دوامة السياسة الأردوغانية ونتائجها المحتم فشلها

دوامة السياسة الأردوغانية ونتائجها المحتم فشلها

تحليل وآراء

الأحد، ٥ مارس ٢٠١٧

يتحدث (بيفين اليكساندر) في كتابه «كيف يمكن الانتصار بالحرب» (How Wars are won) عن 13 قاعدة أساسية لتحقيق هذا الهدف، ويبدو من الواضح أن سياسة أردوغان في حربه على سورية تفتقر لكثير من هذه القواعد للأسباب الموضوعية التالية:
أولاً: تدهور الوضع الداخلي التركي بشكل ملحوظ في السنوات الأربع الماضية وخصوصاً بعد الإجراءات التي اتخذها أردوغان في أعقاب الانقلاب الفاشل وما ولدته من انقسام سياسي واجتماعي يتزايد بسبب الإجراءات الانتقامية التي طالت الجيش والنخب الجامعية والسياسية والقضائية.
ثانياً: بسبب ما ولدته سياسة أردوغان من حرب داخل تركيا على أكبر أقنية تركية وعلى أطراف سياسية وطنية وعلمانية فهو يجد نفسه يخوض حرباً في الداخل وعلى حدود سورية وداخل أراضيها وعلى حدود العراق وداخل حدودها وأصبح بحاجة لقوى بشرية عسكرية تزيد على ما يمكن حشده وتجنيده.
ثالثاً: تمر تركيا بأشد أزماتها الاقتصادية وبأزمة ثقة بين الحكم والجمهور والجيش والسياسة.
رابعاً: تزداد خلافات أردوغان مع الحلفاء المفترضين في حلف الأطلسي وفي بعض دول الاتحاد الأوروبي وكذلك التناقض بين سياسته تجاه أكراد سورية ومواقف الإدارة الأميركية من أكراد سورية.
ولذلك لا يتوافر لدى أردوغان في عملية توسيع حروبه وما يولده من أعداء في الداخل والجوار قاعدة مهمة في شن الحروب وهي: حصانة جبهته الداخلية وقدرتها على الصمود وقاعدة أخرى هي الاستناد إلى تحالف وثيق وثابت مع الحلفاء.
وبالمقابل لا يبالغ الكثيرون من المراقبين المختصين بالوضع التركي حين يستنتجون أن الوضع السوري الراهن وخصوصاً بعد انتصار الجيش السوري وحلفائه في حلب أفضل من الوضع التركي من ناحية جبهة سورية الداخلية وجبهة الحلفاء الإقليميين والدوليين بعد هذا الصمود الذي ثبتت القيادة السورية قواعده وأصبحت قادرة على الانتقال إلى مرحلة الإمساك بزمام المبادرة أكثر من أي وقت مضى.. وهذا ما تثبته التطورات الأخيرة في شمال سورية ساحة المجابهة الرئيسة ضد التدخل والاختراق العسكري التركي المباشر في الأراضي السورية.. وعلى مستوى التحالف الإقليمي يرى المراقبون أن المصالح المشتركة للدول المجاورة لتركيا والمتضررة من تدخلها العسكري المباشر وتجاوزها لسيادة دولتين هما العراق وسورية ستشكل عامل قوة مشتركة ضد أهداف أردوغان التوسعية وإضافة إلى هذا يشكل التحالف السوري- الإيراني- الروسي ومع مقاتلي حزب الله قاعدة ثابتة وذات ثقة لا يمكن زعزعتها من أجل حماية سيادة الدول التي تستهدفها سياسة أردوغان التوسعية.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يرى هذه الحقيقة قبل توسع الهجوم التركي العسكري في شمال سورية، ففي الخامس من شهر كانون الثاني نشر موقع (يوريونيوز) رأياً في افتتاحيته أن سياسة أردوغان وضعت إدارة ترامب أمام صعوبات ستفرض عليه خسارة أحد الطرفين، أكراد سورية أو أردوغان، وربما كلاهما مادامت قواعد التحالف الروسي- السوري- الإيراني، وسياسة التقارب الروسي مع أردوغان ستفرض على أنقرة التراجع عن جزء من سياستها تجاه سورية أو دفع ثمن باهظ في شمال سورية.
ويتفق معظم المحللين الأجانب في تركيا على أن استمرار أردوغان في مغامراته العسكرية ضد دولتي الجوار التركي- سورية والعراق لن يقدم له حلولاً لأزمة سياسته الداخلية بل سيفاقمها مثلما لن يقدم له حلولاً لأزمة علاقاته الخارجية التي يجمع فيها مواقف متناقضة وعلاقات ذات مصالح متناقضة في ظل تدهور في قدرة الوجود الأميركي في المنطقة على الاستئثار بالنفوذ.. فقد أثبتت روسيا والصين معاً وفي ميادين مختلفة في المنطقة وفي مجلس الأمن الدولي وعلى مستوى المجتمع الدولي أن الإدارة الأميركية لن يكون بمقدورها فرض حلولها على أزمات دول المنطقة وأن روسيا والصين أصبحتا شريكاً أساسياً في الاتفاق على أي حلول توفر استقرار وسيادة دول الشرق الأوسط وخصوصاً في سورية والعراق.
وهذه الحقيقة هي التي سيستند إليها أي نظام عالمي مشترك جديد في إزاحة النظام الأميركي الأحادي العالمي.