جرود عرسال مقبرة فلول الإرهاب..بقلم: عمر معربوني

جرود عرسال مقبرة فلول الإرهاب..بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ يوليو ٢٠١٧

بيروت برس -
وانطلقت معركة تحرير جرود عرسال بعد وصول الجهود لتحقيق تسوية تُخرج الإرهابيين من الجرود الى طريق مسدود.
بتاريخ 21/7/2017 عند الخامسة فجرًا، انطلقت المجموعات الأولى للمقاومة والجيش السوري على محور جرود فليطة، وانطلقت مجموعات أخرى على محور جرود عرسال الغربية على اتجاهي تقدم.
العمليات اتّسمَت بالدقة والسرعة بحيث أنّ المدفعية كانت تواكب حركة المجموعات لتحقيق عاملي السرعة والمفاجأة وهو ما تحقق فعلًا، فخلال ساعات قليلة كانت المجموعات قد حققت اهدافها في كسر خطوط الدفاع الأولى لجماعة جبهة النصرة وهو ما سنقدم له شرحًا ميدانيًا.

قبل الدخول في شرح مسرح العمليات، من المهم الإشارة الى إطلاق البعض على المعركة إسم معركة عرسال وهي تسمية مخالفة للواقع وطبيعة المعركة، حيث تخوض المقاومة والجيش السوري وكذلك الجيش اللبناني المعركة بمواجهة تنظيمي "داعش" و"النصرة"، وليس بمواجهة اهل عرسال ولا قاطني مخيمات النازحين السوريين في محيط مدينة عرسال.

في ضرورات المعركة، نعلم جميعًا أنّ مسرح عمليات المعركة في جرود عرسال هو المساحة الأخيرة التي تحتلها الجماعات الإرهابية على الحدود اللبنانية - السورية، وهو ما كان يجب العمل على انهائه بما يمثله من مخاطر على لبنان وعلى عرسال ومخيمات النازحين فيها بشكل خاص، اضافة الى ان الخلاص من هذه الجماعات سيعيد الإستقرار الى الحدود ويُنهي قدرة الجماعات الإرهابية على الضغط على النازحين لمنع عودتهم الى بلداتهم في سوريا.
بعد تحرير الجيش السوري وحلفائه لمساحات واسعة من البادية السورية، وبعد ان فقدت الجماعات الإرهابية في جرود عرسال اي امل في اعادة الربط مع البادية والقلمون الشرقي، دخلت هذه الجماعات في وضع معقد وصعب مثّل فرصة مؤاتية لشنّ المعركة بمواجهة هذه الجماعات والخلاص منها.

بالعودة الى مسرح العمليات، وعلى الرغم من ان الإندفاعات الأولى كانت عمليات استطلاع بالنار ولا تشكل برأيي ما يمكن ان نسميه زخم العمليات، استطاعت المقاومة والجيش السوري التقدم بشكل لم يكن متوقعًا لجهة تسارع العمليات ولجهة السيطرة على مواقع حصينة كان يمكن لها ان تصمد لأيام في الحد الأدنى، وهو ما يعني ان قادة ومقاتلي جبهة النصرة دخلوا مرحلة الإنهيار الإدراكي وهي المرحلة التي تسبق مرحلة الإنهيار العسكري، حيث يدخل المقاتلون افرادًا وجماعات في حالة انتفاء ارادة القتال لأسباب مختلفة ما يؤثر في الروح المعنوية والقدرة على القتال والثبات، واذا استمر تهاوي مواقع جبهة النصرة بالوتيرة نفسها فإنّ حسم المعركة بمواجهة جبهة النصرة لن يطول خلافًا لتوقعات الجميع وسنكون امام استسلام كبير.
والدليل على امكانية انهيار جبهة النصرة سريعًا هو طبيعة التقدم الذي تم احرازه واهمية المواقع التي تم تحريرها، حيث تم تحرير تلة العلم وتلة البركان وتلة الكرة من جهة جرود فليطة، وهي تلال يمكنها التأثير على مواقع جبهة النصرة على امتداد سلسلة جبال الزمراني وعلى وادي الزمراني ووادي العويني، كما ان التقدم الذي حصل باتجاه قمة القنزح اتاح للمقاومة التقدم باتجاه تلة ضهرة الهوه التي تشرف على مجموعة كبيرة من الممرات والوهاد ومن بينها وادي دقيق وسهل الرهوة، وهو ما مكن وحدات المقاومة من السيطرة عليهما.
في الإتجاه الثالث، تقدمت وحدات المقاومة باتجاه ضهرة الصفا ووادي زعرور في التفافة على مجنبات جبهة النصرة لتقييد قدرة الحركة والمناورة لمقاتلي الجبهة ولإجبار الجبهة على تشتيت جهدها البشري والناري.

ونحن في الأيام الأولى من المعركة لا بد من الإنتظار بعض الوقت لمعرفة ما يرتبط بالمعركة من تداعيات سلبية وايجابية، حيث يمكن لهذه الجماعات تحريك خلاياها النائمة في عرسال ومخيمات النازحين والتأثير في مسار المعركة سلبًا، على امل ان يكون الجيش اللبناني ومديرية المخابرات قد أعدّوا خططًا استباقية لمعالجة اية عمليات مفاجئة في البعد الأمني، حتى لا تذهب الأمور الى اماكن غير محسوبة يمكن استغلالها من داعمي الجماعات الإرهابية في لبنان بشكل خاص.