أيها العرب.. ماذا تنتظرون؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

أيها العرب.. ماذا تنتظرون؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الأحد، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦

Bassamk3@gmail.com       
في عام 1982 قدم "أودد ينون"، رجل المخابرات الإسرائيلية الخفي والعقل المدبر للعديد من استراتيجيات حزب الليكود الصهيوني، خطة خطيرة ضمّنها تصوراته لمستقبل العالم العربي نشرتها مجلة "كيفونيم" الإسرائيلية بعنوان: "استراتيجية إسرائيل في الثمانينات" وهي ترتكز على فرضيتين رئيستين:
•    الأولى: أن تكون إسرائيل قوة إمبريالية إقليمية.
•    الثانية: إعادة تقسيم العالم العربي إلى دويلات صغيرة غير فعالة وغير قادرة على الوقوف في وجه هذه القوة الإمبريالية الإسرائيلية، ويرى "ينون" أن يتم تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات طائفية ضعيفة صغيرة:
•    دولة سنية تكون محاذية لسورية، ودولة شيعية تكون في جنوب العراق، ودولة كردية تكون في شمال العراق.
•    وضمن خطة "ينون" للشرق الأوسط الجديد فإن الدولة السنية في العراق سوف يُستقطع لها من الأراضي السورية، كما يُستقطع للدولة الشيعية أراضٍ من جنوب السعودية والكويت، أما الدولة الكردية المرتقبة، بحسب خطة ينون، فإنها سوف تضم أراضي تركية وإيرانية وسورية، إضافة إلى تقسيم سورية إلى أربع دويلات، إضافة إلى تقسيم لبنان ومصر وليبيا والسعودية، حتى يكون الشرق الأوسط الجديد عبارة عن دويلات طائفية ضعيفة لا تستطيع أن تواجه الإمبريالية الإسرائيلية!
ويعتبر "ينون" أن ذلك يرسخ شرعية "يهودية" دولة إسرائيل، بما أن كل طائفة ستكون لها دولة، بحسب خطته التي تقسم البلدان إلى دويلات طائفية، فإن وجود دولة يهودية يصبح مبررًا من الناحية الأخلاقية.
ويقول "إسرائيل شاحاك" الحقوقي الأميركي الإسرائيلي الذي ترجم الخطة للغة الإنجليزية: (إن فكرة تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة بعد سايكس بيكو هي إحدى الأفكار التي طرحت مرارًا وتكرارًا في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي).
في عام 1992 وبعد مرور عشر سنوات من طرح هذه الخطة ظهرت خرائط "برنارد لويس"، المستشرق البريطاني الأصل، اليهودي الصهيوني الذي يحمل الجنسية الأمريكية، وهي تستند إلى خطة "ينون" ومضمونها ينص على تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية عرقية متناحرة وتفتيت الدول العربية الخمس (العراق والسعودية وسورية ومصر وليبيا) إلى أربع عشرة دولة تقسيمًا طائفيًا عرقيًا!
في عام 2006 ظهرت خطة "جو بايدن" عضو مجلس الشيوخ الأميركي، والتي اقترح فيها تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق ذات استقلال شبه ذاتي للشيعة والسنة والأكراد، وهي امتداد لخطة "أودد ينون" وخرائط "برنارد لويس".
يتضح مما سبق أن الأهداف الرئيسة في خطط أميركا وإسرائيل الاستراتيجية لتقسيم المنطقة وإضعافها هو السيطرة الكاملة على شعوبها، وحصرهم في صراعات طائفية وعرقية، وإشغالهم عن معركتهم الحقيقية، ومنعهم من الخروج من الوصاية الأميركية، الأمر الذي يفضي إلى تحقيق حلم الشعوب العربية والإسلامية في العيش كأمة واحدة، وهو الخطر الحقيقي الذي يهدد النظام الدولي، حسب تصورات المخططين الصهاينة والأميركيين.


في عامي 2013 و2014 عاد جو بايدن، وقد أصبح نائباً للرئيس باراك أوباما منذ عام 2008،  ليطرح مشروعه من جديد حول تقسيم العراق بعد أن هيأت أميركا الأرضية المناسبة له، واعتباره حلًا عمليًا لحقن الدماء، وإنهاء للاحتقان الطائفي في الشارع العراقي، وهو ذات مضمون مشروع "أودد ينون" الأول، ومنذ أن طُرح المشروع وأميركا وإسرائيل على المسار نفسه في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي!
السؤال المطروح هنا: ماذا تخبئ إسرائيل والولايات المتحدة لسورية بعد الانتهاء من العراق، وما مستقبل الدول الأخرى التي حددتها خطة "ينون" وخرائط "لويس"؟!
 مخططات التقسيم كُتبت منذ ثمانينات القرن الماضي وتبنتها نخب صناعة القرار في اليمين الإسرائيلي واليمين الأميركي ونشروا خرائطها في كبريات مجلات الدراسات الاستراتيجية العالمية، من دون أدنى قلق من إحباط العرب والمسلمين لتلك المخططات، وقد أثبتت الأيام صحة رؤاهم، فحتى يومنا هذا لم نكترث بها ولم تتعرض لها نخبنا الفاعلة، على المستويات السياسية والفكرية والاستراتيجية والأمنية، فماذا ننتظر؟!