بين تركيا البائعة والسعودية الضائعة، سورية تنتصر..بقلم: عمر معربوني

بين تركيا البائعة والسعودية الضائعة، سورية تنتصر..بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الجمعة، ٩ ديسمبر ٢٠١٦

 بيروت برس -

بعد تحرير مدينة يبرود سمّينا ما بعد التحرير بمرحلة ماذا بعد تحرير يبرود للدّلالة على دقّة الوضع وزوال جزء كبير من الخطر على قلب سوريا، وقتها ايقنّا اننا سنكون امام مرحلة ستكون لها تداعيات وترددات ستطرق ابواب العواصم الإقليمية والدولية الداعمة للجماعات الإرهابية، وكنا نعرف اننا سنكون امام مرحلة صعبة ومعقدة وان اثمان كبيرة ستُدفع بنتيجة استمرار المواجهة والتي كنا متأكدين ان قوى الهجمة ستعمل على تسعير نارها اكثر للتعويض عن الضربة المؤلمة التي تلقوها بنتيجة تحرير يبرود .

يوم تحررت يبرود كنا ندرك ماذا نفعل ويكفي ان رئيس شعبة العمليات في الموساد الصهيوني يومها ذرف دموعاً على جهود وإمكانيات هائلة وُضعت بتصرف الجماعات الإرهابية لتحقيق الخطة الأكثر خطورة على سوريا وعاصمتها، حيث كان قرار السيطرة على المنطقة الممتدة من القلمون الى الحرمون هو الهدف الأول للسيطرة على العاصمة دمشق وعلى مشارف المنطقة الوسطى وقلبها مدينة حمص. وفي عمليات متتابعة استطاعت وحدات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية ان تحرّر الغالبية الساحقة من الجغرافيا الممتدة من القصير الى مشارف القنيطرة، وكان آخرها ترحيل ارهابيي داريا والمعضمية وقدسيا والهامة والتل واخيراً زاكية وخان الشيح وجوارهما مع الإبقاء على الزبداني ومضايا محاصرتين بنتيجة اتفاقية هدنة مقابل كفريا والفوعة .

هذه الأيام وبعد سلسلة العمليات الساحقة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب بات المشهد اكثر وضوحاً، فغالبية الصحف الأميركية والغربية تعترف بانتصار الأسد والإدارات السياسية لهذه الدول في حالة ذهول وصدمة، فهم يعلمون تماماً حجم الضربة التي تلقوها بمقتلٍ هذه المرّة في ظل حالة تصاعد للدعوات بضرورة ايجاد تسوية تنهي الحرب في سوريا بما يحفظ لهذه الدول عبر جماعاتها بعضاً من مصالحها بعد ان كان المخطط يهدف الى السيطرة على سوريا والعمل على تفكيكها ووضعها في حالة الفوضى الدائمة والمستمرة .

بإستثناء النحيب المنظّم والبكائيات التي لا تسمن ولا تغني من جوع التي نشاهدها على الفضائيات الخليجية، وبقايا العنتريات التي تضمنها بيان "دول مجلس التعاون الخليجي" والذي يدل على الوقوع في فخ اللاواقعية التي لا تقارب الوقائع والمستجدات، فالسعودية الغارقة في مستنقع اليمن والخاسرة في سوريا يبدو انها تنتظر بحكم الضياع الكبير من يمد اليد لإنزالها عن اعلى الشجرة ولو ببطء للخروج من مستنقع اليمن ووحول سوريا، وان كابر مسؤولوها واستمروا في تعنتهم .

ما يؤكد الضياع السعودي هو وضع "المعارضات" التي تحتضنها والتي بدأت بالقاء اللوم على السعودية وتحميلها وزر الفوضى التي تحصل في سوريا بما يشبه مقدمات لفعل الندامة وادراك البعض ان الأمور تفلت من يد السعودية وتتجه اكثر نحو روسيا الممسكة بزمام الأمور اكثر فأكثر، حيث استطاعت روسيا عبر انتهاج سياسة هادئة بالشراكة مع ايران ان تجذبا من جديد الأتراك الى منطق المصلحة وتحديداً في الجانب الإقتصادي، والدليل هو سلسلة التصريحات التركية التي بدأت بتوضيح كلام اردوغان حول عمليات "درع الفرات" وبانه لا يقصد اسقاط النظام في سوريا، وصولاً الى تأكيد الأتراك اخيراً ان السقف الأعلى لتواجدهم في الأراضي السورية يرتبط بمحاربة الإرهاب ولا شيء آخر .

اذن نحن امام تركيا التي باعت جماعاتها او هي على وشك بيعها في الحد الأدنى، بالموازاة مع السعودية الضائعة والتي ستسعى عاجلاً او آجلاً الى الإنخراط في التسوية، وهو برأيي امر يرتبط بضربة موجعة ستتلقاها الجماعات الإرهابية في ادلب حيث بقايا تأثير للسعودية هناك، وربما عبر اشعال جبهة الجنوب السوري حيث لا تزال السعودية تملك تأثيراً كبيراً وكذلك في الغوطة الشرقية حيث يسيطر "جيش الإسلام " .

وكما كانت الترددات مزلزلة بعد تحرير يبرود، سيكون لتحرير حلب ترددات تدمر المشروع المعادي وتقتلعه من جذوره، وسيؤدي الأمر الى تراجع الجماعات الإرهابية وتقلص قدراتها مع الإشارة الى ان بعض هذه الجماعات وخصوصاً الجماعات المنبثقة من تنظيم القاعدة ستتجه الى العمل السري عبر عمليات التفجير والإغتيال، وهو امر محسوب وسيكون هناك ما يكفي من الإجراءات للحد من الضرر الناتج عن هذه العمليات المفترضة. وفي كل الأحوال، من المؤكد ان سوريا تتجه اكثر نحو اعلان النصر وان استغرق ذلك بعض الوقت لارتباط المسألة بزوال المسببات والظروف التي تحيط بمجمل الصراع الدائر وتعقيداته .