنه الشخصية التي كانت وراء اتخاذ روسيا قرار استرجاع جزيرة القرم وهذا ما أدى بالإدارة الأميركية في عهد أوباما إلى اعتباره من أخطر الشخصيات الروسية والتي أدرجت اسماؤها على قائمة العقوبات المفروضة على شخصيات روسية.
زيارة روغوزين واستقباله بحفاوة لافتة وإجراء محادثات معمقة مع القيادة السورية إضافة لتصريح الرئيس السوري عقب الاجتماع حيث قال إن سياسة روسيا مع سورية ثبتت الدور الروسي وجعلت من روسيا دولة عظمى، ما يقودنا للفهم أننا اقتربنا من بلوغ مرحلة فاصلة سنشهد فيها العديد من المتغيرات الايجابية ميدانياً وسياسياً وإعادة إعمار ستعود لمصلحة الشعب والقيادة السورية.
الوطن