مصالح اللاعبين وسيناريوهات إدلب بعد سيطرة "النصرة".. بقلم: علي شهاب

مصالح اللاعبين وسيناريوهات إدلب بعد سيطرة "النصرة".. بقلم: علي شهاب

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٨ يوليو ٢٠١٧

في غضون الأيام الأربعة الماضية، قارب عدد المجموعات التي انشقّت عن حركة "أحرار الشام" وانضمّت إلى "هيئة تحرير الشام" الخمس عشرة مجموعة، آخرها "لواء العاديات"؛
 الذي كان يُعدّ أحد أكبر ألوية الأحرار.الانشقاقات طالت كافة أذرع الأحرار ومعظم مناطق نفوذها، حيث انشقّ كل من قاطع البادية بكافة سراياه المؤلّفة من مئات المُقاتلين مع كامل سلاحهم، لواء "الفتح" الناشط في "معرّة النعمان" و كفرنبل، لواء "أجناد الشام" العامل في ريف إدلب الشمالي، فوج "معر دبسة"، لواء "أسود الإسلام"، لواء "أهل السنّة"، لواء "الهجرة"، كتيبة "فجر الإسلام"، كتيبة "خطاب"، كتيبة "نصرة الإسلام"، كتيبة "أحرار مرعيان"، كتيبة "أسود الإسلام" في جرجناز، كتيبة "أسود المعرّة" و سريّة "أبو زيد".إلى هذه المجموعات انشقّ عدد آخر من الألوية والكتائب والسرايا وأعلنت وقوفها على الحياد كـ"كتيبة أحرار الرامي" و سريّة "يوسف جعباص" في جبل الزاوية، كتيبة "أحرار أورم" ولواء "الإيمان".حجم هذه المجموعات فتح شهيّة أنصار "جبهة النصرة" على الحديث عن انهيار "أحرار الشام" عملياً وعدم قدرتها على خوض معارك مُعتبرَة بعد الآن.إلا أن النتيجة العمليّة الأهمّ من صراع أكبر تنظيمين مسلّحين في سوريا هو في فرْض "النصرة" سلطتها على إدلب، بعد أن كانت تتفادى هذا السيناريو في المرحلة السابقة خشية التصنيف الدولي،فما الذي تغيّر؟ وما هي تداعيات سيطرة التنظيم القاعدي على إدلب بالكامل؟
لا بدّ من الإشارة بدايةً أنّ إدلب، في وعي المسلّحين، تشكلّ رمز ما تبقّى من "الثورة"، ومصيرها يرسم بشكل كبير مصير الحرب في سوريا، بعد أن تحوّلت معظم الجبهات إلى جيوب صغيرة نسبياً يستكمل الجيش السوري مع حلفائه عملياتهم فيها.ولئن كان الاقتتال بين "أحرار الشام" و "النصرة" متوقعاً، بفعل الدينامية الطبيعية لوجود تنظيمين مسلّحين يسعيان للحشد والتعبئة في بقعة جغرافية مشتركة، فإنّ العامل الغامض كان حتى الأمس موقف كل من الدولتين الراعيتين لهذين الفصيلين؛ أي تركيا وقطر.وعلى الرغم من التحليلات التي ترجِّح أن تركيا قد باعت "أحرار الشام" لصالح إرضاء الحليف القطري، الّا انّ مأزق تركيا في التعامل مع الشمال السوري، حتى ما قبل الصراع الفصائلي الأخير، لا يعزّز نظرية الاتفاق التركي – القطري بقدر ما يدعم حقيقة محدوديّة الخيارات التركية التي وصلت بأنقرة إلى حد تجميد أية خطوة مقبلة ودراستها بتأنٍ للحفاظ على توازنها بين موسكو وواشنطن.لكن المُلفت أن جبهة "النصرة" تدرك جيداً، بحسب ما يشي به حراكها السابق قبل الاقتتال مع الأحرار، أنها بحاجة لغطاء من الفصائل "المُعتدلة" لتخطّي عقبة تصنيفها إرهابيةً تحت ظلّ المُسمّى الجديد "هيئة تحرير الشام". المُستجد أنّ النصرة قرّرت إجبار الفصيل الأخر الأكبر على التوحّد معها بقوة السلاح! هذا هو تفسير مُسارعتها إلى توقيع أكثر من تفاهم في الأيام القليلة الماضية وإصدار قرارات تمنع التعرّض لمُقاتلي أحرار الشام الذي يلزمون منازلهم (بيان رقم 1)، بهدف تهيئة الأجواء لذوبانهم في التشكيل الجديد المنوي تشكيله.(البيان رقم 2).في المقابل، لم تألُ حركة "أحرار الشام" جهداً في الآونة الأخيرة في تقديم نفسها على أنها الفصيل المُعتدل القادر على إدارة إدلب والشمال السوري، وهذه مسألة تستهدف بطبيعة الحال مصير النصرة التي وجدت نفسها مضطّرة لاتّخاذ القرار بقتال الأحرار وإعادة خلط الحسابات الإقليمية والدولية في تلك المنطقة.بناءً على ما تقدّم، تجد الأطراف التالية نفسها معنية في تقديم أجوبة عملية على الواقع المستجدّ في الشمال السوري:
- تركيا: شملت عمليات "هيئة تحرير الشام" السيطرة على مناطق مشمولة بأية عملية تركية متوقّعة.(يُطلِق عليها البعض اسم عملية "سيف الفرات"). بات عل أنقرة الأخذ بعين الاعتبار الجغرافيا العسكرية الجديدة التي تفرض احتمالاً أكبر للمواجهة بين "النصرة" وفصائل "درع الفرات".
- التحالف الدولي: بعد الانتهاء من داعش في العراق وسوريا، على التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تحديد موقفه من الجماعات الباقية. الموقف الأميركي من جبهة النصرة محكوم بالسباق مع روسيا وتركيا نحو تحديد مصير الشمال السوري. بمعنى أنه من المصلحة الأميركية رفع شعار قتال النصرة – ودعم قوات سوريا الديمقراطية في هذا الهدف – لأجل قطْع الطريق أمام تمدّد التفاهم التركي – الروسي. وقد بدأت إرهاصات هذا التوجّه بالتبلور مع أنباء عن نيّة واشنطن أطلاق برنامج لتسليح وتدريب في مواجهة القاعدة في الشمال السوري خلال خمسة أشهر.
- السعودية: لن تتوانى الرياض عن المساهمة في أي إطار يضعف الفصيل المدعوم قطرياً، في مقابل إيجاد تسوية تحفظ وجود الجماعات التي تدعمها تحت مُسمّيات الإدارة المدنية في الشمال السوري.
- الدولة السورية  وحلفاؤئها: يبدو الجيش السوري والقوات الرديفة والحليفة الرابحون الأكبر من كل السيناريوهات. ففي حال تقاطعت مصالح الأفرقاء أعلاه على قتال النصرة فهذا في صالحهم. وفي حال فشل الأفرقاء في الاتفاق حول مصير إدلب ستتحوّل هذه البقعة إلى بقعة جغرافية مُتنازَع عليها بين الوكلاء المحليين إلى حين أن تبصر التسوية السياسية النور ولو بعد حين.
المصدر: الميادين نت