الخسائر الإسرائيلية على جبهات ثلاث

الخسائر الإسرائيلية على جبهات ثلاث

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢ أغسطس ٢٠١٧

كشفت صحيفة «هآريتس» الإسرائيلية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عقد اجتماعاً لمجلس الوزراء المصغر للشؤون الأمنية والخارجية بمشاركة رئيس الأركان جادي آيزنغوت ورئيس الموساد يوسي كوهين يوم الإثنين الماضي لمناقشة الاتفاق الروسي الأميركي حول منطقة التهدئة في جنوب سورية، وكان نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبيرمان قد زارا قبل أيام منطقة الجولان المحتل قرب جبل الشيخ، للاطلاع على الوضع المتاخم لشريط فصل القوات، وتضيف «هآريتس» إن الاجتماع المصغر لشؤون الأمن استعرض سلبيات هذا الاتفاق على إسرائيل وخصوصاً لأنه سيعتمد على وحدات روسية من الشرطة العسكرية في مراقبة وقف إطلاق النار والترتيبات المطلوبة لحماية السيادة السورية عند حدود الأردن والجولان المحتل، وتبين بموجب المصادر الإسرائيلية أن نتنياهو اعترض على هذا الاتفاق لأنه تجاهل المصالح الأمنية الإسرائيلية وطلب من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل هذا الاعتراض للجانب الروسي من دون أن يلحظ أي اهتمام لتعديل الاتفاق.
يبدو أن الوضع السائد منذ أسابيع قليلة، تزداد فيه خسائر إسرائيل على أكثر من جبهة وموضوع، لأن ترتيبات منطقة تخفيف التصعيد في القرى المتاخمة لشريط فصل القوات وعلى مسافة 14 كم من هذا الشريط، بدأت تبطل مفعول المخطط الإسرائيلي الذي وضعته تل أبيب منذ عام 2012 لإنشاء «جيب» إرهابي مسلح على غرار «جيب جيش لحد» جنوب لبنان في التسعينيات.
كما ترى إسرائيل نفسها الآن في أسوأ درجات علاقتها بالمملكة الأردنية وخصوصاً بعد حادثة مقتل اثنين من المواطنين الأردنيين داخل السفارة الإسرائيلية على يد أحد الحراس وإطلاق سراحه. فالتنسيق الأمني وغير الأمني لجهة دعم المجموعات المسلحة ضد الجيش السوري الذي كانت تفرضه في علاقاتها مع الأردن أصبح الآن يواجه صعوبات تمنع استمراره بعد الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة للجمهور الأردني ضد استمرار وجود سفارة إسرائيل وضد التنازل عن حق محاكمة الحارس الإسرائيلي للسفارة، ومن مجلس النواب 55 عضواً يطالبون بإغلاق السفارة، ومن الشارع الأردني تزداد موجات الغضب والتنديد بالسكوت عن مقتل اثنين من المواطنين في السفارة الإسرائيلية.
ومع تزايد هزائم مجموعات داعش الإرهابية، لم يعد لدى الأردن ما تراهن عليه من أي تنسيق مع الإسرائيليين، فالمنعطف الشعبي المناهض للعلاقات مع إسرائيل لم يعد من الممكن الآن وقف اتجاهاته داخل الساحة الأردنية ولا تأثيراته في أي سياسة تتخذها الحكومة الأردنية من دون النظر إلى مشاعر ومواقف الجمهور الأردني وقواه الوطنية والقومية وبرلمانه الذي وقف إلى جانب هذه المشاعر.
وعلى الجبهة الدولية أصبحت إسرائيل تدرك أن كل تأزم في العلاقات بين موسكو وواشنطن، وتصعيد العقوبات والعقوبات المضادة من الجانبين، سيدفعان موسكو إلى تعزيز قدرات حلفائها في المنطقة وخصوصاً سورية وإيران والمقاومة اللبنانية، فقد راقب الإسرائيليون ما عرضته موسكو من أسلحة ومعدات حربية في ميناء طرطوس، وهم يدركون أن طبيعة العلاقات المشتركة بين الجيشين السوري والروسي في محاربة الإرهاب، ستؤدي إلى نقل تكنولوجيا هذه المعدات الحربية للجيش السوري، كما يدركون أن المعارك ضد داعش وبقاياها واستحقاقاتها في إدلب وشمال سورية ستعزز هذه العلاقات العسكرية لحماية الأهداف المشتركة وحماية السيادة السورية في مقدمها، ويرى معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي «INSS» أن الحرب الباردة الجديدة التي تطل على النظام العالمي منذ سنوات بين كتلتي موسكو بكين من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية، ستفرض تعقيدات لا تسر إسرائيل ودورها ونفوذها في المنطقة، لأن وضع ما قبل هذه الحرب الباردة الجديدة كان أفضل لخدمة المصالح الإسرائيلية، وربما من المنطقي الاستنتاج بأن مثل هذا الوضع الدولي الجديد الذي تسعى فيه موسكو وبكين إلى تشكيل نظام عالمي غير أحادي لا يخدم الأهداف الأميركية ولا الإسرائيلية، كما تدرك إسرائيل أن القاعدة الإقليمية للنظام العالمي المشترك والبديل للنظام الأميركي هي سورية وإيران وحلفاؤهما في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما لا يتفق مع مصالحها التوسعية الصهيونية.