التفاهم الروسي الأميركي لمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط

التفاهم الروسي الأميركي لمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٧ مارس ٢٠١٧

د. قحطان السيوفي

أدى استياء الجمهور الأميركي من النخبة المؤسسية إلى وصول دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة.. وسبق لترامب أن أعلن قبل وبعد انتخابه أنه سيحارب الإرهاب في الشرق الأوسط وفي كل العالم.
يقول (يوجين رومر) مدير برنامج روسيا في مؤسسة كارنيجي في واشنطن إن موسكو وضعت نفسها في وضع منافس للنظام الدولي الليبرالي العالمي الذي تدعمه وتُعزّزه الولايات المتحدة… علماً بأن الرئيس الروسي بوتين سبق أن قال منذ عشر سنوات إن نظام ما بعد الحرب الباردة زائف ومصطنع… العديد من المحللين والمراقبين يتوقعون نوعاً من التفاهم بين الرئيسين الأميركي ترامب والروسي بوتين، في ضوء قواعد العلاقات الأميركية– الروسية والمصالح الإستراتيجية… آخرون يرون أن ما قد يكون ترامب وبوتين راهنا عليه أُعيد إلى المربع الأول، في ضوء أحداث حصلت، من بينها إقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين، بسبب الشك بعلاقات تربطه بروسيا…
الأجواء بين موسكو وواشنطن يشوبها اليوم الكثير من الحذر. وعدم وجود اتصال مباشر على مستوى عالٍ بين الرئيسين، يُربك التوقعات.
غموض العلاقة بين الرئيسين أطلق عنان الافتراضات، وكذلك غموض عناصر (الصفقة) التي يرغب فيها الرجلان لصوغ أسس توافقية بين بلديهما.
هناك في المعسكرين المواليين للرجلين من يتهم المؤسسة الأميركية التقليدية، ولاسيما في الشقين الاستخباراتي والإعلامي، بأنها عازمة على نسف أسس التفاهم والتقارب بين بوتين وترامب والبلدين من أجل تأجيج الفجوة بين الشرق والغرب.
روسيا استعادت وزنها في الشرق الأوسط، قي حين أن باراك أوباما، كان يطبق سياسة القيادة من الخلف هنا، والنأي بالنفس هناك، ما سمح لروسيا بأن تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها «العجوز» غير القادرة على الحسم.
روسيا واجهت الولايات المتحدة والدول الأوروبية في حلف الناتو ليس بسبب سورية فقط، وإنما بسبب استغلالها قرار مجلس الأمن في شأن ليبيا للتدخل العسكري عبر تغييب موسكو وتحجيمها. هذا إلى جانب الاحتضان الأميركي– البريطاني لما سُمّي الربيع العربي فيما كان في الواقع دعماً لصعود «الإخوان المسلمين» إلى السلطة وتأجيج الإرهاب والفوضى.
روسيا قوية وتمتلك اليوم أدوات التأثير في منطقة الشرق الأوسط، وحتى إشعار آخر.. ترامب يبدو قرر الانقلاب على أوباما… وراغباً في استعادة الوزن الأميركي في الشرق الأوسط.
في الوقت الذي حاولت فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معاقبة بوتين، وافق الرئيس بوتين على طلب الدولة السورية بالتدخّل، لمساعدة الرئيس بشار الأسد على محاربة الإرهاب… بالمقابل أحيت موسكو العلاقات مع دول المنطقة. من خلال استغلال الوجود الأميركي الضعيف، قدّم الدبلوماسيون الروس أنفسهم كشريك حوار للبلدان ذات المصالح المتناقضة، وبالتالي بناء شبكة تتضمن عضو حلف الناتو (تركيا) وكذلك مصر وإيران والعراق والأردن والسعودية… لقد أصبحت روسيا لاعباً رئيسياً على الساحة الدولية، ولن تكون أي دولة قادرة على تجاوز موسكو عند حل الصراعات الإقليمية، بالمقابل، فرنسا وإيطاليا تلجأان إلى روسيا للمساعدة في دمج (حفتر) الرجل القوي العسكري الليبي، للتوصل إلى تسوية سياسية مدعومة من الأمم المتحدة اليوم هناك افتراض يؤيده البعض؛ يرى أن الولايات المتحدة تتخبط كيفما كان. وذلك لا يتعارض مع مصالح روسيا. هناك من يحتج على هذا الافتراض ويقول إن المصلحة الروسية تقتضي التفكير في كيفية الانتقال من المواجهة إلى الشراكة في العلاقة مع الولايات المتحدة. بدلاً من التعمق في العداء التقليدي.
في اجتماع نظّمته وكالة الأنباء الرسمية روسيا سيجودنيا في أواخر الشهر الماضي، قال محللون سياسيون إنهم يعتقدون أن موسكو وواشنطن يُمكن أن يتوصّلا إلى (صفقة) من خلال احترام المصالح المتبادلة. القائلون بهذا الرأي يدعون إلى نقلة نوعية إلى ما من شأنه أن يؤدي إلى تلك الصفقة لمحاربة الإرهاب وخاصة في سورية. بداية كانت التوقعات تشير إلى صفقة من شأنها رؤية رئيس أميركي يرفع العقوبات، مقابل تعاون في مكافحة «داعش».
بالأمس قال مسؤول روسي لا اتصال على مستوى عال للتنسيق مع واشنطن لمحاربة الإرهاب… يُشير بعض خبراء الإستراتيجية الروسية إلى أن حل الأزمة الأوكرانية والتعاون في المعركة ضد الإرهاب العالمي في الشرق الأوسط وسورية تحديداً، يُمكن أن يُصبح أدوات فاعلة في مثل هذه الصفقة مبكر استنتاج أن العلاقة بين رئاسة ترامب ورئاسة بوتين ستسفر عن تصادم ليتم جرّهما إليه، أو عن مفاجأة الصفقة التي يرغب فيها الرجلان.
إذا كان في بال الرجلين اتخاذ القرار بمعزل عن المؤسسات، فإن بوتين قادر جداً، أما ترامب فمقيد جداً. وهذا هو الفرق بين الدولتين.
العالم يتطلع لوفاق حكيم وعادل بين الولايات المتحدة وروسيا. في وقت حرائق الإرهاب مشتعلة في الشرق الأوسط والدولة السورية تحارب الإرهاب دفاعا عن سورية الوطن، ونيابة عن العالم، وبمساعدة روسيا.
المشهد اليوم يشير إلى أن العالم قد يكون في بداية طريق يحمل مفاجآت. هذا زمن الترقب…
العلاقة اليوم بين موسكو وواشنطن أشبه (انجذاب زعيمين، وتنافر دولتين) كما ذكر فيليب ستيفنز في الفاينانشال تايمز.