واشنطن تسلح الوحدات الكردية ... ما الجديد ؟؟

واشنطن تسلح الوحدات الكردية ... ما الجديد ؟؟

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٠ مايو ٢٠١٧

ريزان حدو
أعلنت وزارة الحرب الأمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وافق على خطة لتسليح وحدات حماية الشعب الكردية.
و في قراءة للخطوة الأمريكية نجد أن قرار التسليح هو قرار بالظاهر جيد لصالح الوحدات وخطوة متقدمة و لكنه في المضمون أجوف لعدة أسباب:
1- تسليح وحدات الحماية ليس بالشيء جديد فهو بدأ منذ 3 سنوات.
2- لم يشر القرار إلى نوعية التسليح، فوحدات الحماية ليست بحاجة إلى أسلحة تقليدية، إنما بحاجة إلى أسلحة نوعية و على رأسها مضادات الطيران للتصدي للطائرات التركية.
3- هذا القرار جاء كرد أمريكي انتظره الكرد على الغارات التركية التي استهدفت مقار قيادة وحدات الحماية في كراتشوك، و هذه ردة الفعل الأمريكية نراها بالمضمون جاءت لصالح تركية أكثر منها لصالح الكرد، أو على الأقل دون التوقعات.
ومن المفيد الإشارة إلى أن صدور القرار الأمريكي بتسليح وحدات الحماية جاء بالتزامن مع الزيارة التي يقوم به وفد تركي رفيع المستوى لواشنطن مكون من رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، ورئيس جهاز الاستخبارت هاكان فيدان، بهدف الترتيب للزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان منتصف أيار الجاري.
4- لم تكد تمضي ساعات عن إعلان واشنطن تسليح وحدات الحماية، حتى أعلن مصطفى سيجري القيادي في لواء المعتصم أن قيادة التحالف الدولي أصدرت اليوم كتاباً يقضي بتسليم لواء المعتصم (المدعوم بشكل مباشر من البنتاغون والذي يرتبط بذات الوقت بعلاقات وثيقة مع الاستخبارات التركية) مسؤولية حماية مناطق خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي (مريمين - المالكية - الشواغرة - ديرجمال - منغ - مرعناز -  عين دقنة - تل رفعت  -  الشيخ عيسى - حربل -  كفر ناصح).
وجاء هذا القرار بعد مفاوضات بدأت منذ شهرين تقريباً ولا تزال مستمرة حتى الآن، على أن ينحصر حمل السلاح بيد عناصر اللواء فقط، بالإضافة إلى عودة أهالي القرى المذكورة من المدنيين ومقاتلي المعارضة بدون سلاح، كما يسمح للمدنيين الكرد من أبناء تلك القرى دخولها و الإقامة فيها تحت حماية المعتصم.
5 - إعلان لواء المعتصم عن قرب تسلمه أحد عشرة قرية محيطة بعفرين في ريف حلب الشمالي تزامن هو الآخر مع إعلان جبهة النصرة عن نيتها السيطرة على جبل الشيخ بركات ( غربي عفرين ) الذي يتصف بموقع استراتيجي كصلة وصل بين ريفي حلب وإدلب من جهة، وإشرافه على مدينة عفرين من جهة أخرى، إضافة إلى طبيعته الجغرافية والتي تؤهله ليكون الحصن الحصين لقادة إمارة إدلب يحميهم من الغارات الجوية،.
وتحاول جبهة النصرة بهذا الإجراء استنساخ نسخة عن جبال تورابورا معقل تنظيم القاعدة في أفغانستان والذي كان الملاذ الآمن والدرع الذي حمى قادة القاعدة من الغارات والصواريخ الأمريكية على مدار 16 عاماً والتي جاءت كرد على أحداث 11 سبتمبر 2001.
6 - إن كانت الولايات المتحدة جادة بدعمها لوحدات الحماية فهل ستتجاوز الفيتو التركي الذي استخدم كذريعة لتبرير عدم دعوة الكرد لحضور اجتماعات جنيف السابقة، وتعمل على إشراك الكرد في اجتماع جنيف المقبل؟!
فمن يتجاوز الفيتو التركي لتسليح الكرد ويعلن أنه سيقوم بتسليحهم، حكماً يستطيع أن يتجاوز الفيتو التركي المعرقل لحضور وازن الكرد على طاولة المفاوضات السياسية ويعمل إلى إشراكهم في محادثات جنيف المرتقبة في منتصف أيار مايو الجاري.
إلى الآن يبدو أن واشنطن مازالت تمارس سياستها المعهودة في إدارة الأزمات وليس حلها، ولعل سياسة واشنطن التي تتبعها مع تركيا و الكرد أبرز مثال على هذا، فهي تحاول الموازنة بين علاقتها الإستراتيجية مع تركيا العضو الوظيفي في حلف الناتو، وعلاقتها الطارئة مع الكرد كحليف موثوق للتحالف الدولي ضد داعش، حليف أثبت كفاءته القتالية العسكرية.
قد يتساءل سائل كيف يرحب قسم من الكرد بالقرار الأمريكي رغم وجود تساؤلات وملاحظات مشروعة حول طبيعة الدعم الأمريكي لوحدات الحماية ؟!
إن الإجابة على هذا السؤال يتطلب منا مراجعة لبعض المواقف الروسية من الكرد:
1- العلاقة الأمريكية مع وحدات الحماية بدأت خلال معركة كوباني (عين العرب) 2014 بعد أن تمكن تنظيم داعش من السيطرة على ريف كوباني وعلى أجزاء كبيرة من المدينة، ووقتها ترك الكرد لوحدهم حوالي 40 يوماً، يواجهون قوة إرهابية مجهزة بعتاد عسكري كبير، ومن ثم قررت واشنطن تقديم الدعم العسكري للكرد بعد أن وصلوا لحالة الغريق الذي يبحث عن قصة ليتعلق بها.
و هنا نسأل ما الذي منع موسكو من أخذ المبادرة و المسارعة لتقديم العون للكرد وهم القوة التي طالما أثبتت أنها تحارب بنجاعة و إخلاص الجماعات الإرهابية.
و لعل معركة رأس العين التي بدأت في نوفمبر 2012 وتصدي الكرد لجبهة النصرة و غرباء الشام و حلفائهم من الجماعات الإرهابية أبرز مثال على مواجهة الكرد للجماعات الإرهابية.
2- مع الآسف يبدو أن كفة العلاقات والمصالح الاقتصادية بين موسكو و أنقرة رجحت على حساب دعم الكرد، فموسكو لم تقدم أسلحة نوعية إلى الكرد
3- عدم دعوة الكرد لحضور اجتماعات الآستانة والتي تعتبر موسكو عرابه، كانت محط استغراب واستهجان من قبل الكرد، و خصوصاً وهم يشاهدون أن بعض المدعويين لاجتماعات الآستانة هم ممثلون لجماعات مارست كل أشكال الإرهاب بحق الشعب السوري بمختلف مكوناته ( ياسر عبد الرحيم فيلق الشام - محمد علوش جيش الإسلام و آخرون ).
الاعلام الحربي المركزي