قبل الطلاق الأميركي - التركي بلحظات .. بقلم: إيفين دوبا

قبل الطلاق الأميركي - التركي بلحظات .. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

الأحد، ١٥ يناير ٢٠١٧

فيما تزداد حدة الزاوية التي تقبع فيها تركيا، ترتفع وتيرة المعضلة، بالنسبة لنظام أنقرة حول طبيعة صورتها الإقليمية وكذلك دولياً، وبدون أدنى شك فقد فَقَدَ هذا البلد وزنه المؤثر كما كان سابقاً، وبحسب ما يظهر عليه فإنه يستجدي المصالح بشكل حثيث بعد أن كان يتحدث وكأنه المالك الرسمي للمصالح الغربية في الشرق الأوسط، وتقسيم الحصص يبدأ من عنده.
التوتر مع واشنطن في أعلى مستوياته وإن لم يكن بارزاً بالشكل النافر، إلّا أنه حاضر وبقوة لاسيما في تحركات تركيا على الصعيد الإقليمي التي لا تستطيع تحديد وجهتها حتى هذا الوقت، لضعف بوصلة السياسة في أنقرة والحرج الكبير الذي يغرق فيه نظام أردوغان، حول الماهية التي عليه أن يمثلها في ضوء المتغيرات المقبلة والتي قد تصبح مع الوقت من الثوابت التي لا يمكنه القفز من فوقها.
في المقابل، تبدو واشنطن أقل حراكاً وتستعد للعهد الجديد الذي لا تعير فيه اهتماماً بحسب توجهات إدارة دونالد ترامب، لتلك العلاقات التي كانت قائمة خلال السنوات المنصرمة، لذلك فلا شيء محفز بالنسبة لديها لأن تتحرك وبقوة نشطة لمؤازرة تركيا في معاركها أو على أقل تقدير تغطيتها، وهو ما يجعل أنقرة تخرج عن طورها كثيراً فتلوّح بأوراق وتهدد بإجراءات.
حتماً فإن أنقرة لا تريد خسارة العلاقة مع الإدارة المقبلة للبيت الأبيض، لأن هذه الإدارة لا تنوي فتح أبواب النار كما سابقتها، على الأقل كما يبدو حالياً، وبالتالي فإن تكتلاً دولياً قد ينشأ ويحضر بقوة وإذا لم يشمل تركيا فهذا يعني أنها خرجت دون نتائج معتبرة تمكنها من البقاء كدولة بحجم مساحتها الجغرافية، بمعنى أدق، أنها لن تكون على طاولات الملفات التي يتوقع لها أن تبدأ بالسير إلى الحلول في المرحلة المقبلة، وهذا الهامش، لا يعجب أنقرة على الإطلاق لأن من شانه أن يعيدها إلى المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى وجعلتها تنحسر من ناحيتين، مناطق النفوذ والقدرة السياسية على التأثير في المنطقة والعالم.
هناك خسائر جمة تتعرض لها أنقرة وحدها في الميدان، وهي حتى الآن لم تفلح باستقطاب حلفائها الغربيين لكي يتحملوا عنها جزءاً من تلك الخسائر، وعلى المستوى الداخلي أيضاً هناك الإرهاب الذي بدأ يطل برأسه من تحت الأغطية التي أمنها له نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبات يهدد بجدية من حضنه في وقت سابق، وهذا أيضاً ما لا يمكن لحلفاء أنقرة الغربيين أن يتحملوه معها وربما يتركوها لتقلع شوك التطرف المسلح بيدها وحدها.
إذاً هل يكون الطلاق مع واشنطن من ضمن ما تفكر فيه أنقرة حالياً، ربما في سبيل انتزاع بعض الوعود بأن لا تُترك وحيدة أو تحيد إلى الهامش، وقبل ذلك بلحظات سيكون مزيد من التوتر، وهذه هي المصيبة التي يخشاها أردوغان مهما لوح بأوراقها، إذ أنه لن يجني ثماراً من العلاقة مع الإدارة الجديدة، ولن يعودا متقاربين كما سبق، على الأغلب فسوف لن ترتقي العلاقة إلى أكثر من مستويات التعارف عن كثب بالنسبة لحليف سابق.
عاجل الاخبارية