حلب تتحرر.. واشنطن تفشل بتسويق الذرائع الإنسانية فتضغط ميدانيًا!.. بقلم: عباس الزين

حلب تتحرر.. واشنطن تفشل بتسويق الذرائع الإنسانية فتضغط ميدانيًا!.. بقلم: عباس الزين

تحليل وآراء

الأحد، ١١ ديسمبر ٢٠١٦

 في الوقت الذي تتقدم فيه قوات الجيش السوري والحلفاء في أحياء شرق حلب، مسيطرةً على حوالي 95 بالمئة من مساحة المدينة، يحاول وزير الخارجية الأميركية جون كيري الإبقاء على باب المفاوضات مفتوحًا قدر الإمكان، وعدم إفساح المجال امام الجيش السوري لأي حسمٍ عسكري. يأتي ذلك بالتزامن مع قيام الإدارة الأميركية بإرسال 200 جندي أميركي جديد الى سوريا، وبالتحديد الى جبهة الرقة، حيث تخوض "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من واشنطن معارك مع تنظيم "داعش" لطرده منها.

الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش السوري في حلب، ستجعله امام تحديات كبيرة بحجم أهمية تحرير عاصمة الشمال السوري، لا سيما ان واشنطن غير مستعدة للإعتراف بهزيمة المجموعات المسلحة التي تدعمها. بناءً عليه، فإنّ ارسالها لجنودٍ أميركيين الى مشارف الرقة، والتغاضي عن التقدم التركي في الريف الشمالي لحلب، تعتزم من خلاله الضغط ميدانيًا على موسكو ودمشق، للقبول بالعودة الى طاولة المفاوضات، بعيدًا عن اي حسمٍ عسكري في حلب.

في الجهة المقابلة، فإن الأوضاع الميدانية المزرية للمجموعات المسلحة في حلب على وجه الخصوص، دفعت واشنطن الى حث "المعارضة السورية" على العودة الى المفاوضات من دون اي شروط، انطلاقًا من ذرائع انسانية لها علاقة بمصير المدنيين في المدينة. بيد ان قيام الجيش السوري خلال الايام الماضية بإيقاف عملياته العسكرية من اجل اخلاء المدنيين، قطع الطريق على اي محاولةٍ أميركية لإستغلال هذا الامر، والعودة الى المفاوضات بعيدًا عن الشرط الاساسي للدولة السورية الذي يتمثل بانسحاب المسلحين من حلب. حيث اعلن المركز الروسي لتنسيق المصالحة في سوريا، عن مغادرة نحو 18 ألف مواطن من الأحياء المتبقية تحت سيطرة المسلحين في حلب خلال الـ 24 ساعة الماضية. كما اكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، أن 1200 من المقاتلين سلموا أسلحتهم. وقال: "فقط، خلال النصف الأول من اليوم، خرج من شرق حلب أكثر من 20 ألف مدني، ورمى 1217 مسلحًا أسلحتهم".

الى ذلك، وقبل ساعات من اجتماع خبراء أميركيين وروس في جنيف للتباحث حول الأزمة السورية، بدت علامات معركة حلب ظاهرة في كلام وزير الخارجية الاميركية جون كيري، الذي أصرَّ على ضمانات روسية لإخلاء المسلحين من احياء شرق حلب، مع تأكيده على قبول "المعارضة" العودة الى المفاوضات من دون أي شروط مسبقة. فقد حث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المعارضة السورية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات دون شروط، معلنًا أن الحل يجب أن يكون سياسيًا. من جانب آخر، دعا كيري في مؤتمر صحفي بعد اجتماع باريس لـ"أصدقاء سوريا"، إلى توفير ضمانات للمقاتلين الفارين من شرق حلب، مشيرًا إلى أن المسلحين سيواصلون القتال حتى الموت لعدم ثقتهم بالقوات الحكومية. من جهة أخرى، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن "المعارضة السورية أكدت استعدادها لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة". وقال إن "باريس لن تقبل بأي حل يؤدي لإنقاذ الحكومة السورية"، مشيرًا إلى أنه "يتوجب على المجتمع الدولي التعامل مع الحكومة السورية بحزم". غير أن الوزير الفرنسي أكد أن الأولويات الأساسية هي وقف القتال في سوريا وإيصال المساعدات الإنسانية. من جانبه، أكد وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير أن "المشاركين في اجتماع باريس لم يتوافقوا حول كل المسائل، لكن الجميع اتفق على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية وجعلها أولوية". والجدير ذكره، انه اجتمع في باريس ممثلو عشر دول غربية وعربية، داعمة للمجموعات المسلحة، لبحث ما اسموه "الوضع الإنساني في حلب".

في غضون ذلك، فإنّ المساعي الأميركية لإيقاف تقدم الجيش السوري في حلب، عبر استعمال الورقة "الانسانية"، تأتي بالتزامن مع ضغطٍ ميداني، تعمل واشنطن على تكريسه في الرقة والريف الشمالي لحلب. حيث ان الدعم الذي تتلقاه "قوات سوريا الديمقراطية" -ذات الاغلبية الكردية- من قبل واشنطن في الرقة، تقابله واشنطن أيضًا بضوءٍ أخضر للقوات التركية بالتقدم نحو مدينة الباب. ما يؤشر الى ان اللعب على وتيرة العداوة بين القوات الكردية وتركيا، تجيّره واشنطن على جبهتي الرقة وحلب، من اجل الضغط عسكريًا على الجيش السوري. وفي السياق، اعلن المجلس العسكري لقوات سوريا الديمقراطية عن بدء المرحلة الثانية من حملة تحرير مدينة الرقة، التي تجري تحت إسم "غضب الفرات" وتهدف، بحسب البيان، إلى تحرير كامل الريف الغربي من الرقة. وأضاف بيان الحملة: "نعلن للرأي العام أن حملة غضب الفرات تتوسع أكثر بانضمام فصائل وقوى أخرى للحملة، منها المجلس العسكري لدير الزور وقوات النخبة التابعة لتيار الغد السوري ولواء ثوار الرقة، إضافة إلى انضمام 1500 مقاتل من المكون العربي من أبناء الرقة وريفها مؤخرًا، تم تدريبهم وتسليحهم على يد قوات التحالف الدولي".

وأكّد البيان على استمرار التنسيق مع التحالف الدولي بشكل فعال ومثمر، لافتًا الى "أن هذا التنسيق سيكون أقوى وأكثر تأثيرًا أثناء المرحلة الثانية من الحملة حتى تحقيق النصر الكامل على الإرهاب". في غضون ذلك، جاء إعلان انطلاق المرحلة الثانية من "تحرير الرقة" بالتوازي مع إعلان واشنطن ارسالها 200 جندي أميركي لدعم القوات الكردية. فقد اعلن وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر أنه سيتم إرسال نحو 200 جندي إضافي إلى سوريا، لمساعدة المقاتلين الأكراد والعرب لمقاتلة "داعش" في الرقة شمال سوريا. وقال كارتر في مؤتمر أمني في المنامة بالبحرين، "ستشمل القوات الإضافية قوات العمليات الخاصة، إضافًة إلى 300 جندي أمريكي موجودين ومخولين بتدريب وتنظيم وتقديم المشورة للقوات السورية المحلية لمكافحة "داعش". وأضاف أن القوات الإضافية ستساعد القوات المحلية في حملتها لاستعادة الرقة، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد وافق على إرسال القوات الإضافية الأسبوع الماضي
بيروت برس