قمة الرياض.. فوز أمريكا وإقالة ترامب وخسارة بن سلمان.. بقلم: إيهاب زكي

قمة الرياض.. فوز أمريكا وإقالة ترامب وخسارة بن سلمان.. بقلم: إيهاب زكي

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ مايو ٢٠١٧

 بيروت برس -

"من يقلل من أهمية زيارة ترامب للسعودية، هو عدو للسعودية وللعرب وللأمة".
"زيارة ترامب للسعودية تسبب قلقًا كبيرًا لإيران وكل من ارتبط بها".
"تفرد السعودية بقيادة العالمين العربي والإسلامي".
"الزيارة ستجعل الخارجين عن القانون أكثر انضباطًا والمغامرين أقل تهورًا".
"الزيارة ستساعد في تعزيز السلام والتعايش بين شعوب المنطقة".
"مواطن سعودي يطلق على مولودته اسم إيفانكا تيمنًا باسم ابنة الرئيس الأمريكي".

هذه عينة من عناوين وكتابات سعودية على هامش زيارة ترامب للسعودية، وتجنَّبت إيراد بعض ما قاله رجال دين المملكة، احترامًا لتلك النفوس التي لا زالت تحمل للإسلام ألقه بعيدًا عن الوحل الذي أغرقته به تلك المضارب، فحفاوة مؤسسات المملكة السياسية والإعلامية وخصوصًا الدينية، تجعل كل صحيح الأثر الديني في موطن الشك، حيث أن ذلك الأثر لم ينبئنا بهذه الشخصية التي ستعيد للأمة دينها وأمنها وعزها، فكيف لهذا الحدث الجلل على كل المستويات، ألَّا يخبرنا به أحسن القَصص. وبعيدًا عن هذا الغبار المفتعل، فإنّ لا شيء يدخل حيز المفاجأة حتى الآن، اللهم سؤال قرينة ترامب عن عطر العود، الذي هزَّ أركان المملكة حد مطاولة عنان السماء فخرًا، غير ذلك لا شيء يستفز الأقلام على جهد الكتابة ولا العقول على نَصَب التفكير، فالعبودية والتبعية تجلت بشكلٍ واضح، والأوضح أنها عبودية مدفوعة الأجر.

على قاعدة البيت الذي قتل صاحبه، وهي رواية منسوبة للمتنبي، فهناك أيضًا المقال الذي أطاح بصاحبه، ففي العام 1974 إبان زيارة الرئيس الأمريكي الفضيحة "ووتر غيت" إلى مصر، كتب الراحل محمد حسنين هيكل مقالًا بعنوان الظلال والبريق، وكان سببًا ليقوم السادات باطاحته من على عرش جريدة الأهرام، وكان في ذلك المقال قد قارب الراحل بين حفاوة الاستقبال وغزارة التنازلات، وبين وقوف نيكسون على شفير الإقالة، وبالتالي عدم قدرته على الإيفاء بوعوده إن وعد، وقد اعتبر الأستاذ هيكل وقتها بأنّ محاولات نيكسون صناعة منجزات خارجية للهروب من مقصلة الإقالة لن تجديه نفعًا، لأنّ الفضيحة ستكون سمة الجمهوريين جميعًا لا خطأ عضو جمهوري. وما حدث بالفعل، هو ضرب العصفورين بحجرٍ واحد، أُقيل نيكسون واحتفظت أمريكا بالتنازلات واستمراريتها، دون الالتزام بأيٍ من وعود نيكسون، وكان الأستاذ هيكل في نفس المقال قد وصف عصر نيكسون بعصر التفاهة الذي تحول إلى عصر الفضيحة. وبالمقارنة مع عصر ترامب، فإنّ التفاهة تصبح هي الرصانة بعينها، ومع مقارنة فضيحة التنصت والعبث بتسجيلات البيت الأبيض، مع فضيحة التعاون مع روسيا وتسريب معلومات أمن قومي لوزير خارجيتها-حسب الادعاءات الأمريكية- تصبح "ووتر غيت" هي النزاهة بذاتها.

وصف بعض الإعلام "الإسرائيلي" زيارة ترامب إلى الأراضي المحتلة ولقاءه المزمع مع نتن ياهو، بأنّه زيارة بطة عرجاء إلى بطة عرجاء، وتذكر "الصحافة العبرية" بأنّ لفظ إقالة بدأ يتردد في جنبات المؤسسات الأمريكية، وقد يعيد التاريخ نفسه، فيُقال ترامب وتفوز أمريكا بالعقود العسكرية والتجارية مع السعودية التي بلغت 460 مليار دولار، وستتخطى النصف تريليون حتمًا مع باقي الدول الخليجية، إن لم تصل إلى تريليون دولار، وهو المبلغ الذي قال ترامب أنه سيوفره لإنعاش اقتصاد بلاده، بالإضافة إلى التطبيع مع كيان الاحتلال وإنعاش آماله بـ"دولته الكبرى". ونحن هنا لا يهمنا إن أُقيل ترامب أم أكمل مدة ولايته، بعكس محمد بن سلمان، الذي سيخسر تأشيرة ترامب على تنصيبه ملكًا إن وُعد بها، فالولايات المتحدة هي بالنسبة لنا عدوٌ من خلفه كل المصائب، بغض النظر عمن يسكن بيتها الأبيض، ولكن ما يهم هو ما سيتمخض عن هذه الزيارة من تشكيل ما يسمى بـ"ناتو عربي إسلامي"، وهل ينجح في أول اختباراته والتي أتوقع أن تكون اليمن. لا يراودني شك بعجز الولايات المتحدة وربيبتها "إسرائيل" عن مواجهة مباشرة مع محور طهران دمشق بيروت، وبحسب تجربة الأحلاف السابقة التي شكلتها السعودية، فإنّ الأرجح أن تكون هذه تجربة فاشلة، وأن ينفض غبار الترحيب والقمم عن بعض المكآفات للحضور عن حضورهم، ثم ينفض الجمع لتجد السعودية نفسها متفردةً بالتقشف والوحدة لا بالتفرد بقيادة العالمين العربي والإسلامي.

يكاد الإعلام النفطي يجمع على أنّ إيران استغلت ضعف أوباما لتسيطر على القرار الأمريكي، والأنكى من ذلك الإيحاء بأنّ السعودية باستراتيجيتها الحازمة والعازمة ستخلص أمريكا من براثن إيران، وعلى إيران أن تشعر بالخوف، كما أنّ ما يسمى بـ"المعارضة السورية" في الرياض، أجمعت على أنّه "بعد هذه القمة على الأسد أن يشعر بالقلق"، ومن غير اللائق الجدّ في موقع الهزل هذا الذي تتموضع به كل تلك الكيانات الهشة، وبما أن تفنيد هذه "الأفكار"- إن جاز التعبير-، سيأخذنا إلى جدية غير لائقة، لذلك فإنّ أفضل ختامٍ كتفنيدٍ لائق، هو إحالة القارئ على نكتة الفأر الذي وقع في برميل خمر بحضور الأسد.