ثقل العالم إلى شرق المتوسط والذهب الأزرق يشتعل جنوباً...!.. بقلم: محمد صادق الحسيني

ثقل العالم إلى شرق المتوسط والذهب الأزرق يشتعل جنوباً...!.. بقلم: محمد صادق الحسيني

تحليل وآراء

السبت، ١٥ يوليو ٢٠١٧

قبل ان ينتقل مركز ثقل الطاقة من المياه الخليجية الدافئة إلى شرق المتوسط، كما هو متوقع في العقد المقبل من قرننا الراهن، فإن الدور في الأزمة العالمية وقع على البيت الخليجي، وعلى قطر والسعودية بشكل خاص، حتى قيل إنه بدأت سنوات الخليج السبع العجاف..!

من هنا تجمع التقارير الاستخبارية العالمية بأن العاصفة الرعدية القطرية الممسوكة أميركياً آيلة إلى الإطالة والتعقيد. وهي رهن بصراع القوى الكبرى على الذهب الأزرق الغاز ، لكونه هو البديل الذي سيحلّ محل النفط لتشغيل منشآت الطاقة في العالم ابتداء من العقد الثالث من قرننا الحاضر…!

وإن سبب ما بات يُسمّى بأزمة قطر، هو سبب الحرب على سورية نفسه…

– ففي سورية كانت:

الاكتشافات النفطية والغازية الهائلة في منطقة حمص وأريافها، وكذلك تلك المكتشفة في المياه الإقليمية السورية ابتداء من جرف اللاذقية مروراً بطرطوس وبانياس اللتين تعومان على بحر من الغاز وصولاً حتى الحدود اللبنانية سبباً في فتح عين الطمع الإمبريالي الصهيوني الرجعي العربي عليها…!

إلى جانب رفض الرئيس السوري المشروع القطري الأميركي الخاص بمدّ خط أنابيب غاز من قطر إلى السواحل السورية ثم إلى أوروبا تحت البحر.

– وأما في قطر فهو:

اقتراب موعد لزوم تشغيل حقل بارس الشمالي/ الجنوبي/ المشترك مع إيران.

حيث يتداول في الأروقة الخلفية بأن قطر قامت بتوقيع مذكّرة تفاهم سرية مع إيران وروسيا لبناء خط أنابيب لنقل الغاز من حقل بارس عبر إيران/ العراق/ سورية/ أوروبا من جهة، فيما شكّل الخلاف القطري الأميركي حول تمويل صناعة الغاز في الولايات المتحدة، كما تريد أميركا فرض ذلك على قطر كخوّة عليها من جهة أخرى….

المعلومات المتداولة حول الاتفاق القطري الإيراني الروسي تفيد بأنها وإن كانت حتى الآن تفاهمات على خطوط عريضة أهمّها الاستغلال المشترك لحقل غاز بارس شمال/ جنوب بين قطر وإيران…

الأمر الذي يجعل من السعوديين يجنّ جنونهم، لأن القطريين سيُصبحون بذلك منافسهم الاستراتيجي في مجال الطاقة في القريب العاجل، وذلك من خلال اعتماد الغاز الذي بدأ يحلّ شيئاً فشيئاً مكان النفط كما سبق وذكرنا في إنتاج الطاقة…

ولما كانت تلك التفاهمات قد تمّت من وراء ظهر السعوديين، وبغض نظر أميركي لأسباب عملانية تسهل عليهم إضفاء المشروعية في عمليات الضغط على قطر من ناحية، والتسلل الناعم إلى البطن الرخوة من الجسم الإيراني وهي الاقتصاد من ناحية ثانية..

اتفاقية التعاون بين توتال والحكومة الإيرانية في إطار كونسورسيوم دولي يضمّ الصين داخله، وعقد اتفاق مماثل لها بعد أيام مع الحكومة القطرية يأتيان في سياق واحد ومقدّمة لورود أكبر للأذرع الغربية في جسم الطاقة الإقليمية أكثر فأكثر ضمن حروب الذهب الأزرق..!

إن مذكرة التفاهم الأميركية القطرية التي أعلن عنها قبل أيام خلال زيارة تيلرسون للدوحة تحت عنوان مكافحة تمويل الإرهاب اعتبرها المراقبون بمثابة المظلة الأميركية للدفاع عن الأمن القطري مقابل لجم الجشع والأطماع السعودية، كما هي الإطار الكفيل والممهّد للتوريط القانوني للحكومتين القطرية، كما السعودية، ومن ثمّ تعميم ذلك على دول مجلس التعاون كلها من اجل استحلاب دوله ومنع أي محاولة استقلال او تمرّد على الهيمنة الأميركية مستقبلاً…!

المعروف ان مساحة حقل بارس الإجمالية:

– تبلغ تسعة آلاف وسبعمئة كم مربع.

٣٧٠٠ منها إيرانية والباقي قطري.

– يحتوي الحقل ٥١ تريليون متر مكعب.

– بالاضافه إلى ٧،٩ ترليون متر مكعب من مكثفات الغاز الطبيعي.

– يبلغ إنتاج قطر من الغاز حالياً ٧٧ مليون طن سنوياً. وسترتفع هذه الكمية لتصل ١٠٠ مليون طن سنوياً بعد بدء استغلال مخزون حقل بارس.

– دراسة لشركة رويال دوتش/ شل قدرت الطلب العالمي على الغاز بـ ٢٦٥ مليون طن سنوياً.

– قطر تنتج وتصدر ٧٧ مليون طن، أي ٣٠ ٪ من الاحتياجات العالميه سنوياً.

– تبلغ قيمة الاحتياطات الإيرانية من الغاز / ٧ /تريليونات دولار حسب تقرير لوكالة بلومبيرغ نشر في شهر شباط من العام الحالي.

– تحتاج إيران إلى ١٠٠ مليار دولار لتطوير صناعة الغاز وإيصالها إلى طاقة الإنتاج القصوى.

– إيران قادرة على تأمين نصف هذا المبلغ خلال أشهر قليلة، حسب تقرير بلومبيرغ.

– خط الأنابيب الإيراني إلى العراق جاهز للتشغيل ويحتمل بدء تشغيله أواسط عام ٢٠١٧، حسب بلومبيرغ.

– لدى إيران ٥٥ حقل غاز، فيها احتياطيات يصل حجمها إلى ٣٣،٧ تريليون متر مكعب.

– يمتلك العراق احتياطياً مكتشفاً من الغاز يبلغ ٣٨ تريليون متر مكعب.

– يقع ٧٩٪ من احتياطيات الغاز العراقي في محافظة البصرة.

– حسب التقرير نفسه يحتل العراق المرتبة العاشرة في غنتاج النفط في العالم.

– تجدر الاشارة إلى أن اتفاقية مراقبة تمويل الإرهاب بين واشنطن والدوحة تتضمن ملاحق سرية توجب على قطر وضع مبلغ ١٢٠ مليار دولار في خدمة الإدارة الأميركية على شكل استثمارات في قطاع صناعة الغاز ومحطات التسييل وموانئ شحن الغاز المسال في الولايات المتحدة.

– حيث تخطط واشنطن لبناء ١٢ ميناء شحن كمرحلة أولى…

ولما كان القطريون يملكون ٣٤٠ مليار دولار في الولايات المتحدة. أربعون منها سيولة نقدية، والباقي على شكل سندات خزينة وسندات عقارية واستثمارات أخرى متعددة، فإن على الدوحة حسب اتفاق إطار الحماية هذا أن تعيد هندسة استثماراتها على الأراضي الأميركية بما يتناسب والحاجات الأميركية الملحة والا فإن أمنها «القومي» يتعرّض للخطر من جانب الثنائي السعودي الإماراتي او الابتلاع من قبل التحالف الإمبراطوري الروسي الإيراني…!

إن قراءة أولية لما يمكن أن يشكله مجموع محور المقاومة من ثقل اقتصادي عالمي بعد دخول حقول احتياطي الغاز في كل من العراق وسورية إلى مرحلة الإنتاج، وفي حال انضمام قطر إليهم ضمن حالة اكتساح روسي للنفوذ في المنطقة على حساب الأميركي..

بخاصة إذا ما أضيف اليها فائض القوة المتوقع لمحور المقاومة وروسيا، وما ينتظرهما من تعاظم للدور في ميدان الأمن والجيوبليتيك بعد النصر المبين على الإرهاب، كل ذلك يجعلنا نفهم لماذا يعيش ترامب منذ إمساكه بالسلطة في واشنطن هلع الاستحواذ على كل ما هو مُتاح في خزائن العائلات الخليجية الحاكمة قبل حلول وقت الانتقال الكبير..!

وتبقى بحول الله،

يدُنا هي العليا،

بعدنا طيبين،

قولوا الله.

البناء