هل تستفيد إيران من مجيء ترامب؟.. بقلم: أيمن عقيل

هل تستفيد إيران من مجيء ترامب؟.. بقلم: أيمن عقيل

تحليل وآراء

الأربعاء، ٧ ديسمبر ٢٠١٦

الجواب القصير هو لا، على الأرجح. الجواب الأطول يستدعي سلسلة من الرياضات الذهنية التي لا تدّعي وصلاً بالحقائق بقدر ما تحاول تلمّس الطرق المفترضة التي من الممكن أن تسلكها الأحداث التي سيساهم ترامب في صناعتها.
بالنسبة لترامب، تبدو خبراته في كواليس السياسة الخارجية للإمبراطورية الأميركية شبيهة بمهارات الوزير محمد المشنوق في السياسة البيئية، غير ذات صلة. في المقابل، يحضر خصومه الداخليون، «الديموقراطيون» و «الجمهوريون» على السواء، بقوة في التصورات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. سيعني ذلك أن اتجاه حركة التبادل المصلحي بين ترامب وخصومه تخترق الحدود إلى ما وراء البحار في حالة الخصوم وفقط داخلية في حالة ترامب. بمعنى آخر، لن يبالي ترامب كثيرا بأوراقه الخارجية مقارنة بالملفات المحلية على الأرجح وهو سيبادلها بالأخيرة كلما احتاج إلى ذلك.
تبدو السمة الأكثر حضورا للسياسة الخارجية لإدارة ترامب القادمة هي الغموض. هناك بعض التناقض في التصريحات التي تعزز سياق التناقض والافتقار إلى التشكل الناجز. في المقابل، الافتقار إلى نظرية خاصة للسياسة الخارجية لا يعني عدم ممارسة هذه السياسة بل ركونا إلى ممارسة بالمفرق. لذلك من الممكن أن ننتهي إلى نقلات موضعية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة تراعي بالدرجة الأولى المصلحة الواضحة والمباشرة، بالإضافة إلى هاجس تقليص الإنفاق.
إيرانيا، يجب أن لا ننسى أننا لا نزال نعيش في عالم إعلامي «قديم» وتقليدي لجهة ترسيخه للعداء لإيران كأمر أميركي نموذجي. والتعيينات في وزارة الدفاع ووكالة المخابرات الأميركية تشي بتصعيد خطير يلوح في الأفق ضد إيران. الأمر يتعدى التنصّل المُحتمل من الاتفاق النووي الذي لم يتجاوز يوماً صفة الاتفاق التقني والموضعي. لكن مع ذلك، تصريح ترامب مؤخرا في أحد لقاءاته بأنه سمع من الرئيس أوباما وجهة نظر مفادها أن إلغاء الاتفاق النووي سيلحق الضرر بالولايات المتحدة على مستوى الاستثمارات وأيضا على مستوى علاقاتها الدولية في إطار سداسية الخمسة زائدا واحدا يؤشر إلى استعداد لإبداء المرونة في ما يتعلق بهذا الملف الحساس، وربما حزمة العقوبات التي فرضها الكونغرس مؤخرا هي بديل منطقي من الذهاب إلى التنصل الكامل.
بمطلق الأحوال، لا يمكن بناء توقع سياسة إدارة ترامب إزاء إيران بناء على نيات هذه الإدارة. الأخيرة لا توارب في إعلان العداء الصريح. لكن هذه الإدارة ملتزمة أيضا بتخفيض الإنفاق وفي تحسين العلاقة مع موسكو وفي محاربة الإرهاب، وغير معلومة القدرة على التصعيد مع طهران بالتوازي مع التبريد مع موسكو.
في مكان آخر، هناك كيمياء تؤدي جيدا بين ترامب وبوتين. لكن السؤال هو عن قدرة هذه الكيمياء على احتمال عوامل النفور التي لن تتوقف البيروقراطية، الأميركية بالتحديد، على رميها على المعادلة. هذه البيروقراطية لن تتوانى عن تخريب أدنى احتمال تقارب مع موسكو، فالخروج على تقليد عمره ثمانون عاما من الخصومة مع موسكو (تخللته انفرجات محدودة) ليس يسيرا بالتأكيد. وبعيدا عن التفاصيل، في كل مرة يتعين فيها على ترامب أن يفاضل بين الملفات، فإنه سيفضل أن يترك بصمته في الملفات الداخلية على حساب ترك البيروقراطية والنخب السياسية والعسكرية التقليدية تسترسل في تطبيق رؤيتها للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، القائمة على تحدي الروس وحصار الإيرانيين والتصدي «المحسوب» للصين.