مُعاقبة الإيرانيين أم مُعاقبة العرب؟.. بقلم: نبيه البرجي

مُعاقبة الإيرانيين أم مُعاقبة العرب؟.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

السبت، ١٨ فبراير ٢٠١٧

تستثيرنا الفظاعات اليومية لدونالد ترامب. تستفزنا الى الكتابة وربما الصراخ وربما قراءة الاهوال ما دام قد وضع الشرق الاوسط بين اسنانه وما دمنا كعرب (اشاوس) قد استسغنا الاقامة بين اسنانه. دائما بين اسنان الضباع....
اسناننا كما تعلمون محطمة وبائسة في صراع بعضنا البعض...
هل تكذب «وول ستريت جورنال» وهي المتخصصة في الخفايا وما وراء الخفايا، حين تقول ان اجهزة الاستخبارات تحجب عن الرئيس المعلومات الحساسة؟ المثير ان تتعامل هذه الاجهزة التي تلعب خيوطها في اصقاع الدنيا وربما في اصقاع الآخرة، مع رئيس الولايات المتحدة وهو الذي يمسك بالازرار النووية ويقرر ما هو سري (وحساس) وما هو غير سري كعميل او كمهرج  او كساذج او  اذا شتئم  كواحد من .... بنات الهوى.
الان هو الوقت المثالي لكي يمتطي المجمع الصناعي- العسكري الذي حذر منه بطل النورما ندي دوايت ايزنهاور ظهر هذا الرجل ليخترع العدو ودائما في ذلك الشرق الاوسط الذي مابرح يرقص على ضفاف الغيب...
لا مكان آخر في الكرة الارضية تظهر فيه الايديولوجيات المجنونة وتوضع الثروات والازمنة والاجيال في مهب الهباء.
لا احد يكترث بدعوة اوبير فيدرين الى اخراج المنطقة من «سوسيولوجيا الاخرة» الى «سوسيولوجيا الدنيا» وبالتالي التفاعل مع ديناميات الحداثة لان القنبلة اللاهوتية لا تقل هولاً عن القنبلة النووية لا بل انها تدفع حسب قوله, الى .... الساعة النووية.
من يعاقب دونالد ترامب الايرانيين ام العرب؟ بادئ بدء علينا ان نصدق ان ايران دولة عظمى. ماذا نقول عن روسيا والصين والهند التي اطلقت منذ ايام 104 اقمار اصطناعية؟ بل وماذا نقول عن البرازيل واليابان؟
الحاخامات في واشنطن كما في اورشليم امام اللحظة الذهبية. الصراع السني - الشيعي والى يوم القيامة. لا احد سأل الله عن رأيه في هذا الصراع. اسألوا الفقهاء واصحاب الفتاوى لماذا يصرون في معظمهم على ان يرتدوا ملابس حمالات الحطب...
اميركا التي اخترعت اسامة بن لادن ليتحول الى عدو (فتحتل افغانستان والعراق) والتي اخترعت بالتعاون مع رجب طيب اردوغان وبنيامين نتنياهو ابابكر البغدادي ومن يحذو حذوه من اجل ترويع الانظمة وتفجير المجتمعات لم تجد في كل تلك الامبراطوريات عدوا لها. الان العدو هو الغول الايراني.
الكوميديا حين تكون بلهاء ومريرة الى هذا الحد. اميركا التي موازنة جيش البر فيها توازي ضعفي موازنة وزارة الدفاع في روسيا. اميركا التي دخلت زمن ما بعد التكنولوجيا بآلاف الصواريخ النووية العابرة للقارات، وبآلاف القاذفات العملاقة وبمئات الغواصات والبوارج وحاملات الطائرات تقنعنا الان بأن عدوها الوحيد في هذا العالم هو ... ايران.
حتما لا نغفل الالف قاعدة عسكرية المنتشرة في ارجاء الكرة الارضية. وبكل تلك السذاجة نستعيد سؤالنا : هل تعاقب الايرانيين ام تعاقب العرب؟
القصة ان الايرانيين باتوا يتقنون لعبة التكيف مع العقوبات والى حد الاقتراب من حيازة القنبلة النووية في حين ان ثروات العرب التي كان يفترض ان تجعل منهم احدى القوى العظمى في العالم تذهب لتشغيل مصانع السلاح، ولدفع تكاليف الاساطيل التي تختال في المحيطات والبحار ولتسديد فواتير القواعد التي تحولت الى معسكرات للاستجمام تحت شمس السيد الشرق...
ما يتناهى الينا الان مريع وهائل. بدل المنظومة الاستراتيجية الاقليمية التي تحمي المنطقة حلف يجمع الاميركيين والعرب والاسرائيليين. ضد من؟ ضد ايران الامبراطورية الخرافية التي احتفلت منذ ايام بوصول اول طائرة «اير باص» اليها بعدما اصيب اسطولها الجوي بالشيخوخة...
    العرب فقط ضحايا هذه الكوميديا!!
الديار