ذرائع الكيميائي والقادة الأميركيون؟

ذرائع الكيميائي والقادة الأميركيون؟

تحليل وآراء

الخميس، ٢٩ يونيو ٢٠١٧

مازن جبور

«لماذا يكذب القادة؟» عنوان كتاب جون جي. ميرشيمر الذي يبحث في حقيقة الكذب في السياسة الدولية، ويتخذ شاهداً على ذلك، الكذب الذي حيكت ذرائعه الكيميائية لغزو العراق عام 2003، لتتابع واشنطن على نفس الخطا وتتسلح بالكذب وتخرج ذريعة الكيميائي في سورية إلى السطح في محاولة لإعادة سيناريو العراق، وفي محاولة منها أيضاً للضغط على روسيا وابتزازها سياسياً في سورية، في ظل الخلاف الناشب بينهما في محيط روسيا الاتحادية.
إذاً، يبدو أن واشنطن تحضر لغزو جديد في الشرق الأوسط وعادت لاستخدام الكذب في السياسة الدولية لتبرير عدوانيتها، حيث أصبحت الحرب احتمالاً قائماً في ظل عدوان أميركا المتكرر واتساع شرخ الخلاف بينها وبين روسيا.
وتصاعدت التوترات بشكل كبير بين الولايات المتحدة وروسيا في أعقاب إسقاط طائرة حربية سورية من قبل القوات البحرية الأميركية في 18 من حزيران. ورداً على ذلك، أصدرت وزارة الدفاع الروسية بياناً حذَّرت فيه من أنها ستتعقب مقاتلات «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، والطائرات من دون طيارٍ التابعة له التي تجدها روسيا عاملةً غرب نهر الفرات كأهداف. كما علَّق الروس خطاً ساخناً كانوا قد فتحوه مع واشنطن يهدف إلى تجنب الصدامات بين القوات الروسية والأميركية العاملة في سورية، لكن المسؤولين الأميركيين ادعوا أن الخط الساخن لا يزال قيد الاستخدام.
وفي التاسع عشر من حزيران 2017، اعترضت مقاتلةٌ روسية طائرة استطلاعٍ أميركية فوق بحر البلطيق. ووفقاً لمسؤولين أميركيين في القيادة الأوروبية الأميركية، كانت المقاتلتان على بُعد بضعة أقدام فقط في بعض الأحيان.
وفي حادثةٍ أخرى ربما أكثر خطورة وقعت في الحادي والعشرين من حزيران، اقتربت مقاتلةٌ تابعة لـ«الناتو» من طائرةٍ روسية فوق بحر البلطيق، وكان على متنها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وظهرت مقاتلة روسية مرافقة من طراز «سو27» ورفعت أجنحتها لإظهار أسلحتها، ثُمَّ طارت مقاتلة الناتو المتطفلة بعيداً.
إن التطورات الأخيرة للحرب في سورية، ونجاح مختلف الأطراف في تحقيق مكاسب على حساب تنظيم داعش الإرهابي، جعل تلك الأطراف تقترب من بعضها البعض جغرافيا، لتصبح المواجهة بينها أمرا ممكنا. حيث تتمثل النقطة المحورية في هذا الصراع، بعد السقوط المنتظر لمدينة الرقة، في منطقة دير الزور في الشرق، وخاصة الشريط الحدودي بين منطقة التنف ومدينة البوكمال، الخاضعة حالياً لسيطرة داعش.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تريد فعلا التورط في حرب جديدة في سورية، في حين تتجه قواتها إلى أفغانستان، وفي حين وضعت مخططات لنشر قوات في الصومال. في هذه الحالة، سوف تتحول الإستراتيجية العسكرية الأميركية إلى فوضى عارمة، تؤدي إلى نتائج عكسية.
على خط مواز، فإن الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري والقوى الرديفة في ظل تراجع وكلاء واشنطن وحلفائها في الإقليم على أرض الميدان السوري جعلها تسرع الخطا لكشف مخططاتها بغية تقسيم سورية.
كما أن العديد من المخاوف تساور واشنطن فيما يتعلق بعودة الارتباط الجغرافي لمحور المقاومة الممتد من طهران إلى بغداد فدمشق ثم بيروت إلى المتوسط، حيث ترفض واشنطن حدوث ذلك بأي ثمن.
كذلك يشكل الموقف الفرنسي مع الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون من سورية والرئيس بشار الأسد دافعاً يجعل واشنطن تحث الخطا نحو التصعيد في المنطقة.
فقد نقلت صحيفة «الحياة» المملوكة للنظام السعودي عن مصدر قريب من الرئيس ماكرون نيته إعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق. وذلك بعد القمة التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فرساي، فهو يسعى لإعطاء دور لفرنسا في المفاوضات السورية إلى جانب روسيا، خصوصاً أنه يرى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليست لها إستراتيجية واضحة في ما يخص سورية.
وفي غضون ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء، أمس: إن «التأكيدات الأميركية بأن الحكومة السورية قد تكون تخطط لشن هجوم كيميائي تعقد محادثات السلام السورية».
وحذر غاتيلوف الولايات المتحدة من «أي عمل من جانب واحد في سورية».
يأتي ذلك في إطار الرد الروسي على ما صرحت به السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي من «أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أصدرت تحذيراً إلى سورية بشأن هجوم محتمل بأسلحة كيميائية بعدما شاهدت استعدادات مماثلة لأنشطة حدثت قبل هجوم في نيسان».
وأبلغت هيلي جلسة لمجلس النواب أن «الإدارة لم تقصد بتحذيرها الحكومة السورية فقط وإنما روسيا وإيران».