باريس مفتاح دمشق إلى أوروبا.. بقلم: سامر ضاحي

باريس مفتاح دمشق إلى أوروبا.. بقلم: سامر ضاحي

تحليل وآراء

السبت، ٤ مارس ٢٠١٧

شير التطورات المتلاحقة إلى تحول لافت في المزاج الدولي وعودة بعض القوى الغربية عن مواقفها السابقة التي كانت تعتبر «متطرفة» بحق الحكومة السورية، بموازاة تقدم تيار اليمين عالمياً.
ورافق وصول الزعيم الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ونجاح اليمينيين بفصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي وتصاعد حظوظ نظرائهم بالوصول إلى رئاسة فرنسا تصريحات انتقلت بعواصم تلك الدول من الموقف الحاد تجاه دمشق إلى التأكيد على دور سورية وحكومتها في مكافحة الإرهاب الذي عانت منه أوروبا خلال العامين، الماضي والجاري، ما عانته.
في مقابل ذلك بدأت الوفود الغربية مؤخراً بالاتجاه إلى الساحة السورية ولاسيما بعد الانتصارات اللافتة التي حققها الجيش العربي السوري في حلب وإن كان الفرنسيون أكثر من زار سورية وصولاً إلى وفد يزورها حالياً يضم ممثلين عن جمعيات أهلية فرنسية ويؤكد ضرورة التعاون مع الجيش السوري لمكافحة الإرهاب.
الموقف الفرنسي الأكثر جرأة أطلقته مرشحة اليمين المتطرف إلى الرئاسة الفرنسية ماريان لوبان الأسبوع الماضي التي اختارت من بين كل عواصم العالم أن تكلل حملتها الانتخابية بزيارة العاصمة اللبنانية بيروت والتي تعتبر أقرب عاصمة عربية إلى دمشق جغرافياً وسياسياً وراحت تؤكد خلال لقاءاتها المتعددة مع مختلف القوى السياسية هناك ضرورة تغيير الموقف الفرنسي تجاه دمشق.
اللافت أن لوبان ليست رئيسة لفرنسا حالياً تستطيع التنصل من وعودها، بل مرشحة عليها حساب كل خطوة من خطواتها الترويجية، ويبدو أنها قرأت المزاج الداخلي الفرنسي بعناية قبل اختيار بيروت مقصداً للزيارة لتطلق تصريحاً يمكن اعتباره شعار معظم الفرنسيين اليوم عبرت فيه عن القناعة الكاملة بأن الرئيس بشار الأسد يشكل اليوم «حلاً يدعو إلى الاطمئنان».
ومن المؤكد أن لوبان لا تنظر إلى اطمئنان السوريين أو أوجاعهم كأولوية بقدر ما تعبر عن اطمئنان الفرنسيين الذين ضربتهم داعش الإرهابية في عمق عاصمتهم وسفكت دماء المئات منهم، ليدركوا أن ما حذرتهم منه دمشق مراراً من امتداد الخطر الإرهابي إلى عواصم أوروبا قادم لا محالة ما لم يتم مواجهته بحلف دولي ينسق معها ومع حلفائها كروسيا وإيران والصين.
وبقراءة متأنية للموقف الفرنسي لا بد أن يعمل منافسي لوبان على مواقف مماثلة لأن «مكافحة الإرهاب» تبدو الشعار الأكثر رواجاً لنجاح المتسابقين اليوم إلى المناصب في أوروبا، وبذلك يمكن التنبؤ بأن فرنسا قد تقود، في وقت لاحق لإعادة علاقاتها بدمشق، جهوداً لإعادة تطبيع العلاقات بين دمشق والاتحاد الأوروبي من جهة وبين دمشق والعواصم الأوروبية الأخرى التي ترزح تحت ضغط ملف اللاجئين السوريين إليها من جهة أخرى، وصولاً إلى موقف أوروبي متضامن وأكثر دعماً للعاصمة السورية، وهو ما قد يمهد لتغيير مزاج اتحاد بروكسل الذي يريد عقد أول اجتماع دولي حول إعادة إعمار سورية خلال الأيام المقبلة، وأمامه احتمالان إما التراجع عن موقفه السابق بربط نجاح المؤتمر بتحقيق ما سماه «الانتقال السياسي في سورية» والتي تريد بعض القوى الغربية من خلاله أن تسلم السلطات الشرعية في دمشق لمعارضين بعضهم لم تطأ أرجلهم الأراضي السورية لعقود، بينما يتمحور الاحتمال الثاني حول تغيير مفهوم الانتقال السياسي كما تراه دمشق بحيث يكون شراكة في الحكم بين الحكومة الحالية والمعارضة التي تثبت وطنيتها وتؤكد نبذها للإرهاب.