السياسة الدفاعية الأميركية: أوباما يورث ترامب عداوة روسيا!

السياسة الدفاعية الأميركية: أوباما يورث ترامب عداوة روسيا!

تحليل وآراء

الأحد، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٦

عباس الزين - بيروت برس -
تعتزم إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، باراك أوباما، فرض السياسات التي اتبعتها خلال فترة حكمها، على ولاية الرئيس الجديد دونالد ترامب للإستمرار بها وبالطريقة ذاتها، لا سيما في ما يخص العلاقة مع روسيا، والتي أظهر ترامب بعض الإيجابية فيها، بعد نجاحه مؤخرًا في الانتخابات، عبر خطاباته التي أكد من خلالها على ضرورة تفعيل المباحثات الروسية-الأميركية بعيدًا عن الخلافات التي انتهجتها ادارة أوباما سابقًا. انطلاقًا من هنا، وجد اوباما في مشروع "قانون السياسة الدفاعية السنوي" للولايات المتحدة الأميركية، فرصةً لتعميق الخلافات اكثر مع روسيا، في المناطق التي تشهد حرب نفوذٍ بين موسكو وواشنطن، في شرق اوروبا وسوريا، على وجه التحديد. موحيًا من خلال مشروع القانون، ان روسيا تمثل الخطر الأكبر على أميركا، الذي يجب على ادارة ترامب محاربته والتصدي له.
مشروع قانون السياسة الدفاعية الذي صدق عليه أوباما، تبلغ قيمته 618.7 مليار دولار تخصص منها 3.4 مليار "لردع روسيا"، حيث تشكل النفقات الدفاعية أحد أكبر البنود في مشروع قانون الميزانية العامة الذي قدمه أوباما إلى الكونغرس للتصديق في أوائل شباط/فبراير الماضي، وتبلغ قيمته الإجمالية حوالي 4.1 تريليون دولار. وأكد أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض، في أعقاب توقيع الرئيس على مشروع القانون، أن هذه القيمة الضخمة تشمل النفقات المتوقعة على مواصلة دعم البرامج في منتهى الأهمية بالنسبة للبلاد، لا سيما ما يتعلق بالحفاظ على الوتائر العالية في الحرب ضد تنظيم "داعش" و"تشجيع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا". ويقصد الرئيس الأمريكي بهذا "التشجيع"، استمرار حلف "الناتو" في توسيع تواجده العسكري في أوروبا الشرقية في مواجهة روسيا، علمًا بأن الحلف بدأ بتطبيق هذا البرنامج اعتبارا من عام 2014 بحجة "ضرورة ردع العدوان الروسي".
على صعيدٍ متصل، وفي ما يخص علاقة الناتو بروسيا، أدخل الكونغرس الأمريكي تعديلين مهمين على مشروع القانون في مرحلة التصديق عليه، يلغي أحدهما محدودية نشر واشنطن درعها الصاروخية، بينما يقضي الثاني ببدء العمل على تصميم مكونات جديدة في هذه المنظومة تمهيدًا لنشرها مستقبلًا في الفضاء. والجدير ذكره، أن أوباما الذي سبق أن أكد معارضته لهذين التعديلين لم يلجأ إلى استخدام حق الفيتو الرئاسي، في حين نقلت صحيفة "لوس أنجلس تايمز" عن ترينت فرينكس، عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري وأكبر مقدمي التعديلين، اعترافه بأنهما يعتمدان على برنامج "مبادرة الدفاع الاستراتيجي" الذي دشنه الرئيس رونالد ريغان في عام 1983، ويعرف أيضا باسم "حرب النجوم".
في غضون ذلك، يحظر مشروع القانون الذي وقعه أوباما على البنتاغون إنفاق أي مبالغ مالية على تطوير التعاون العسكري الثنائي مع الحكومة الروسية، طالما لم يبلغ وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيان اللجان المعنية في الكونغرس بأن موسكو "أوقفت احتلال الأراضي الأوكرانية وتخلت عن اتخاذ خطوات عدوانية تشكل خطرًا على سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا والدول الأعضاء في حلف الناتو"، كما ورد في نص القانون. ويشير القانون إلى ضرورة أن تلتزم موسكو باتفاقات مينسك لتسوية الأزمة الأوكرانية، مشددًا على حظر الإنفاق على أي خطوات تخص الاعتراف بانتماء شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية، إلا في حالات يعتبرها وزيرا الدفاع والخارجية مرتبطة بالأمن القومي للولايات المتحدة ويبلغان الكونغرس بذلك مسبقًا. ويضيف القانون أن هذه القيود لا تشمل أي خطوات تتخذها واشنطن بموجب الاتفاقات الثنائية والدولية في مجال مراقبة وعدم انتشار الأسلحة ومعاهدات أخرى، فضلًا عن إجراءات تتعلق بأنشطة الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي في أفغنستان.
وفي السياق نفسه، فإن الأراضي السورية التي تشهد صراعًا غير مباشرٍ بين واشنطن وموسكو، كان لها حصة من الضغوطات التي يمارسها اوباما على موسكو، ويحاول فرضها على ترامب. حيث يحدد مشروع "قانون السياسة الدفاعية السنوي" كيفية تزويد المعارضة السورية بمنظومات الدفاع الجوي المحمولة، والتي ستكون موجهة ضد الطائرات السورية والروسية على حدٍّ سواء، بما ان المواجهة ستكون معها. ويقضي القانون الذي يحدد ميزانية البنتاغون للعام المقبل بتمديد برنامج تدريب وتسليح "المعارضة السورية المسلحة" حتى 31 كانون الأول/ديسمبر عام 2018. ويشير القانون إلى أنه يتعين على وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين، في حال رؤيتهما أن تزويد "المعارضة السورية" بمنظومات الدفاع الجوي أمر ضروري، التوجه إلى اللجان المعنية في الكونغرس بتقرير مشترك يضم أسماء الفصائل التي تخصص لها الأسلحة، والمعلومات المفصلة عنها، بما في ذلك التقييم الاستخباراتي لأنشطتها ومواقعها على الأرض. إلى ذلك، ينبغي، بموجب القانون، أن يحتوي هذا التقرير على عدد دقيق من المنظومات وتوصيفاتها، علاوة على التوضيحات المطلوبة بشأن سبل تسليمها. ويحق لأعضاء الكونغرس الاعتراض أو الإعراب عن شكوكهم من خطط تزويد "المعارضة" بهذا النوع من الأسلحة في غضون 30 يومًا منذ تسلمهم التقرير الوزاري. يذكر هنا، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما رفع في 9 الشهر الجاري الحظر الشكلي عن تسليم أسلحة ومعدات عسكرية إلى حلفاء واشنطن في سوريا.