هي الحرب إذن..من تفجير ديمونة إلى تحرير حزب الله للجليل.. بقلم: رفعت سيد أحمد

هي الحرب إذن..من تفجير ديمونة إلى تحرير حزب الله للجليل.. بقلم: رفعت سيد أحمد

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٤ مارس ٢٠١٧

 الحرب القادمة، كما تتوقّعها الأجهزة الصهيونية، سوف تبدأها (إسرائيل حتماً وكعادتها التاريخية) لكنها لن تعرف كيف تُنهيها، لأن "الخصم" الذي تقاتله مازال رغم كل "الاختراقات" مجهولاً، في تسليحه وقوّته، مجهولاً في مخطّطاته وأهدافه، والملامح العامة للحرب القادمة تقول أن هذا (الخصم) لن يكتفي فقط بالإيلام السطحى للكيان، بل بالضرب الجذري في بُنية وجوده وتفوّقه، إن (ديمونة) كمفاعل نووي مُستهدَف وقد ينفجر بصاروخ من الصواريخ الحديثة التي بات يمتلكها حزب الله وسوريا ومقاومو غزّة، وسيكون للانفجار المباشر أو لحاويات غاز الأمونيا السام المتواجدة في ميناء حيفا

مُجدّداً تنطلق داخل الكيان الصهيونى صفّارات الإنذار السياسية والعسكرية مُحذّرة من احتمالات (حرب كبيرة) قادمة، وأن زيارات نتنياهو الأخيرة إلى عواصم القرار الدولي (واشنطن – موسكو – بكين) تأتى في هذا السياق، وأن الدافع لهذه الحرب هو تنامي قوة محور المقاومة المُمتد (من إيران إلى سوريا فحزب الله في لبنان والجهاد وحماس في غزّة) وامتلاكه لأسلحة نوعيّة جديدة ستقلب موازين القوى مع (إسرائيل)، فضلاً عن تنامي الغطاء الدولى له والانتصارات المؤكّدة لدمشق وبغداد على القوى الداعشية المُتشدّدة، التي آمن الآن الغرب (وربما الشرق) أنها الخطر الأكبر على الجميع.

 الحرب القادمة، كما تتوقّعها الأجهزة الصهيونية، سوف تبدأها (إسرائيل حتماً وكعادتها التاريخية) لكنها لن تعرف كيف تُنهيها، لأن "الخصم" الذي تقاتله مازال رغم كل "الاختراقات" مجهولاً، في تسليحه وقوّته، مجهولاً في مخطّطاته وأهدافه، والملامح العامة للحرب القادمة تقول أن هذا (الخصم) لن يكتفي فقط بالإيلام السطحى للكيان، بل بالضرب الجذري في بُنية وجوده وتفوّقه، إن (ديمونة) كمفاعل نووي مُستهدَف وقد ينفجر بصاروخ من الصواريخ الحديثة التي بات يمتلكها حزب الله وسوريا ومقاومو غزّة، وسيكون للانفجار المباشر أو لحاويات غاز الأمونيا السام المتواجدة في ميناء حيفا؛ آثاره ليس فحسب العسكرية بل والاجتماعية والدينية والحياتية بإجمال على بنية الكيان؛ ومن ملامح الحرب القادمة أيضاً ما سرّبته تقارير استخباراتية دولية وإسرائيلية مؤخّراً نيّة (حزب الله) نقل المعركة إلى داخل مستعمرات الكيان الصهيوني في الجليل ونهاريا، واحتلالها، بعد تحريرها من دنَس المستوطنين الأمر الذي سيغيّر من معادلة الطيران، والتفوّق الجوي، فالأرض لم تعد كما هي.

  تصوّرات عدّة لحرب قادمة نرى الآن إشاراتها ونسمع دقّات طبولها، فأين الحقيقة فى كل هذا ؟

أولاً: تعدّدت الإنذارات عبر الدراسات الإعلامية والتحليلات الاستراتيجية الصهيونية خلال الفترة الماضية وكان أحدثها قبل أيام وتحديداً في 18/3/2017، حين خرج المحلّل الاستراتيجى الصهيونى (يوسف الفير) وتحت عنوان (Israel`s next Big war) (حرب إسرائيل الكبرى القادمة) بدراسة منشورة على موقع (Forward)، وفي هذه الدراسة المهمة، توقّع (الفير) أن الحرب الكبرى القادمة التي ستدخلها إسرائيل ستكون ضدّ بعض القوى الإيرانية والسورية وحزب الله على طول حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان، ولم يستبعد أن تنخرط إسرائيل في حرب أخرى مع حركتى الجهاد الإسلامى وحماس في غزّة (خصم إسرائيل في حرب غزّة التي خلّفت خسائر فادحة في عام 2014، والتي أدّت إلى مقتل ما يقرُب من 1200 فلسطيني و 73 إسرائيلياً).

لكن الكاتب عاد ليُشير إلى أن الحرب المقبلة في شمال إسرائيل، التي تضمّ ما يُقدّر بـ 1.2 مليون نسمة، قد تكون أقرب إلى حرب شاملة لم تشهدها الدولة العبرية منذ عام 1973.

وعزا الكاتب الأسباب التي قد تؤدّي إلى اندلاع مثل هذه الحرب إلى ما أسماه بـ (الحرب الأهلية) الجارية في سوريا، والمواجهة المستمرّة بين إيران وإسرائيل ولنتائج الأزمة السورية الدامية ولطبيعة التطوّرات الجديدة للصراع العربي الإسرائيلي وإن كان بدرجة أقل من الحرب السورية.

وحذّر الكاتب من أن نتيجة هذه الحرب لن تؤدّي فقط إلى تدمير كبير داخل إسرائيل، ولكن أيضاً إلى تعزيز العلاقات الاستراتيجية المزدهرة بين إسرائيل وجيرانها من الدول السنّية، وهي مصر والأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة – الذين يتشاركون – وفقاً لزعمه- مع إسرائيل مخاوفها بشأن طموحات إيران الاقليمية العدوانية، بالرغم من تحفّظاتهم حول القضية الفلسطينية. وبهذا المعنى، فإن المواجهة في شمال إسرائيل ستعكس بصورة حاسمة التغيّرات الحالية البعيدة المدى في التوازن الاستراتيجي للسلطة في الشرق الأوسط.

تابع الكاتب بقوله «تشهد الحرب الأهلية في سوريا مراحلها النهائية، على الأقل في الجزء الغربي أو غير الصحراوي من سوريا وفي الجنوب على طول الحدود السورية مع مرتفعات الجولان الإسرائيلية والأردن. وقد رجّح التدخّل الإيراني والروسي كفّة نظام الأسد في دمشق. وبمساعدة بشّار الأسد على الفوز على الأرض، حشدت طهران ائتلافاً حربياً واسعاً من الشيعة بالقرب من حزب الله في جنوب لبنان وبعيداً عن أفغانستان والعراق».

مضيفاً بقوله: " إن نهاية القتال في الجزء الغربي من سوريا ستترك كل هذه القوات التي خاضت المعارك بالقرب من الجولان. يُضاف إلى هذه القوات الترسانة العسكرية التي يمتلكها حزب الله، حليف النظام السوري، والتي تُقدّر بحوالى 100 ألف صاروخ قادر على استهداف غالبية الأراضي الإسرائيلية، إلى الجنوب من مفاعل ديمونة النووي" .

* إن نهاية القتال في الجزء الغربي من سوريا – وفقاً للدراسة الإسرائيلية - ستترك كل هذه القوات التي خاضت المعارك بالقرب من الجولان وكتهديد عسكري لإسرائيل، وفي خاتمة هذه الدراسة المهمة أشار (يوسف الفير) إلى زيارة نتنياهو إلى روسيا وأميركا والصين والتي ركّز فيها على موقفهم مما أسماه (الخطر الإيراني على إسرائيل).

وختم (الفير) دراسته التحذيرية بأسئلة مهمة عدّة كان أبرزها:

- هل يمكن إقناع «بوتين» كي يُخرِج القوات الإيرانية والوكلاء الخارجيين من سوريا كجزء من المباراة النهائية الروسية هناك؟.

- هل سيكون التهديد الإسرائيلي باستهداف لبنان في المرة القادمة حاسماً لردع حرب أخرى مع حزب الله، أم يمكن أن يكون له أثر في توسيع تلك الحرب؟.

- إذا اندلعت الحرب، وهاجم حزب الله بعشرات الآلاف من الصواريخ معظم إسرائيل، هل سينجح ردّ الفعل الإسرائيلي، الذي يستهدف أجزاء كبيرة من سوريا ولبنان في إنهاء الحرب المقبلة بسرعة؟.

- هل ستعاني القوات الإيرانية ما يكفي لردع طهران في المستقبل؟.

- هل ستعاني إسرائيل أيضاً من أضرار جسيمة في الأرواح المدنية والبنية التحتية؟.

* المحلّل الإسرائيلى لم يُجِب ولكنه أكّد أنه قَلِق للغاية وأن أركان المؤسسة العسكرية والسياسية قلقون مثله وليست لديهم إجابات محدّدة.

  ثانياً : تلك هي توقّعات وتساؤلات النُخبة العسكرية والإعلامية الإسرائيلية عن (الحرب القادمة)، ماذا عن الاحتمالات من الجانب الآخر، جانب (محور المقاومة)، بالتأكيد ليس هناك سيناريوهات منشورة لدى هذا المحور عما سيفعله، ومن المنطقي ألا تكون، لأن الحرب خدعة، وما يُقدّم من تصريحات، بما فيها التصريحات المشهورة للسيّد حسن نصر الله، هي من قبيل الحرب النفسية الناجحة، التي يعلم (السيّد) أن عدوه يأخذها بجدية تامة لمعرفته أن هذا (المقاتل) سبق للعدو الصهيوني اختبار أقواله وأفعاله عبر تجربة العدو المريرة معه وهزائمه المتتالية منه منذ (1982 حتى انتصاري 2000و2006) [هذا الرجل لا يكذب.. هذه هي خلاصة تحليلهم لشخصيّته طيلة الـ35 عاماً الماضية] هو لا يكذب بل يقول دائماً الصدق ومن ثم تؤخذ كل أقواله بجدّية وليس باستخفاف كما يفعل بعض إعلام الخليج المُدجّن، بالوهّابية والأمركة الكارِه لكل مقاوم سنّياً كان أو شيعياً !! .

* على أية حال..ما يرشح من معلومات على طرفي المواجهة (الإسرائيلي) و(العربي/ الإيراني/المقاوم) يقول أن الحرب هذه المرة، لن تقف عند حدود الدفاع عن النفس في لبنان أو غزّة أو سوريا، وسوف يتم نقلها إلى داخل أرض العدو، وسيتم استهداف مفاعل ديمونة؛ وهذا المفاعل الذي أنشئ عام 1958 بمساعدة فرنسية و1500 من العلماء الإسرائيليين مع خبرة فرنسية والماء الثقيل من النرويج، وبتمويل 500 مليون دولار ألمانى، وحماية دولية أميركية.. هذا المفاعل الذي بدأ يشيخ ويضعف، وتتسرّب آثاره الإشعاعية الآن إلى حدود مصر والمنطقة العربية المحيطة، إذا ما استهدف بأقل أنواع الصواريخ قوة، سوف ينفجر لأن معدّلات أمانه ضعيفة الآن للغاية وحتى العلماء الصهاينة أكّدوا ذلك في أكثر من مناسبة !!.

إذن ديمونة سينفجر..

وإذا ما انفجر فإن اتجاه الحرب ونتائجها سيتحدّد فوراً لأن نصف الكيان الصهيوني سيتأثّر صحّياً وعسكرياً وحياتياً وستتغيّر ملامح المنطقة كلها وأظنّ أن على مصر أن تنتبه لهذا الخطر وأن تلحق بقطار المقاومة وأن ترفض أن تشارك (السعودية) في حلف مع الصهاينة لأن ذلك سيأتي عليها بنتائج سلبية استراتيجية، فمصر عربية قدراً ومصيراً ومصالح !! ومن لم يفهم ذلك فهو إما جاهل أو مُتواطئ.

ثالثاً : وحتى إذا لم يتم استهداف ديمونة وتفجيره من الخارج بصاروخ أو من الداخل بفعل تهالكه وقِدَمه، فإن (حاويات الأمونيا) في حيفا التي هدّد السيّد حسن نصر الله مؤخّراً باحتمالات قصفها في أية معركة مقبلة، ستمثّل بديلاً كارثياً لتدمير جزء مهم من بنية الاستقرار والأمن الصهيوني حيث ستؤدّى مباشرة عملية قصف هذه (المخازن) إلى قتل ما لا يقل عن 17 ألف إسرائيلي في حيفا والمستعمرات المحيطة بها، فوفقاً للدراسات الصهيونية – المنشورة حديثاً - فإن صاروخاً واحداً لحزب الله من الشمال قادر على ضرب المنطقة الصناعية (في حيفا) وبالمناسبة كان ذلك في إمكان حزب الله عام 2006 ولكنه لتقديرات استراتيجية لبنانية لم يفعل، هذه المرة سيفعل خاصة إذا ما تم توسيع رقعة العدوان الصهيوني فإن صواريخ حزب الله (150 ألف صاروخ في أقل التقديرات الاستراتيجية العالمية) سيؤدّى واحد منها فقط إذا ما ضرب على هذه الحاويات أو المخازن إلى تسرّب 2400 طن أمونيا في المنطقة الصناعية في خليج حيفا (أي خُمس كمية الغاز الموجودة في الخزّان)، قد يؤدّي إلى إفناء وقتل 17 ألف إسرائيلى، بالإضافة إلى 77 ألف إصابة أخرى.  وقد تصل تكلفة الخسائر الصحية لمثل هذه الكارثة الكيميائية إلى15 مليار دولار.  يُضاف إلى ذلك الأضرار الواقعة على الممتلكات الخاصة والبنية التحتية والتي تُقدّر بعشرات المليارات.ويبلغ ارتفاع خزان الأمونيا الإسمنتي المستدير نحو ثلاثين متراً، ومساحة سطحه حوالى دونم واحد؛ بينما يقلّ سُمك ذات السطح عن ثلاثة سنتمترات.  ويمتلئ الخزان الذي أقيم قبل 25 سنة بإثني عشر ألف طنٍ من الغاز.

الجدير بالذكر، أنه في حرب يوليو/تموز عام 2006، كشف تقرير "مراقب الدولة" الصهيونية بأنه في يوم اندلاع الحرب كانت كمية غاز الأمونيا في الخزّان في حيفا 8200 طن، أي أكبر بأربعة أضعاف الكمية المسموح بها خلال الحرب.  ولم يعمل مسؤلو المنشأة على إفراغ الخزان من الأمونيا الزائدة، وإبقائها في نطاق الكمية المسموحة.  وفي ما يتعلّق بوضع منشأة الأمونيا أثناء الحرب، وصف "مراقب الدولة" سلوك قيادة "الجبهة الداخلية" بالخطير للغاية!!.

هذا هو السيناريو الثانى تفجير (حاويات الأمونيا في حيفا) بعد سيناريو (تفجير ديمونة) وهو سيناريو كارثي للعدو الصهيونى، ونحسب أنه سيتحقّق لأن محور المقاومة، ساعة هذه الحرب الكبرى لن يكون لديه ما يخسره، أو ما يعمل له حساباً، لأنها ستكون حرباً شرسة ومفتوحة على كل الاحتمالات.

رابعاً : أما السيناريو الثالث المتوقّع من قِبَل محور المقاومة وكتبت عنه (المواقع) والصحافة الصهيونية والأميركية أكثر من مرة (ومنهم موقع ديبكا الاستخباري الصهيوني) منذ العام 2010 وحتى 2017، فهو قيام حزب الله وفصائل فلسطينية متواجدة في لبنان بتحرير الجليل الأعلى من الصهاينة وتحديداً الاستيلاء على مستوطنة نهاريا، ما يؤدّي إلى إضعاف استراتيجي في قدرة الجيش والطيران الصهيوني على ضرب الـ5 آلاف مقاتل الذين تم تدريبهم جيّداً لهذا الهجوم الاستراتيجي، وسيجبر الجيش البري الإسرائيلي على خوض حرب عصابات مريرة، سبق وفشل فيها في حرب 2006 حين حاول أن يفعلها في بنت جبيل وقرى ومدن الجنوب الأخرى. إن هذا التحوّل في الحرب، سيؤذي كثيراً الدولة العبرية وجيشها الذي زعمت من قبل أنه لا يُقهر.

* أيضاً ... ومع توسّع الحرب، فإن (غزّة) ستقدّم عبر الـ12 صاروخاً بعيدة المدى التي تمتلكه المقاومة بكل فصائلها، والتي ساهمت إيران وسوريا في صناعتها؛ مفاجآت استراتيجية قادمة من الجنوب إلى الشمال كما يقدّم حزب الله مفاجآته من الشمال إلى الجنوب، أما جبهة الجولان والأردن فإن الاحتمالات المؤلمة ضدّ إسرائيل فيها واردة، رغم وجود بعض فصائل المعارضة السورية المتحالفة مع الكيان الصهيونى، ونحسب ما ذرعه الشهيد سمير القنطار ورفاقه الكبار هناك من خلايا مقاومة، سيستمر ولن يضيع هباء، أما (رام الله) النائمة على معسول اتفاقات أوسلو ومخدّرات التنسيق الأمنى، فنحسبها ستستيقظ بعمليات استشهادية وانتفاضات نوعية، تعوّدناها من هذا الشعب المُعلّم عبر المائة عام الممتدّة من عمر الصراع.

  إنها الحرب إذن ..

لن تكون سهلة على الطرف الإسرائيلي كما اعتاد بالتأكيد سيكون قادراً على البدء بها، وعلى التدمير، والتخريب بجيشه وسلاح جوّه، وعملائه من ساسة وإعلاميين عرب ومن لفّ لفّهم؛ ولكن الثمن المتوقّع أن يدفعه سيكون باهظاً .. وربما تكون فى هذا الثمن بداية النهاية التاريخية لهذا الكيان السرطانى.

ومَن يعلم؟.. ربما.

  المصدر: الميادين نت