خدمة سورية لواشنطن.. ماذا عن الرقة ؟.. بقلم: ماهر الخطيب

خدمة سورية لواشنطن.. ماذا عن الرقة ؟.. بقلم: ماهر الخطيب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٨ مارس ٢٠١٧

على ضوء ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، نقلاً عن مصدر عسكري أميركي، حول خطة تحريرمدينة الرقةالسورية من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، بالتزامن مع ما جرى في مدينة منبج، من إتفاق بين "قوات سوريا الديمقراطية" والجيش السوريبرعاية روسية، يمكن القول أن المنطقة باتت أمام جملة من السيناريوهات التي يضيق معها هامش المناورة يوماً بعد آخر، في حين تبدو أنقرة أمام جولة جديدة من الصدمات التي قد تترك أثاراً كبيرة.
المصدر العسكري الأميركي، لم يتردد في الحديث عن أن بلاده ستدفع بالمزيد من الإمدادات لدعم الهجوم على الرقة، الذي تقوده "قوات سوريا الديموقراطية"، في وقت كانت هذه القوات تعلن رسمياً عن نجاحها في قطع الطريق الذي يربط بين محافظتي الرقة ودير الزور، بالتزامن مع إعلان "مجلس منبج العسكري"، التابع لها، عن تسليم بعض القرى إلى دمشق، بينما تم كشف معلومات عن إرسالالولايات المتحدةتعزيزات إلى المنطقة نفسها، في رسالة واضحة إلىتركيابأن إستهداف الأكراد ممنوع.
ما تقدم يفتح الباب واسعاً أمام سؤال منطقي يتعلق بما يجري بين واشنطن وموسكو بعيداً عن الأضواء، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية مطلعة، حيث أن الإتفاق بين "قوات سوريا الديمقراطية" والجيش السوري ما كان ليتم لولا موافقة الولايات المتحدة عليه، بسبب العلاقة التي تجمعها مع الجانب الأول، ولا من دون موافقةروسيا، التي تعتبر الدعم الأساسي لدمشق في الوقت الراهن، ما يعني أن هناك تفاهماً بين القوتين العظميين بالرغم من النفي العلني المتكرر لهذا الأمر من الجانب الأميركي.
وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن ما يجري من تبادل في الأدوار يصب في خانة التحضير لمعركة تحرير الرقة، حيث ينبغي التحضير جيداً لدخول المدينة من قبل كافة اللاعبين، لكنها تشير إلى أن الموضوع أكبر من ذلك بكثير، لأنه يتعلق بالإستراتيجية الأميركية في سوريا، لا سيما على مستوى العلاقة مع الجانب الروسي.
في هذا المجال، ترى المصادر نفسها أن واشنطن أمام إحتمالين لا ثالث لهما: الإستمرار بالسياسة التي كانت متبعة من جانب إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والتي كانت تقوم على التنافس مع موسكو، أو الذهاب نحو سياسة جديدة خاصة بالإدارة الحالية برئاسة دونالد ترامب، على أساس التعاون مع الجانب الروسي، تحت عنوان الحرب على الإرهاب، بما يحفظ مصالح الجانبين بشكل متوازن، وهي عملياً الطريق الأسهل والأقرب نحو تحقيق الأهداف.
من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، المشكلة اليوم هي عند الجانب الأميركي، لأن دمشق وموسكو لم يعلنا، في أي يوم من الأيام، أنهما يرفضان التعاون مع واشنطن في الحرب على "داعش"، لكنهما كانا يضعان شروطاً متعلقة بالتنسيق معهما، وهو الأمر الذي ستفرضه المعادلة الميدانية في المرحلة المقبلة، نظراً إلى أن الولايات المتحدة تواجه معضلة خطيرة تتعلق بالعداء بين حلفائها، أي الأكراد والأتراك، وهي لا تريد التضحية بأي منهما من دون ضمان خروجها رابحة، حيث أن خسارة أي فريق من دون وجود تفاهم حول الخطوط العريضة مع روسيا، يعني أن من ستتخلى عنه الإدارة الأميركية سيذهب مباشرة إلى الإرتماء في حضن المحور المقابل.
ضمن هذا السياق، تقرأ هذه المصادر الرد الأميركي على الأسئلة التركية حول العلاقة مع الأكراد، من دون تجاهل رفض تسليم المعارض فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء عملية الإنقلاب العسكري الفاشل، وتشير إلى أن دمشق قدّمت خدمة كبيرة إلى واشنطن عبر سيطرتها على الطريق الممتد من مدينة تادف إلى مدينة منبج، الذي قاد إلى قطع طريق الرقة أمام فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، نظراً إلى أن سيطرة الأخيرة على طريق يوصلها إلى معقل "داعش" السوري كان سيؤدي إلى إندلاع مواجهة أكبر وأوسع من تلك التي وقعت في بعض قرى منبج بين حلفائها.
في المحصلة، واشنطن قبل أن تطلق عملية ترسيم النفوذ مع موسكو، ذهبت إلى القيام بهذا الأمر بين حلفائها، بانتظار معرفة ما إذا كانت خطتها لتحرير الرقة ستتضمن تنسيقاً عملياً مع روسيا أم لا؟

النشرة