إسرائيل وحلم الشرق الأوسط الجديد.. بقلم: تحسين الحلبي

إسرائيل وحلم الشرق الأوسط الجديد.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الخميس، ١٣ يوليو ٢٠١٧

تحاول القيادة الإسرائيلية ومراكز أبحاثها ووسائل إعلامها أن توهم شعوب المنطقة بأن «الشرق الأوسط الكبير» الذي تكون فيه إسرائيل «القوة السائدة والمهيمنة والكبرى الإقليمية» بدأ يتحقق لها، ففي ورقة سياسية نشرها «مركز أبحاث ميتفيم» بعنوان: «خطوط عريضة» بالعبرية، يرى مدير المركز إيلي فوديه أن ما كان يحلم به الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس حول شرق أوسط جديد تسيطر فيه إسرائيل، أصبح الآن على جدول العمل المباشر عند القيادة الإسرائيلية، وأن وجود الولايات المتحدة في المنطقة وتزايد قواتها منذ احتلال العراق 2003 والتطورات الأخيرة في الانقسام بين «دول للسنة» تتصارع مع دول من «غير السنة» وتقارب «دول السنة» مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، مهد لإسرائيل أجواء لم تحلم بها وخصوصاً بعد عجزها عن تحقيق هذا الهدف في حرب تموز 2006 ضد قوات حزب الله وحلفائه في سورية وإيران، ويستخلص فوديه من هذه الورقة أن إسرائيل تحقق لها من هذا الوضع عدد من المكاسب وهي:
أولاً- أصبحت أحد اللاعبين المركزيين في الساحة بموافقة الدول المعتدلة.
ثانياً- اتسعت دائرة التحالف معها من الأقليات، أكراد، وغيرهم إلى معظم دول «السنة».
ثالثاً- انتقال التعاون السري معها إلى درجات متقدمة من التعاون العلني وخصوصاً من دول النفط الغنية، فلم تعد هذه الدول تخاف من الكشف عن علاقاتها مع إسرائيل بل إنها تريد توظيف هذه العلاقات بهدف ردع دول أخرى مثل إيران عن التحرش بها.
لكن فوديه رغم ما يقوله، فإنه يعود ليحذر من أن «هذا الشرق الأوسط الجديد» يحمل أخطاراً لم تكن موجودة منذ اتفاقية كامب ديفيد مع السادات وإزاحة مصر عن الصراع ضد إسرائيل، ويحدد هذه الأخطار بوجود كتلة تضم سورية وإيران وحزب الله، وربما العراق، ترفض التسليم بمصالح إسرائيل في الأراضي المحتلة وفي المنطقة وتشكل موقفاً مناهضاً لأي دولة مثل السعودية أو غيرها تتجه نحو التسليم بمصالح إسرائيل والتنازل عن حقوق العرب في فلسطين والجولان المحتل ومزارع شبعا، وبالمقابل يرى مركز أبحاث «هرتسليا» في آخر مؤتمراته أن إسرائيل لا يسرها أبداً وجود علاقات سياسية وعسكرية تحالفية بين روسيا وسورية وإيران، ولا يسرها أي انفتاح عراقي على روسيا وخصوصاً بعد أن أكدت الصين قبل أيام أنها معنية بمستقبل سورية واستقرارها، وهذا ما يشكل تطابقاً روسياً صينياً في التحالف مع سورية وإيران، وكان عدد من المحللين الإسرائيليين قد أكدوا أن الوضع الإقليمي لسورية وإيران بعد كل سنوات الحرب على المجموعات المسلحة أصبح أقوى وأكثر خبرة وتمسكاً بدورهما ومصالحهما وخصوصاً بعد أن أصبحت موسكو وبكين جزءاً من هذا التحالف الإقليمي، فتحت عنوان «مضاعفات التحالف الروسي السوري الإيراني» ترى المسؤولة السابقة في «الموساد» الإسرائيلي وجهاز التجسيس والمهمات الخاصة سيما شاين وأصبحت من إدارة معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (Inss) في صحيفة «هآريتس» في العام الماضي، أن أحداً لا يستطيع إنقاذ مصالح إسرائيل في المنطقة بعد الوجود الروسي المتحالف عسكرياً مع سورية وإيران سوى الولايات المتحدة وزيادة دورها ودور حلفائها العرب من السعودية إلى بقية دول الخليج.
في هذا الاستنتاج تعترف شاين بأن إسرائيل بأمس الحاجة الآن بعد سنة من تقديرها لوضع إسرائيل إلى توظيف دول عربية ضد روسيا وحلفائها في المنطقة.
ويبدو أن شاين أدركت أن التغيير الذي تحدث عنه فوديه في الشرق الأوسط لمصلحة إسرائيل لم يشمل جميع الدول العربية أو دول المنطقة، لأن الطرفين المباشرين في الجبهة الشمالية لإسرائيل في جنوب لبنان وجنوب سورية، سيشكلان قدرة ردع لا يمكن لإسرائيل تجاوزها، ولأن طرفاً إقليمياً تمثله إيران سيظل يدعم حقوق سورية ولبنان في استعادة أراضيهما المحتلة على غرار دعمه لحقوق الفلسطينيين، ولذلك لم يتحقق وهم أو حلم شمعون بيريس بشرق أوسط جديد، تُحقق فيه إسرائيل توسعها الصهيوني على حساب أراضي سورية ولبنان، أو تهيمن على المنطقة بفضل تعاون السعودية وحلفائها المحليين مع إسرائيل، وسيظل الزمن يعمل بعد استقرار سورية الداخلي لمصلحة استعادة الأراضي المحتلة.