ديمستورا لن تُصبح أميرًا.. ورحيلك غير مأسوفٍ عليه.. بقلم: المهندس ميشيل كلاغاصي

ديمستورا لن تُصبح أميرًا.. ورحيلك غير مأسوفٍ عليه.. بقلم: المهندس ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٠ فبراير ٢٠١٧

عجيب وغريب "بطل" قصتنا اليوم..! فقد رحل من عيّنه وفوضه مبعوثًا وميسرًا، وبقي هو ونحّاته ومهندسه ومشغله!.
أنيقٌ، جادٌ، حازمٌ، منحازٌ كسابقيه – عدا الدّابي -، طائعٌ لولاته، ومعجبٌ بالرياض ووفدها..!.
خدع سوريا، والمعارضة ومنصاتها وشخصياتها دون استثناء، وقال "أنا من سيُشكل وفد المعارضة الموحّد"، بسلطة لم تُعط له من فوق، ولو تُرك الأمر له لألقى بهم خارجًا، واحتفظ بالرياض ووفدها، وبدا عاشقًا لها كعشق الـ"إيجلز" لـ"أوتيل كاليفورنيا".

ففي العام الفائت تآمر وأخذ على عاتقه تأجيل جنيف، ليغطي انسحاب وفد "علوش"، وتركهم ينصرفون إلى معركة حلب وملحمتها..؟ عساهم ينجحون باحتلال المدينة وبتغيير موازين القوى جذريًا لصالح أصدقائه ومشاريعهم.
سمع مرارًا وتكرارًا تأنيب موسكو ودمشق، وبما يشبه التهديد بطلب إقالته، كي يعتدل هو الآخر، ويعود إلى حيادية مهمته.. كرهه السوريون، وأعتقد أنه لن يجرؤ على السير في شوارع دمشق يومًا.

انتزع ضحكة الوزير المعلم، وتجاهل "الباصات الخضر" التي تُقلّ الإرهابيين خارج حلب، وجاء ليطرح حلًا وسطًا عبر "الإدارات الذاتية"! فعل المستحيل ليمنع انهيار الإرهابيين في أحياء حلب الشرقية، لكنه رآه بأم عينه، وحذّر من تكرار المشهد في إدلب وغير مكان.
ابتدع أفكارًا، وسوّق أخرى.. وأعجبته برودة الطقس في شتاءات سوريا، فكان "التجميد" ترجمته الفعلية لحماية وبقاء المسلحين والإرهابيين في أماكن سيطرتهم واحتلالهم، كمسمار جحا، ونواة لتقسيم سوريا من بوابة "المناطق الآمنة" أو "العازلة" أو "المحميات"، سمّها كما تشاء.

استعمل الخبث على حساب الواقعية، واستغل رفض الحكومة السورية – بداية – الجلوس مع وفد المجموعات الإرهابية على طاولة الحوار، فجاء بفورد – الأمريكي -، مستغنيًا عن قصاصاته، ليكون مفاوضًا مباشرًا عن وفد الرياض، ومن وراء جدران غرف الفنادق، فكان كساعي البريد المزيف والمزور.

هو جنيفه الأخير، ورحيله في 832017 يقترب، ولنرَ ما هو فاعل الآن؟ في فرصته وليلته الأخيرة، فهل سيستغلها إجهازًا كذئب ليلى، أم شرفًا ونزاهة ووفاءً كقيس ليلى؟
وهي مهمته الأخيرة –دونما شك- فقد أكلت خطواته وتحركاته وجهه وسمعته ومستقبله أيضًا، وأصبح تقاعده السياسي حتميًا، ولا بد لمشغليه أن يُجزلوا له العطاء بالدولارات أو الريالات أو حتى بالشيكلات لا فرق، في زمن تُباع فيه الذمم وتُشترى الزعامات والحكومات والمنظمات والهيئات الأممية والإنسانية.

أظهر براعة في حمل السيوف، فأتت سياسته كرقصة درعية سعودية، بالسيف المقوّص، الذي لا يلبث أن يستقيم في وجه الدولة والشعب السوري، كسيف أوروبي – أمريكي حاد.
حاول بمفرده أن يكون "البطل"، لكن أيامه انتهت ومضت دون أن يقتحم "طروادة"، ولم يك حصانًا أشهب، وارتضى لنفسه أن يكون بعيرًا صحراويًا لقوم تعثروا أمام شجاعة الجيش العربي السوري، وما بين فكي ترامب الجائع لمالهم، وما بين إرهاب من توحشوا من البشر.
ولم يلحظ السيد ديمستورا تعطيل تركيا ووفد الرياض اجتماع أستانة، واكتفى بترقيع الوقائع وحرف الأنظار عمّا كان سيكون، واعتبر أن اللقاء اهتم أصلا بتثبت وقف إطلاق النار، فيما المفاوضات السياسية ستكون في جنيف.. واعتبر كالظهير المدافع، أنه حتى الآن.. تبدو الإدارة الأمريكية الجديدة غائبة عن الملف السوري خلال الشهر الأول لدخولها البيت الأبيض، ولم يلحظ استحضارها المزيد من قواتها، واستكمال تدميرها كافة الجسور حول مدينتي الرقة ودير الزور، وإعلانها المناطق الآمنة، وتعطيلها إجتماع أستانة بالوكالة.

لو قُدّر للسيد ديمستورا أن يسمع السوريين قبيل رحيله، لهاله صوتهم وهم يقولون: "الشعب السوري.. يرحب برحيل المبعوث".
إرحل ستيفان ديمستورا.. فلن تصبح أميرًا سعوديًا، ورحيلك غير مأسوف عليه.