هل تعثرت لعبة الخرائط؟ .. بقلم: نبيه البرجي

هل تعثرت لعبة الخرائط؟ .. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الجمعة، ١٦ يونيو ٢٠١٧

«نحن امام منطقة تقف على عكاز زجاجي، ربما كان عكازاً من النار. ان هوت هوينا معها».

هذا هو رأي وزير الخارجية الفرنسية اوبير فيدرين الذي يلاحظ ان ثمة رجلاً في البيت الابيض ليس مؤهلاً لكي يدير، بعصا المايسترو، صراعات، او ازمات، معقدة الى هذا الحد...
لكنه قد يكون مؤهلاً لعقد الصفقات «بلغة بائع الارصفة (عندنا في لبنان بائع الترمس او بائع الكعك على سبيل المثال) لا بلغة من يتولى ادارة الكرة الارضية.
وحين قال وزير الخارجية الالماني زيغمار غبرييل ان الازمة بين الرياض والدوحة، ان تصاعدت فقد تقود الى حرب كبرى. لم يكن يقصد، بطبيعة الحال، الحرب بين السعودية وقطر. للدولتين علاقاتهما الاستراتيجية في المحيط كما خارج المحيط.
هذا يكشف الى اي مدى حساسية بل هشاشة العلاقات، والمعادلات، وحتى القواعد المصطنعة للتوازن، على امتداد الشرق الاوسط...
اذاً، هل اكتشف جنرالات اميركا الذين يعتبرون ان اجزاء من هياكلهم العظيمة صنعت من المواد ذاتها التي كانت تصنع منها الآلهة في الميتولوجيا الاغريقية، ان الاستمرار في اللعب العشوائي على المسرح الشرق اوسطي قد تكون له العواقب الكارثية على المصالح الاميركية...
المعلقون الاميركيون هم الذين يقولون ان الصراع الذي انفجر بين السعودية وقطر ابعد من ان يعود الى «قصة بني مرّة». هناك خلفيات استراتيجية شديدة الدقة، وظهرت على الساحة السورية، وربما على الساحة العراقية، حتى ان السعوديين لم يتوانوا عن اتهام الدوحة بمساعدة الحوثيين في اليمن...
غريب ان يحصل هذا لدولتين تداران بالخيوط الاميركية منذ عقود، ولم تتطور بنية السلطة فيهما قيد انملة بالرغم من التطورات الهائلة التي يشهدها العالم، لابل ان الثابت ان المخططين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة جهدوا لابقاء بعض دول المنطقة خارج جدلية الازمنة، في حين ان هذه الدول بالذات عرفت كيف توظف الصخب في الدول التي شهدت انقلابات عسكرية لحجب ازماتها البنيوية البعيدة المدى.
الآن، السعودية امام حربين رهيبتين، عسكرية في اليمن حيث الدوران الابدي في دوامة الدم، وديبلوماسية في قطر وحيث للمسألة ابعادها الاقليمية والدولية المعقدة بالرغم من تصريحات وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حول التنازلات...
الكلام السعودي ضد قطر لا يقال الا في اتجاه عدو ينبغي اجتثاثه، ولا احد يدري الى اين تمضي الامور ما دامت واشنطن تلعب على طرفي الازمة التي ربما اثرت في تفكير بعضهم داخل ادارة دونالد ترامب، ومن جيمس ماتيس الى هربرت ماكماستر الى مايك بومبيو...
 كان هناك شبه اتفاق، اتفاق منتصف الطريق، بين واشنطن وانقرة (وبينهما تل ابيب بطبيعة الحال) على تجزئة العراق. كثيرون من الساسة الشيعة تعاطوا مع السلطة كما الذئاب. التجربة كانت فاشلة جداً، وها ان حيدر العبادي، ويالرغم مما يحكى عن الحشد الشعبي، تمكن من استقطاب الكثرين من اهل السنة الذين توجسوا مما يخطط له السطان العثماني، ودون ان يقبلوا بالدور الايراني الضاغط في بلادهم...
حتى ان مسعود برزاني الذي تحول الى دمية تركية، وقد تمدد في اتجاه كركوك، حدد موعداً للاستفتاء على الاستقلال قبل ان يتراجع بعد ما جاء من ينصحه بأن ذلك سيجعله رهينة في يد انقرة التي تكره كل ما هو كردي، وبأن اللعبة اكبر منه بكثير...
كلام غربي عن ان لعبة الخرائط قد تعثرت ان في سوريا او في العراق. هذا لا يعني ان المنطقة كلها ليست في عنق الزجاجة. ماذا ان تحطمت الزجاجة؟
الديار