هل نجح الأسد في دفن أحلام أردوغان كما وعد؟

هل نجح الأسد في دفن أحلام أردوغان كما وعد؟

تحليل وآراء

الجمعة، ٢ ديسمبر ٢٠١٦

ماهر الخطيب
 في اليوم السابع من شهر تموز المنصرم، تعهد الرئيس السوري بشار الأسد، في كلمة له أمام مجلس الشعب الجديد، بأن تكون مدينة حلب "مقبرة" آمال وأحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصفه بـ"السفاح"، واليوم على وقع العمليات العسكرية، التي يقودها الجيش السوري مع حلفائه، في أحياء العاصمة الإقتصادية للبلاد، يبدو أن الأسد في طريقه لتنفيذ وعده.

في الفترة السابقة، كان من الواضح أن أنقرة تلعب أوراقها الأخيرة على مستوى المنطقة، حيث سارعت بعد الإنقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته، إلى تطبيع علاقتها مع روسيا، مع ما يعنيه ذلك من تسليم بدور الأخيرة على الساحة السورية، وسعت إلى حجز موقع لها في المعادلة عبر عملية "درع الفرات"، التي كان من أبرز أهدافها منع نشوء كيان كردي على حدودها، لكنها اليوم تجد نفسها أمام جملة من المعادلات التي لا يمكن تجاوزها، فهي لم تنجح بالذهاب إلى معركة الموصل، بسبب إعتراضات الحكومة العراقية، ولم تستطع تحقيق الحد الأدنى من أهدافها في سوريا، نظراً إلى أنها لا تزال تقف على أبواب مدينة الباب.

من وجهة نظر مصادر متابعة لمسار الأحداث السورية، أردوغان هو الخاسر الأكبر، حتى الآن، من التحولات التي تشهدها الأزمة، نظراً إلى التراجع الهائل الذي يشهده مشروعه، من السيطرة على كامل البلاد والرغبة في الصلاة بالجامع الأموي، إلى الطلب من روسيا وإيران السماح له بالدخول إلى الباب، وتشير إلى أن ما يحصل في أحياء حلب الشرقية، في ظل الصمت التركي، الدليل الأوضح على هذا الواقع، بعد أن كانت هذه المدينة البوابة التي تريد أنقرة الدخول عبرها إلى المنطقة، بوصفها لاعباً إقليمياً لا يمكن تجاوزه.

وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن الرئيس التركي يجد نفسه اليوم أمام أزمة مفصلية، فهو يدرك بأن كل ما قامت به قواته العسكرية يكون بلا قيمة في حال عدم الوصول إلى الباب، في حين أن دمشق وضعت له خطوطاً حمراء حول هذه الخطوة، من خلال الغارة التي إستهدفت قواته في الاسبوع الماضي، في وقت كان البرلمان الأوروبي يصوت لصالح قرار يطالب فيه المفوضية الأوروبية، وحكومات 28 دولة هي أعضاء الاتحاد، بتجميد مفاوضات انضمام تركيا مؤقتاً، بسبب الإجراءات الأمنية وحملة الاعتقالات التي اتخذتها أنقرة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

في السياق نفسه، تشير هذه المصادر إلى أن مسار العمليات العسكرية السورية قد ينتقل، في المرحلة المقبلة بعد الإنتهاء من مدينة حلب، إلى محافظة أدلب، مع ما يعنيه ذلك من إحتمال فرار بعض المجموعات المسلحة إلى الداخل التركي، أو إلى الباب للقضاء نهائياً على أي أمل لأنقرة بتحقيق ما تطالب فيه، في حين تبدو تركيا عاجزة عن القيام بأي أمر على المستوى العسكري، نظراً إلى أنها تخشى الصدام مع الجانب الروسي، بالتزامن مع عدم قدرتها على الرهان على أي تحول في السياسة الأميركية الجديدة مع تسلم دونالد ترامب زمام الأمور، خصوصاً أن الأخير كان قد أعلن مسبقاً رغبته بالوصول إلى إتفاق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول الأزمة السورية.

من وجهة نظر هذه المصادر، التحول الأبرز على المستوى التركي هو سقوط صورة "الخليفة" أو "السلطان"، التي سعى أردوغان إلى تعميمها على العالمين العربي والإسلامي في السنوات الأخيرة، وتلفت إلى حملة الإنتقادات التي تعرض لها موقف أنقرة "المتفرج" على ما يحصل في سوريا والعراق، حيث تبين أنها في موقع "العاجز" الذي عاد إلى حجمه الطبيعي من جديد، وتؤكد بأن هذا الأمر سيكون له تداعيات كبيرة على دور تركيا على المستوى الإقليمي في الأيام المقبلة.

وفي حين تشدد هذه المصادر على أن الضربة الأولى التي تعرض لها مشروع أردوغان كانت في مصر، بعد أن قاد الرئيس عبد الفتاح السيسي الإنقلاب على حركة "الإخوان المسلمين"، تعتبر أن أنقرة، في الوقت الراهن، أمام مسارين لا ثالث لهما: تقبل الهزيمة والعودة إلى الداخل لتحصين الواقع الحالي، في ظل رغبة أردوغان بالإنتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، أو المغامرة بتجاوز الخطوط الحمراء لحفظ ماء الوجه، في سوريا أو العراق، مع ما قد تقوده مثل هذه الخطوة من تداعيات، في حال فشلت في تحقيق أهدافها.

في المحصلة، نجاح الجيش السوري في إستعادة السيطرة على حلب يعني بما لا يقبل الشك دفن القسم الأكبر من أحلام أردوغان، لكن هل ينجح في إسقاط مشروع المنطقة الآمنة الذي يسعى إليه في ريف حلب الشمالي؟

النشرة