سيناريو صارم ينتظر مسلحي جوبر...وأيام تحسم مصيرهم

سيناريو صارم ينتظر مسلحي جوبر...وأيام تحسم مصيرهم

تحليل وآراء

السبت، ٢٤ يونيو ٢٠١٧

الدكتور خيام الزعبي

سورية...أرض كل المعارك ومستنقع الموت... هكذا وصفها المتابعين والمحللين العسكريين والسياسيين للشأن الإقليمي والدولي، ما يحدث اليوم في سورية يهم العالم لكنه يهم بصورة خاصة كل العرب، لأنه في حال سقوط دمشق، سيرتفع العلم الأسود والأبيض المروع لـ"داعش" فوق سورية، ويصبح الكيان الصهيوني هو المسيطر الأول رغم سيطرته الآن لكن بنسبة لا تتظح للعيان، ولأن شعار الجيش السوري النصر أو الشهادة يخوض مقاتليه معركة حياة أو موت مع التكفير والإرهاب بكافة أصنافه حيث ﻻ يكاد يمضي يوم إﻻ ويعلن الجيش حصيلة جديدة للمواجهة المستمرة على أرض سورية، وبالأخص مثلث جوبر وعين ترما وزملكا و عربين الذي يعتبر بوابة لإمداد المسلحين شرق دمشق.

على صعيد آخر، صعّد الجيش السوري من تحركه شرق دمشق، فارضاً عزلاً نارياً بين حي جوبر والغوطة الشرقية، بالتزامن مع تقدم مشابه ضمن القرى الواقعة على الخط الواصل بين العاصمة والجنوب السوري، وبدء الجيش السوري قبل عدة أيام عملية عسكرية باتجاه ثلاثة محاور، ويهدف المحور الأول الى توسيع السيطرة في حي جوبر أما المحور الثاني باتجاه بلدة عين ترما والثالث باتجاه عربين وزملكا بإسناد جوي ومدفعي استهدفا مواقع جبهة النصرة وفيلق الرحمن الموجدين داخل الحي، وهدفت هذه العملية إلى استكمال طوق الأمان حول العاصمة لاسيما بعد تحرير أحياء القابون وتشرين وبرزة وبالتالي بات حي جوبر آخر الأحياء التي تقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة شرق دمشق.

الصمود الذي أبداه الجيش كان رداً كافياً لهذه الجماعات، بدأت المعركة بهجوم عنيف شنه الجيش السوري وحلفاؤه، كان الهجوم بشكل مفاجىء وسريع من مختلف المحاور والطرق، إذ وصل الجيش الى محاور طيبة والمناشر ومجمع البشائر وحي ميسلون، كما قام بالالتفاف على الجماعات المسلحة وكان بمثابة كماشة لها، تفاجأت هذه الجماعات وتخلخلت كل ترتيباتها، إذ تمكن الجيش من السيطرة على كتل سكنية عدة في محيط جامع غزوة بدر. كما استمر الجيش بالتقدم على محور الكباس ــ عين ترما، ما أدى إلى اجتياز وادي عين ترما الذي يمرّ عبره نهر بردى، هذا ما قد يرشح خلال الأيام القادمة عن تطورات إيجابية لمصلحة الجيش السوري وحلفاؤه ويأتي ذلك بعد السيطرة على فتحات الأنفاق في شارع الجسر، التي تربط عين ترما بجوبر.

وفي خارج دمشق سيطر الجيش وحلفاؤه على وادي اللويزية بالقرب من الحدود العراقية وباتجاه جنوب مدينة البوكمال بريف ديرالزور الشرقي في حين أحكم السيطرة على منطقة ظهر عباه شرق قرية أرك ب 10 كم بعد سلسلة عمليات مركزة على تجمعات تنظيم داعش بريف حمص الشرقي، وبالمقابل يواصل الجيش عملياته العسكرية عبر سلاحي الجو والمدفعية تجاه أوكار الجماعات المسلحة في ريف حمص الشرقي، مستهدفاً بغاراته الليلية تحركاتها وخطوط امدادها القادمة من أبو التبابير وأبو فاطور وجب حبل ورسم الطويل ، والتي تنشط بشكل كبير بعد منتصف الليل، في حين ترمي الجماعات المتطرفة ما لديها من أوراق، وترسل ما تبقى عندها من انتحاريين، لعلها تضع حداً لتقدم الجيش باتجاه عمق أحيائها.

وفي الجنوب السوري، يتابع الجيش عملياته على عدد من الجبهات، منها جبهة غربي درعا البلد، والمخيم الذي لا يفصل الجيش عن السيطرة عليه بشكل كامل سوى 800 متر، وبلدة النعيمة. ويهدف هذا التحرك على جبهة النعيمة إلى التوجه شرقاً نحو مفرق بلدة صيدا، على الأوتستراد الدولي الذي يتجه جنوباً نحو معبر نصيب الحدودي، إذ وتوضح المصادر العسكرية أن معبر منطقة نصيب الحدودية أصبحت تحت سيطرة الجيش السوري وبالتالي فأن السيطرة على هذه المنطقة الحدودية ستنعكس إيجاباً على المنطقة الجنوبية بشكل عام، خاصة في ظل تقدم الجيش السوري على مستوى المنطقة والبادية بشكل كامل.

والسيناريو إبان هذه العملية العسكرية وتمكن الجيش من إدارة المواجهات بعد عملية عسكرية ناجحة لوجستياً منحت طوقاً أمناً لمدينة دمشق، ومكنت وحدات الجيش من الدخول في عمق جوبر وكسر بعض التحصينات التي أعاقت تقدمها، وفي حال استطاع الجيش السيطرة على منطقة جوبر وعين ترما، تُصبح كل الطرق مفتوحة لباقي بلدات الغوطة الشرقية التي تعتبر ضمن المنطق العسكري مغلقة نتيجة أطواق الجيش بمحيطها، ويكون الجيش قد تخلص من آخر معاقل المسلحين المتقدّمة باتجاه العاصمة، وخاصة بعد الحديث الذي يجري عن إعلان تطبيق المصالحة في مخيم اليرموك الواقع جنوب العاصمة، في هذا الإطار يمكن القول أن عملية تحرير جوبر بداية النهاية لدحر الجماعات المتطرفة خاصة بعد أن فقدت أهم موقع ارتباط تعبوي ولوجستي بعد هزيمتها في منطقة القابون، وبخسارتها لهذه المناطق، تكون هذه الجماعات قد تلقت أكبر هزيمة إستراتيجية ضخمة.

واليوم ينظر السوريون إلى يوم تحرير ما بقي من المناطق تحت سيطرة المتطرفين حتى آخر شبر منها ورفع العلم العربي السوري فوق ثراها بعد تطهيرها من الجماعات المتطرفة، كما يجدد السوريون إصرارهم على استكمال معارك التحرير، وتخليص سورية من هذه الجماعات، وإجهاض كل مخططاتها تحت راية الثقة واليقين بأنهم لن يقدروا على مواجهة الجيش وإعادة عجلة الزمن إلى الوراء مرة أخرى فكل ما يجرى على أرض سورية الآن من صمود وثبات هو رسالة واضحة لهؤلاء الأعداء ليس فقط بأنهم لن ينجحوا وإنما أيضاً بأنه قد فات الأوان ولم يعد لهم أي مكان فى المعادلة السورية.

وأخيراً ...يبدو إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذا العام سيكون عام المغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة، وها نحن نعيش انتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم المستمرة لفقدانهم زمام المبادرة والسيطرة على مسار المواجهة العسكرية الجارية في البلاد.