إلى دير الزور سر..بقلم: عمر معربوني

إلى دير الزور سر..بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الأحد، ٢ يوليو ٢٠١٧

 لم تنتهِ الحرب على المنطقة بعد ولكننا بكل بساطة انتقلنا الى مرحلة مختلفة تمامًا لا ترتبط فقط بالإنجازات النوعية التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه، وهو ما ينطبق ايضًا على الجيش العراقي والحشد الشعبي.

في العنوان الرئيسي للمرحلة يبدو على رأس المتغيرات مسألتان أساسيتان:
1-    المسألة الأولى: الإنتقال من مرحلة الدفاع المتحرك والتي تضمنت هجمات مضادة موضعية الى مرحلة الهجوم الشامل الإستراتيجي بشكل متزامن في سوريا والعراق، حيث وصلت عمليات تحرير الموصل الى خواتيمها بموازاة تحرير حوالي 40 الف كلم مربع من جنوب شرق حلب والبادية السورية، واغلاق غالبية الجيوب التي يتمركز فيها تنظيم داعش وآخرها البارحة عندما ربط الجيش السوري المنطقة بين جنوب غرب الرصافة وجنوب إثرية، ليبقى جيب واحد هو المنطقة الممتدة من شرق السلمية حتى شمال تدمر والتياس وشرق تدمر وصولًا حتى السخنة، لنكون بعدها امام تكَوُّن خط الجبهة النهائي الممتد من المحطة الثانية شمال شرق التنف مرورًا بالسخنة وصولًا حتى الرصافة ولتنطلق منه ثلاثة اتجاهات هجوم رئيسية:
أ‌-    بإتجاه البوكمال من المحطة الثانية حيث يشكل محور الضليعيات حميمة قاعدة ارتكاز وحماية لهذا الإتجاه، وربما يتم منه اطلاق اتجاهات ثانوية للمشاغلة والمناورة باتجاه دير الزور.
ب‌-     إتجاه السخنة من تدمر وهو اتجاه اندفاع اساسي نحو دير الزور يمكن ان يتفرع منه اكثر من اتجاه وربما انزالات خلف الخطوط في اماكن تشكّل عقد ربط وسيطرة، علمًا بأن هذا الإتجاه سيكون الأصعب من بين كل الإتجاهات نظرًا لوجود دفاعات قوية لتنظيم "داعش" عليه.
ت‌-    اتجاه الرصافة – دير الزور وهو اتجاه رئيسي ومشاغلة بنفس الوقت سيؤثر في فعالية المُدافعة لدى تنظيم "داعش" كثيرًا، ويجبره على تثبيت قوات على هذا الإتجاه واتجاهات أخرى تضمن تشتيت الجهد ولا تؤثر في حركة القوات المندفعة.

2-    المسألة الثانية: وهي المتغير الأبرز على المستوى الإستراتيجي وأعني به عملية ربط الحدود بين العراق وسوريا وتاليًا بين طهران وبيروت، وهو الأمر الذي سيتم استكماله على جانبي الحدود العراقية – السورية إلّا انّه تحقق وبات هناك طريق عبور بالإتجاهين يمكن تسميته حاليًا بالممرّ او المعبر غير مكتمل الشروط، رغم انّه سيؤدي المهمات المرتبطة بالصراع لجهة:

أ‌-    تطوير عمليات التبادل التجاري بين العراق وسوريا، حيث أثّر اغلاق الطريق سلبًا على الإقتصاد السوري وخصوصًا منه الصادرات الصناعية والحيوانية، اضافة الى ان المنتجات الزراعية الناتجة عن الـ5000 هكتار التي منحتها ايران لسوريا في الأراضي الإيرانية سيتم نقلها عبر البر ما يخفف من كلفة وصولها الى المستهلك، اضافة الى ان تنفيذ بنود اخر اتفاقية بين ايران وسوريا ستكون اكثر مرونة بعد فتح الطريق البري. وللتذكير، أورد بنود الإتفاقية كما تم الإتفاق عليها بين ايران وسوريا:
– تقديم ايران 5000 هكتار من الاراضي الزراعية الى سوريا
– منح منجم فوسفات الشرقية
– منح الف هكتار من الاراضي الزراعية لانشاء منشآت صناعية وغازية في سوريا
– منح ترخيص لتشكيل شبكة هواتف نقالة تعتبرالمشغل الثالث في سوريا
– عقد اتفاق مشترك لإنشاء مزرعة زاهد لتربية الابقار في سوريا

ب‌-     في الجانب العسكري، سيكون لطريق الربط بين طهران وبيروت مرورًا ببغداد ودمشق تداعيات كبيرة على شكل ومضمون الصراع مع الكيان الصهيوني، حيث سنكون امام تغيير كبير في ميزان القوى على مستوى دخول عديد بشري بمئات الآلاف اذا اقتضت الحاجة على خط الصراع، وهوما سيحقق التفوق على "اسرائيل" والجماعات الإرهابية معًا كما ان الجغرافيا الواسعة من طهران الى بيروت تشكل عمقًا عملاتيًا غير مسبوق سيزيد من مستوى المناورة ويعقد على العدو بكل اطرافه المواجهة، حيث تشكل عملية الربط بين الجغرافيا تحولًا عنوانه وحدة الإرادات والجبهات وهو الذي كانت أميركا ومعها "اسرائيل" تسعيان الى تحقيق عكسه وهو تفتيت البلدان وتقسيمها.

ت‌-    بملاحظة مستوى منسوب التوتر الأميركي و"الإسرائيلي"، نستطيع التأكيد ان نتائج العمليات الأخيرة في سوريا والعراق قد حققت الأهداف الأوّلية في احباط مفاعيل المخطط الأميركي والصهيوني، رغم اننا لا نستطيع الإدعاء بعد ان محور المقاومة قد حقق الهزيمة بهذا المخطط، حيث من المتوقع ان تعمد اميركا ومعها "اسرائيل" الى استخدام آليات مختلفة للإستثمار في الإرهاب من خلال مواكبة مرحلة مكافحة الإرهاب عبر توفير المعلومات الإستخباراتية للجماعات الإرهابية لإرهاق سوريا والعراق من الداخل باساليب مختلفة وجديدة.

لهذا يبدو حسم معركة دير الزور وخط الحدود مقدمة طبيعية وضرورية للإنتقال النهائي الى مرحلة اعادة تثبيت البنى الداخلية واعادة تنشيطها بحيث تكون قادرة على الإستجابة لمتطلبات المرحلة القادمة من الصراع، حيث لا مهرب من المواجهة الشاملة وهي مواجهة حتمية اعتقد ان البادئ فيها ستكون اميركا و"اسرائيل" انطلاقًا من عدم التسليم بنتائج المواجهة الحالية بما تشكله من خطر وجودي على الكيان الصهيوني، في محاولة للتأثير على معادلة توازن الرعب القائمة التي يبدو الخط البياني فيه صعودًا لمصلحة محور المقاومة وهبوطًا بالنسبة لأميركا و"اسرائيل".

بيروت برس