من تحت الطاولة ما بين الرقة وعفرين.. بقلم: محمود الصالح

من تحت الطاولة ما بين الرقة وعفرين.. بقلم: محمود الصالح

تحليل وآراء

الاثنين، ١٠ يوليو ٢٠١٧

يبدو أن مفاعيل الاتفاق الأميركي التركي في الزيارة الأخيرة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة الأميركية، قد بدأت تعطي أكلها عبر مجموعة من المواقف التي من شأنها تخفيف الرعب الذي ينتاب النظام التركي جراء التقدم الذي يحرزه عدوه التاريخي الكردي من خلال «وحدات حماية الشعب والمرأة» القوة الرئيسية في «قوات سورية الديمقراطية – قسد» في معركة الرقة وكذلك في المناطق الشرقية في سورية، حيث باتت هذه الميليشيات تسيطر على مناطق واسعة في الجزيرة التي تزخر بالنفط والحبوب والقطن وغيرها وتمتلك من مصادر المياه ما يمكنها من الاعتماد على الذات حتى لو حاربها الجار التركي لسنوات طويلة.
يمكن أن يتبادر إلى ذهن النظام التركي أن عدوه الكردي في سورية المرتبط بشكل ما مع «حزب العمال الكردستاني»، يمكن أن يحلم بإنشاء منطقة شبة مستقلة، تحاكي ما قام به رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في شمال العراق، على الرغم من قناعة الجميع أنه لا مجال لاتفاق الواجهة السياسية للميليشيات الكردية في سورية المتمثل في حزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة صالح مسلم وبارزاني على وحدة العمل والمشروع، وهذا ما سعى التركي إلى تعميقه بشكل دائم.
معلومات مؤكدة تفيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استطاع أن يقنع أردوغان خلال الزيارة بالكف عن المطالبة برجل الأعمال التركي فتح اللـه غولن مقابل أن يعطي لأردوغان الورقة الكردية، لكن بشكل متسلسل ومن دون أن يفك الأميركي هذا التحالف مع الأكراد في معركة الرقة. الحقيقة أن هذا الاتفاق الذي جرى بين الرجلين من تحت الطاولة بقي بعيداً عن قادة الأكراد ممن يتحالفون مع أميركا، ولكن مفاعيله بدأت تظهر على أرض الواقع من خلال تراجع الدعم الجوي الأميركي لقوات «قسد» التي تحاصر داعش في مدينة الرقة، وهذا ما أكده قادة من «قسد»، والأمر الأهم، التصريح الذي أدلى به قائد العمليات الأميركية في المنطقة أن الأميركيين سيجردون الأكراد من الأسلحة بعد انتهاء معركة الرقة، وهذه رسالة إلى أردوغان قابلتها زيارة خاصة من موفد الرئيس الأميركي إلى مدينة الرقة وتل ابيض وعقده سلسلة من اللقاءات مع المجالس المحلية، ولقاءات منفردة مع قادة أكراد أكد فيها «الدعم المستمر لعملية تحرير الرقة وما بعد الرقة» على حد قول الموفد الأميركي.
الأمر المهم في كل ذلك أن الأميركي يكرر نفس السيناريو الذي استخدمه مع الإخوة الأكراد في معركة عين العرب، عندما أطال أمد المعركة على الرغم من قدرته على حسمها خلال أيام، حتى حصل على اتفاق مع الأكراد على التسليم بجميع المطالب الأميركية والتي توجها بالتحالف الدولي.
اليوم يسعى الأميركي إلى استرضاء حليفه أردوغان، بالطلب من الروسي غض الطرف عن محاولة أردوغان فتح معركة في جبل عفرين، من أجل إيقاف التقدم في معركة الرقة نتيجة سحب قوات النخبة الكردية المدربة من الرقة إلى عفرين لمواجهة هذا التدخل التركي، لأن عفرين لها الأولوية لدى الأكراد عن أي منطقة أخرى، خصوصاً أنهم يدركون تماماً أن الرقة حتى لو أخرجوا داعش منها لن تكون خالصة لهم، وكذلك الأمر هي ليست مغرية ليضحوا بإحدى أهم مناطق تواجدهم في عفرين.
كل ذلك يؤكد بما لا يترك مجالاً للشك أن الأميركي والتركي اتفقا على عدم إتاحة الفرصة لأي حلم للأكراد بالتحقق تحت أي عنوان كان.