فينوس وسيرينا وليامز.. بقلم: د.منار الشوربجي

فينوس وسيرينا وليامز.. بقلم: د.منار الشوربجي

تحليل وآراء

الأحد، ٦ أغسطس ٢٠١٧

كفاح المرأة السوداء في الولايات المتحدة ملهم ويستحق المتابعة. فحياة المرأة الأميركية السوداء لها طابع خاص. فهي تعاني تمييزاً مضاعفاً، مرة لكونها سوداء ومرة لكونها امرأة.

لذلك فإنها تجد نفسها في أحيان كثيرة تعاني أعباء ليست من صنعها ولا هي مسؤولة عنها.

فالمرأة الأميركية البيضاء تبذل مجهوداً أكبر بكثير من الرجل الأبيض من أجل أن تحصل على الفرص نفسها. ومع ذلك، لا تزال تعاني حتى اليوم من عدم المساواة في الأجر والفرص وظروف العمل.

والرجل الأسود عليه أن يكافح بشكل مضاعف ليثبت وجوده بين أقرانه من الرجال البيض بسبب تاريخ طويل من العنصرية الصريحة والمستترة. فما بالك إذاً بالمرأة السوداء.

فهي تخوض كفاحاً ضد العنصرية وضد العداء لإنجاز المرأة.

لهذا السبب تحديداً، أتابع منذ فترة الأختين فينوس وسيرينا وليامز. فهما من هما في رياضة التنس.

فقد عمل والداهما على تدريبهما على لعبة التنس منذ الصغر حتى صارتا من أهم اللاعبات في العالم وحصلتا، وفق تقييم الاتحاد الدولي للتنس النسائي، على الموقع رقم واحد واثنين في ترتيبهما بين أفضل اللاعبات في العالم لمرات عدة.

وقد حصلت كل من سيرينا وأختها فينوس على بطولات عالمية متعددة وميداليات وتكريم. لكن حياة الأختين لم تكن سهلة.

فالعنصرية المقيتة تطل برأسها في الرياضة كما في السياسة، وفي الفنون كما في الثقافة.

فرغم رغبة والدهما في تدريبهما منذ الصغر على اللعبة، إلا أنه اضطر، لفترة من عمرهما، إلى تدريبهما بعيداً عن الملاعب بعدما سمع بنفسه التعليقات العنصرية التي كانت تنطلق لتسخر منهما، فخشى الأب على سلامة ابنتيه المادية والنفسية.

ولكن الفتاتين استطاعتا التغلب على ما كان يواجههما من مواقف صعبة ولم تسمحا للكراهية بالوقوف في طريق نجاحهما.

وفينوس وليامز، الأخت الكبرى، تعاني منذ عام 2002 من مرض يؤثر على قدراتها البدنية.

غير أنها لم تستسلم للمرض ولا تزال تشارك في بطولات كثيرة كانت آخرها بطولة ويمبلدون الشهر الماضي، الأمر الذي يمثل في ذاته إنجازاً كبيراً لأنه يتطلب جهداً بدنياً إضافياً.

لكن العنصرية لم تترك فينوس حتى يومنا هذا رغم أنها بجهدها الشخصي صارت تملك المال والشهرة. فمنذ شهور قليلة، كانت فينوس تقود سيارتها في فلوريدا عندما اصطدمت بسيارة رجل مسن، فأودى الحادث بحياة الرجل.

وما هي إلا ساعات قليلة حتى كانت شرطة بالم بيتش، بولاية فلوريدا، ودون تحقيق يذكر، تعلن أنها تحمل فينوس المسؤولية عن مقتل الرجل لأنها «كانت المخطئة» في القيادة.

والحقيقة أن موقف الشرطة كان مستغرباً. فهي عادة ما لا تقفز للاتهام إلا بعد إجراء بعض التحقيقات الأولية، خصوصاً وأن التقاطع الذي وقع فيه التصادم كانت به كاميرات لم تفحصها الشرطة قبل إعلانها.

والقفز إلى مثل تلك النتيجة هو آخر ما يحدث في أميركا إذا كان الحادث وقع في أحد مناطق الأثرياء وكان طرفاه منهم كما هو الحال في تلك الواقعة. فالحادث وقع في مجمع سكني مغلق في أكثر أحياء بالم بيتش ثراءً. وقد بدت فينوس حزينة بخصوص وفاة المسن وقدمت تعازيها لأسرته.

لكن رغم تلك المحنة فضلاً عن المرض، شاركت في بطولة ويمبلدون وأحرزت أكثر من فوز حتى على شباب من الرياضيات الدوليات ممن يصغرنها سناً بكثير. ففينوس التي تبلغ من العمر 37 عاماً فازت على اليابانية ناعومى أوساكا والكرواتية أنا كونجو، وكلتيهما في التاسعة عشرة من العمر. وفي أثناء البطولة سألها الصحافيون عن شعورها بخصوص مقتل الرجل المسن في حادث التصادم فانهارت باكية.

غير أن الشرطة عادت وبرأت فينوس بعد أن شاهدت شريط الفيديو الخاص بالكاميرا الموجودة في التقاطع الذي وقع فيه الحادث ولكن بعد أن كانت فينوس قد تعرضت لتلك المحنة دون داعٍ.

أما الأخت الأصغر والأكثر شهرة وإنجازاً، سيرينا، فقد تصدرت الأخبار في آخر أسابيع بطولة ويمبلدون، حين بعثت كلمات تحية للاعب التنس البريطاني آندي موراي لدعمه اللاعبات.

وسيرينا التي لم تشارك في بطولة ويملبدون هذا العام لأنها تتوقع أن تضع طفلها بعد أسابيع، تركت فراغاً كبيراً في البطولة. لكنها كانت قد حققت في شهور حملها الأولى فوزاً كبيراً في استراليا في أبريل الماضي أضافته لسلسلة إنجازاتها.

لكن سيرينا، من أميركا بعثت تحيي موراي الذي كان قد هزمه الأميركى سام كويري. فهو في حوار صحافي، قال فيه الإعلامي إن «سام هو أول أميركي يصل للنهائيات منذ 2009». قاطعه موراي قائلاً «أول أميركي من الرجال»، اعترافاً بإنجازات سيرينا وفينوس وليامز وغيرهما من لاعبات التنس الأميركيات. عندئذ قالت سيرينا، إن «اللاعبات يعشقن أندي موراي» بسبب جهوده المستمرة لدعم اللاعبات.

حياة الأختين وليامز ملهمة بالفعل مثلها مثل كفاح عشرات النساء السود في أميركا والعالم.