شبر بعد أنف أردوغان.. بقلم: إيفين دوبا

شبر بعد أنف أردوغان.. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

السبت، ٢٥ فبراير ٢٠١٧

هو أصلا ليس ذلك السياسي المحنك وليس بعاقد صفقات محترف، ويعيش ضمن النظام التركي، في وسط فقد آخر نقاط الثقة منذ تموز الماضي، فلم يعد بإمكانه أن يدير ظهره ولو في قصره في أنقرة، ومنذ وقت التفت بعيدا جدا عن طموحاته الداخلية التي كان يشتري بها الشارع في تركيا وأصبح آخر همه الداخل الاقتصادي، ونحى باتجاه ترويض هذا الداخل ومحاولة إدخاله إلى اسطبلات الحكم، بعد أن كان ينوي جمعه في قاعات الحكم السلطاني.
ليست هي المرة الأولى التي يظهر عبرها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، بهذه السطحية والتملق، ولن تكون المرة الأخيرة التي ستكون فيها حساباته سيئة للغاية، هو دفع بأنقرة كلها لمحاباة دول مأزومة في الخليج والتملق لها فيما هي نفسها تغرق بورطات لا يعرف خواتيمها كما البحرين، وقد يجرها الحبل السعودي إلى البئر الغميق، أو في أفضل الأحوال على الهامش الذي يقص سريعا بعد التسويات الكبرى.
بسهولة يمكن لأردوغان أن يفرط بالفرص، حتى أن التوجهات الدولية والمساعي المعقدة القائمة حاليا باتت أمامه ككلمة تأخذه وكلمة تعود به، بعد أن فقد القدرة على التوازن واشتهى أي يد تمسك به ولو كانت شديدة الارتخاء.
الثابت أن أردوغان في هذه الأثناء يسعى إلى مزيد من التعقيد، طالما أن الانفراج لم يحسب له حسابا دسما كما كان يشتهي، أو أن ذلك الحساب لم يكن مقارب لأحلامه التي تلاشت منذ أن فتح عينيه على الواقع الجديد ليجد نفسه مستلقيا في العسل السعودي المغشوش الذي لم ينفعه باتقاء برد العلاقات الدولية التي قد تشتعل إلى مواجهات ثقيلة سياسيا في الصيف المقبل.
يجول أردوغان في دول الخليج وفي ذهنه أمر واحد فقط، هو إعادة ربط العقدة الشرق الأوسطية بمزيد من الإحكام، للاختباء خلفه وتأجيل التسويات إلى حين يستعيد وعيه، فعينه التي كانت على أوروبا فقأت، والعين الأخرى التي كانت على مد النفوذ في المنطقة رمدت بشكل خطر جدا ولن تعود إلى عافيتها، وبسبب مشاكل الداخل فإن السياسة التركية ستتلعثم كثيرا إلى حين الصمت المطبق والعجز عن النطق تماما، لذلك فإن أردوغان في هذا الوقت سيبقى على تجريب الوصفات السياسية أيا كانت تأثيراتها، وحتى ولو كانت بخفة عقد تحالف من دول مأزومة كالبحرين والسعودية.
هيجان المواقف السياسية لأردوغان أمر متوقع كثيرا في المرحلة المقبلة، ليرجع فيما بعد إلى الهدوء، ومن ثم نوبة جديدة وهكذا، ليس أردوغان وحده بل إن النظام التركي برمته سيكون على موعد مع هذه الحالات إن لم ينظر رئيس تركيا أبعد من أنفه
عاجل الاخبارية