الكيان يستغل زيارة ترامب لتمرير «يهودية الدولة»… خطوة باتجاه الزوال!.. بقلم: عباس الزين

الكيان يستغل زيارة ترامب لتمرير «يهودية الدولة»… خطوة باتجاه الزوال!.. بقلم: عباس الزين

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٠ مايو ٢٠١٧

 جاءت دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "اسرائيل" الى طاولة المفاوضات، تحت رعاية البيت الأبيض الأميركي، لتدفع كيان الاحتلال الصهيوني الى مزيدٍ من التصعيد السياسي والأمني، عبر وضع شروطٍ يسعى من خلالها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الى الضغط على السلطة الفلسطينية أكثر، وإجبارها على الذهاب نحو طاولة مفاوضاتٍ بشروط "اسرائيلية"، عليها تنفيذها قبل أي عملية "سلام" بمعناها الاميركي-"الاسرائيلي".

سعى كيان الإحتلال خلال السنواتِ الأخيرة الى تمرير مشروع "يهودية الدولة" أكثر من مرة، إلّا أنّ تلك المحاولات باءت بالفشل، لأسبابٍ "إسرائيلية" لها علاقة بالتصادم السياسي بين نتنياهو ومعارضيه، بالإضافة الى اسبابٍ اقليمية ودولية، لم تكن جاهزةً لذلك. ومع وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الى البيت الأبيض، بدا واضحًا أنّ سياسته مبنية على انهاء القضية الفلسطينية، كأولوية، بالإضافة الى تحصيل اعترافٍ عربي رسمي وعلني بـ"الدولة الإسرائيلية"، وترويض السلطة الفلسطينية قدر الإمكان لتكون منطلقًا لذلك. وهذا لا يعني أنّ إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك لم تسعَ لذلك، إلّا أنّ المتغيّر هنا هو الظروف، والطريقة المتبعة.

الى ذلك، وفي الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لوصول ترامب، صادقت "الكنيست الإسرائيلية"، بالقراءة التمهيدية، على ما يسمى "قانون القومية"، الذي بادر إليه عضو "الكنيست" آفي ديختر. اقتراح "القانون" الجديد ينص على أن "دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي"، وأن "حق تقرير المصير في دولة "إسرائيل" يقتصر على الشعب اليهودي". كما ينص اقتراح القانون على أن "لغة الدولة هي اللغة العبرية"، وتغيير مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى "لغة لها مكانة خاصة في الدولة، وللمتحدثين بها الحق في المنالية اللغوية لخدمات الدولة". ويذكر ان "اللجنة الوزارية للتشريع" صادقت، الأحد المنصرم، على اقتراح القانون.

في موازاة ذلك، اعتبر مشروع "القانون" أنّ الفلسطينيين في الداخل المحتل، ليسوا من سكان الأرض الأصليين بل هم يتواجدون داخل "إسرائيل"، وان لا حق لهم في التدخل في "دولة إسرائيل" ولا في تشريع "القوانين" التي تخص الشعب اليهودي فقط.

وفي السياق نفسه، فإنّ الأخطر في تفسير "القانون" اعتبار أنّ الشعب الفلسطيني ليس من السكان الأصليين وانه يمكن طردهم في أية لحظة من الكيان، تحت حجج وذرائع مختلفة، كما حصل مع الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين في عام 1948 وعام 1967 عندما تم تهجيرهم بالقوة. بالإضافة الى اسقاط اللغة العربية كلغةٍ "رسمية" يفتح المجال لقراراتٍ لاحقة، ستنتج "مجتمعًا اسرائيليًا" وطمسًا للمعالم العربية في الكيان، لا سيما من خلال مناهج التعليم المفروضة.

على صعيدٍ متصل، وفي غضون ذهاب الكيان باتجاهاتٍ عنصرية اكثر، تؤكد دراسات وأبحاث أعدها صهاينة، ان هذا الامر سينعكس سلبًا على وجود الكيان بحد ذاته، ولن يكون فقط مسألة سياسية عابرة، تختلف وجهات النظر فيها بين المعارضين والمؤيدين. وحول ذلك، نشر مركز أبحاث "Shoresh" "الإسرائيلي" إيجازًا سياسيًا يقدم رؤية متشائمة لآفاق تطور الكيان الصهيوني، على خلفية وجود عدد من التحديات الاجتماعية الاقتصادية الكبرى. ووفقًا للإيجاز، باتت تلك التحديات تهدد قدرة "إسرائيل" على الدفاع عن نفسها، حيث يقول المركز إنّ "أزمة واحدة فقط تهز الأمة مصدرها المجال الأمني أو المجال الاقتصادي، قد تطلق عملية لا رجعة عنها".

الإيجاز الذي تم وضعه من قبل عضو المركز دان بن دافيد، ونائب مدير المركز أيال كيمهي، استجابة لطلب "المجلس الاقتصادي الوطني التابع لمكتب رئيس وزراء الإحتلال، تحدث عن التحديات الكبرى، التي تهدد مستقبل "إسرائيل". وأشار المركز إلى "تراجع الإنتاجية، وتدهور مستويات عدم المساواة في المجتمع، وتنامي الفقر"، مشددًا على "ضرورة اعتماد "معالجة جذرية" لتصحيح الوضع في عدد من المجالات الحيوية، بما فيها التعليم والتدريب المهني والبنية التحتية للنقل، والإسكان، والرعاية الصحية، وشفافية الميزانية". وحذر الإيجاز من "تنامي الفجوة التي تفصل بين "إسرائيل" واقتصادات العالم المتقدمة"، مؤكدًا أنّ "زيادة المعونات الاجتماعية بقدر كبير قد تصبح حلًا مرحليًا، لكن إيجاد حل طويل الأمد سيتطلب توفير ظروف أفضل لـ"الإسرائيليين" لزيادة أرباحهم ووضعهم الاجتماعي، وكذلك إجراء إصلاح هيكلي في مجال التعليم، ورفع كفاءة البنية التحتية بشكل جذري".

في غضون ذلك، تتصاعد وتيرة مقاطعة الكيان الصهيوني مؤخرًا، على خلفية سياساته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، مما أثّر بشكلٍ ملحوظ على اقتصاد الكيان. وفي هذا السياق، عقدت الحملة الشعبية المصرية لمقاطعة "إسرائيل" (بي دي إس مصر) مؤتمرًا شعبيًا في القاهرة، لمناصرة الأسرى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. حيث كشف الناشط في «بي دي إس مصر»، طارق إسماعيل، إن الحركة حققت إنجازات ملموسة أمام جماهيرها العربية، حيث اضطرت شركة أورنج للاتصالات، وهي التي دعمت في السابق وحدة استخبارات ووحدة مدرعات "إسرائيليتين"، شاركتا في اقتحام غزة، كما دعمت جنود الاحتلال بدقائق اتصال مجانية، وأقامت شبكة تقوية لمستوطنات، بفضل نضالات «بي دي إس» إلى فسخ تعاقداتها مع "إسرائيل"، كما نجحت حملتها التالية ضد «جي فور إس»، التي كانت تدرب شرطة "إسرائيل" على الكمائن والتعذيب، حيث قامت دول عربية منها الأردن ولبنان والكويت بفسخ تعاقداتها معها، بعد أن علمت بالحقيقة.

ولفت اسماعيل، الى ان مجموع خسائر "إسرائيل" من «بي دي إس» بلغ في نهاية 2016، تسعة مليارات دولار، وتتواصل نجاحاتها من حملة إلى أخرى، أبرزها حملة «كرت أحمر» على الصعيد الرياضي، لشطب الفرق الرياضية التي تمثل المستوطنات، والتي سيتم التصويت بشأن مصيرها في "الفيفا" يوم غد. يأتي ذلك، في وقتٍ صوّتت فيه أغلبية أعضاء المجلس البلدي في مدينة برشلونة الإسبانية مؤخرًا، لصالح قرار ينص على شرعية النضال السلمي الذي أقرته حركة المقاطعة ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني عام 2005، لجهة الدعوة إلى "مقاطعة الكيان، وسحب الاستثمارات منه، وفرض العقوبات عليه". ويُعد تبني هذا القرار من قبل مدينة برشلونة التي يبلغ عدد سكانها مليون وسبعمئة ألف نسمة إنجازًا كبيرًا وخطوة ايجابية، ليصل عدد المدن التي تبنت المقاطعة في اسبانيا إلى 70 مدينة.
بيروت برس