إسرائيليّون أكثر من الإسرائيليين.. بقلم: نبيه البرجي

إسرائيليّون أكثر من الإسرائيليين.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

السبت، ٨ يوليو ٢٠١٧

لا غرابة ان نتأرجح بين صراع الجاهليات وصراع الكراهيات. ولكن هل يمكن ان نكون اسرائيليين اكثر من الاسرائيليين؟

قد نختلف مع المسار السياسي او الايديولوجي لـ «حزب الله»، دون ان تتقاطع ثقافتنا مع البنية التيوقراطية للنظام في ايران. هذا ليس مسوغاً لتسويق السياسات الاسرائيلية، والتحريض على تنفيذ التهديدات الشهيرة باعادة لبنان الى العصر الحجري.

كتّاب لبنانيون وعرب ينشطون في هذا الاتجاه، كما لو ان هؤلاء لم يقرأوا ما كتبه شلومو صاند حول «الدوي الاسبارطي» في اللاوعي الاسرائيلي، وحيث الاولوية لقعقعة السلاح على اي شىء آخر، تساءل «ما اذا كنا بأقدامنا نصنع نهاية العالم».

كتاب لبنانيون في صحف خارجية. بعضهم يقيم في باريس التي يفترض ان نأخذ فيها شيئاً من ديكارت، او شيئاً من كامو، او شيئاً من مالرو، او شيئاً من فوكو…

هؤلاء الكتاب قالوا ان معلومات عواصم غربية تشير الى ان اسلحة تصل الى «حزب الله» عبر مرفأ بيروت. بطبيعة الحال على متن سفن ايرانية تغادر موانئ بلادها وتقطع البحار وصولاً الى ضفاف المتوسط دون ان ترصدها سفن التجسس الهائلة التي تغطي المرافئ الايرانية، ولا الاقمار الصناعية، ولا الاجهزة الاسرائيلية، ولا حتى القوة البحرية التابعة لليونيفيل والتي تجوب المياه الاقليمية اللبنانية بحثاً عن اي قارب صيد مشبوه، فكيف بباخرة تنقل صواريخ متطورة، ويحرص الايرانيون الا تقع اسرارها التقنية في ايدي جهات معادية…

هذا اذا تناسينا ان الاجهزة الاميركية والاسرائيلية، والغربية بوجه عام، موجودة في مرفأ بيروت لمهمات استخباراتية حساسة بطبيعة الحال. سألنا مرجعاً امنياً رفيع المستوى، قال «هذا كلام عار كلياً عن الصحة».

اليس ما كتب خدمة ذهبية للجنرالات الذين وصل اسلافهم الى القصر الجمهوري في بعبدا، وتجولوا في شارع بيروت، قبل ان يرى «حزب الله» النور؟

استطراداً، هل وصلت بنا التفاهة، والزبائنية، والارتهان لثقافة الكراهية حد دعوة افيغدور ليبرمان الى ان يضرب مرفأ بيروت بعدما ضرب احد اسلافه مطار بيروت في عام 1963؟

مرة اخرى، لا غرابة ما دمنا نتراقص بين صراع الجاهليات، وصراع الكراهيات، وما دمنا نخدم استراتيجيات البداوة، والانغلاق، وتكريس مناخات القرون الوسطى، وما دمنا قد اصبحنا عبيداً للتوتاليتاريات القبلية…

لا يمكن ان تعنينا ايران التي لا احد يستطيع اقناعنا بانها لا تعمل لمصالحها الجيوسياسية. لا مكان في لعبة المصالح لا للقيم ولا للمثاليات ولا لأي خلفيات ايديولوجية تذهب، تكتيكياً، نحو الله…

ولا يمكن ان نغض الطرف عما فعله اولياء الامر في عنجر بلبنان وباللبنانيين، وان كنا نأخذ على السياسيين اياهم كيف كانوا يقبلون الاقدام بحثاً عن مقعد نيابي او عن موقع وزاري، وحتى بالتضحية بالحد الادنى من الكرامة البشرية…

لكننا الآن امام عدو هائل وترعرع في ليل الازمنة، وفي ليل الثقافات، ويسعى لتحويل ارضنا الى خراب. في هذه الحال اليس مضحكاً ان يقال ان الغاية من الدعوة الى التنسيق مع دمشق تعويم النظام هناك…

يا جماعة، قليلاً من التواضع. نحن العاجزون عن تعويم بواخر توليد الطاقة، العاجزون عن تعويم قباقيب نسائنا، تعترينا تلك اللوثة الدونكيشوتية فندلي بما ندلي به دون ان نستذكر، لو للحظة، قصة الضفدعة التي حاولت ان تتحول الى ثور…

هذه حال بعضنا. تعويم؟ اقرعوا الطبول… للضفادع!!