إيران ليست كذلك.. بقلم: إيفين دوبا

إيران ليست كذلك.. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

الخميس، ٩ فبراير ٢٠١٧

أساساً لم يكن ثمة شهر عسل إيراني – أميركي لينقضي، ومع ذلك فيمكن للسعودية أن تخيط في هذه المسلة كيفما تشاء طالما أنها مضطرة للتعلق بأية قشة يمكن أن تصادفها ضمن أمواج السياسة المتكاثفة هذه الأثناء حول العالم، وليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها، وبأية حال فإن إيران على صعيد الدولة كانت تدرك منذ توقيع الاتفاق النووي، أن الأمر - الإنجاز - لا يعدو الإطار الدبلوماسي ولا يرقى إلى درجة تبادل الثقة على الصعد العالية، أي أن الجمهورية في إيران أعدت نفسها لمثل هذه الأوقات وهو أمر متوقع وليس غريباً.
منذ عام 1979 وما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، لا يمكن تحديدها بأنها أمور عالقة أو اختلاف سياسي، وما بين الدولتين لا يمكن أن ينتهي ببساطة توقيع اتفاق، فواشنطن مع تعاقب الإدارات لا ترى في طهران إلّا تهديداً حقيقياً لمصالحها في المنطقة أولاً، وثانياً هي وجود مقلق وحرج على استقرار "إسرائيل" التي تقف ضمن أولويات الحكومة الأميركية أيا كانت الأحوال، وفي المقابل فإن طهران لم تعتبر الولايات المتحدة الأميركية إلا خصماً لا يمكن التكاتف معه في أي طريق على المستوى الكلي.
حسناً، لنعد إلى الاتفاق النووي المهدد بانتهاء فترة الصلاحية بسبب توجهات الرئيس دونالد ترمب، هنالك من يعتقد بسذاجة أن ذلك من شأنه فيما لو حصل، أن يعيد إيران وأميركا إلى حالة المواجهة، وكأن هذه المواجهة القائمة منذ عقود انتهت عند توقيع هذا الاتفاق، على الصعيد السياسي وعلى عدة أبعاد فإن طهران لم تُخْلِ مواقعها في هذه المواجهة مطلقاً ولم تترك الساحة حتى بعد توقيع الاتفاق الذي حصل بعد ماراثونية دبلوماسية معروفة شاركت فيها الأقطاب الدولية وصولاً إلى تلك الأوراق التي في حينها، أقلقت كلًّا من "إسرائيل" والسعودية.
قد يكون ترمب شرساً في إلغاء الاتفاقية، وربما تكون هذه هي الضريبة التي عليه أن يدفعها للبقاء على كرسي الحكم رغم كثرة الاضطرابات في المواقف تجاه نزوله في البيت الأبيض على هذا الشكل، لكن الكلفة التي ستدفعها إيران لن تكون باهظة على الإطلاق خصوصاً وأن الأمر تم تجريبه وليس هناك مهابة من الوصول إلى هذه الحال، طالما أن المواجهة مع الولايات المتحدة لم تتوقف يوماً.
الأكثر من ذلك أن إيران دولة، وليست عشيرة أو مجرد بلدة صغيرة، ثمة أمور عميقة تستند إليها الجمهورية الإسلامية وطالما أن كافة الاحتمالات حاضرة لدى مؤسسات هذه الدولة، فإن البدائل متوافرة، هذا ما يفهم من طرق الرد الإيراني التي تأتي بصيغ مختلفة بحسب المصادر المؤسساتية السياسية في طهران، تحديداً، وباتفاق نووي أو بدونه، فإن إيران تعارض أن تكون الولايات المتحدة بمقام السيد والآمر الناهي في الشرق الأوسط وهذا هو الجوهر، وفيما عدا ذلك فإنه مجرد تفاصيل بأحجام متفاوتة، لذلك لا ينبغي الاعتقاد أن أفول الاتفاق النووي يعني أن تتحول الجمهورية الإيرانية إلى لقمة سائغة، يمكن أن تؤكل نيئة.
عاجل