ارحل يا تميم. بقلم: د.يوسف الشريف

ارحل يا تميم. بقلم: د.يوسف الشريف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٥ أغسطس ٢٠١٧

الكثير من القطريين، وخاصة السياسيين وأعوان نظامهم وأبواق إعلامهم المسيس ستغضبهم هذه المقالة من عنوانها «ارحل يا تميم»، فبالنسبة لهم هذه المطالب سيادة قطرية لا يجوز لأي أحد أن يتدخل بها أو يمسها، وستوجعهم كثيراً رفع حدية التصدي لأفعال قطر ونهجها الإرهابي ليطال إسقاط حكومتهم وأميرهم، في حين هؤلاء أنفسهم من سخروا أقلامهم وأصواتهم وتحليلاتهم وتقاريرهم للمناداة بإسقاط الحكومات العربية بذريعة حرية الرأي والتعبير، وبنفس كأس السم الذي أشربته القيادة القطرية لشعوبنا العربية ها هي تشرب منه الآن وتذوق مرارته.

ستغضب الحكومة القطرية أكثر إذا عملت حكوماتنا العربية على دعم المعارضة القطرية لإسقاط أميرهم أو الانقلاب عليه، وسيتألمون جداً إن قام أحد بتمويل وتخطيط لعملية إرهابية داخل قطر (لا سمح الله)، وكل هذه الأفعال قامت بها الدوحة تجاه العديد من دولنا العربية أو حتى الغربية، وما الهدف منها سوى توسيع نفوذها، واعتقادها أن قوة المال وشراء الذمم سيخدم مخططها، فلا تلومونا بل لوموا أنفسكم، فقطر وشعبها بالنسبة لنا جزء لا يتجزأ من الخليج لكن حكومتكم وأفعالها هي من قررت قطع العلاقات وليس نحن، ولم يكن هذا خيارنا إنما كان اختيارنا الحفاظ على أمن أوطاننا وشعوبنا من مخططاتكم المشينة.

الإعلام القطري والمتمثل بقناة الجزيرة والتي تُدفع ميزانيتها من مخصصات الحكومة القطرية نجحت بإيقاد نار الفتنة في العديد من الأقطار العربية وحاولت في البقية منها، وعملت على توفير منابر لأصوات المعارضة فيها، فالخطة تكمن بزعزعة أمن أوطاننا وبث روح الفتنة بداخلها، فالدوحة عملت على إخلال الاستقرار في أعمدة دولنا العربية كمصر، وذلك لفرض نهجها السياسي وخدمة تطلعاتها المستقبلية.

بخلاف سلاح الإعلام فقد سخّرت الدوحة ما وهبها الله من خيرات وأموال لشراء الذمم وأبواق الفتنة ورموزها ووفرت لهم ملاذاً آمناً مكنهم من التنقل ونقل فكرهم الظلامي إلى الشعوب العربية، ودعمتهم بكافة السبل ووفرت لهم المناخ المستقر للتخطيط لكيفية قلب الطاولة على حكام العرب وحكوماتهم، بل سخرت الدوحة هذه العقول الضلالية لمواجهة خصومها ومن يخالف نهجها من أصحاب فكر وسياسيين ورجال دين وصولاً لحكام وأمراء وملوك.

التصعيد الإعلامي الذي انتهجته قناة «الحقيرة» إبان ما سمي بـ«الربيع العربي» ورفع سقف المطالبات حتى وصلت للمطالبة بإسقاط الأنظمة ورحيل الرؤساء والملوك، وبررت هذا بأنه صوت المظلومين، فلا تلوموا أحداً إن طالب بإسقاط نظامكم وأميركم فلقد «جيشتم» الشباب العرب ومهدتم الطريق أمامهم للخروج إلى الشارع، وجعلتم من مطالبهم فرصة سانحة للإطاحة بخصومكم، بل عملت أجهزة استخباراتكم لما هو أبعد من ذلك، فقد عملت على دعم الإخوان المسلمين في مصر مما مكنهم من الوصول إلى السلطة، والمخطط كان أبعد من هذا بكثير لولا أن واجهته حكوماتنا وأفشلت المخطط الظلامي.

مخطط الدوحة كان ينوي إسقاط الحكومات الخليجية والعربية، فقد قامت الدوحة بدعم التنظيم السري داخل الإمارات والمعارضة داخل البحرين، وحاولوا بث الفتن داخل المملكة العربية السعودية، وكأن الدوحة مهمتها تمزيق وحدة أي صف، وحشرت أنفها في كل صغيرة وكبيرة داخل أي بلد من خلال مرتزقة إعلامها بتقاريرهم المفبركة، واستغلت منظماتها الخيرية ونفوذ مؤسساتها لدعم كل جماعة تنفذ مخططات الدوحة التخريبية.

اليوم الدوحة تواجه إعلام دول المقاطعة والذين اتخذوا على عهدهم تعرية نظام الدوحة، وكشف خبايا أفعاله الخبيثة ونواياه القديمة والحديثة، والتي لم تكن يوماً إلا مغردة خارج السرب العربي والخليجي، وما هذا إلا ردة فعل وحق مشروع للرد على انتهاكات الدوحة وما قامت به طويلاً من بث الفتن في عقول شعوبنا العربية، ويأتي لنا أحد القطريين ويرد على مطالب دول المقاطعة بإغلاق قناة الفتنة قناة الجزيرة بأن هذه سيادة قطرية لا يحق لأحد التدخل بها، وبما أنكم تعون مفاهيم السيادة فلماذا كانت حرية إعلام عندما هاجمتم الحكومات ودعمتم معارضيها؟!

من الواضح أن قطر لم تعد ترى نفسها بمنظور الحكم بل من منظور الحاكم، فما يحق لها لا يحق لغيرها، وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية حق مشروع تبرره لعنة حرية الإعلام، ودعم التنظيمات الإرهابية وعملياتهم الإجرامية حق مشروع للدوحة، ويعتقدون أنه لن يأتي اليوم للحساب وكشف أمرهم وجرهم للمحاكمة في المحاكم الدولية.

كانت قطر ترفع صوتها عالياً وتتهجم على الحكومات وتتهم رؤساءها بأنهم مجرمو حرب لتصديهم لمظاهرات المدنيين، ونسوا أنهم يمولون الذئاب المنفردة ومن يلبسون على خصرهم أحزمة ناسفة ويقتلون الأبرياء بدم بارد، ونسوا أنهم قاموا بتشتيت الملايين ودحرهم خارج أراضيهم وأوطانهم، وفرقوا عوائل عن بعضها البعض، وقاموا بخلق العداوة بين الأخ وأخيه بدعمهم للجماعات والتنظيمات الإرهابية في اليمن وسوريا ومصر وليبيا والعراق.

كل هذه الجرائم ارتكبها النظام القطري، ويواجه على إثرها الشعب القطري نفس الصعوبات والاختناقات التي صنعتها أيدي حكومته لشعوب كانت آمنة في أوطانها، فيا شعب قطر لا تلوموا أي أحد على صعوبة المقاطعة وآثارها السلبية على مجتمعاتكم إلا حكومتكم، ويا مثقفي قطر وأبواقها الإعلاميين ذوقوا مما كنتم تصنعون، ولكن اعلموا أن الفرق أننا في دول المقاطعة نعري الحقائق ونكشف عن دسائسكم، لكن إعلامكم كان يفبرك الوقائع ويبث الدسائس ويؤججها.

كما تدين تدان يا قطر، وهذا درس للتاريخ، فمن يقتل ويشرد الأبرياء سيأتي اليوم الذي يعاني الأمرين في الحفاظ على الكرسي الذي جعل أيديه ملطخة بدماء الأبرياء، واستغل كل أساليب القذارة لتوسيع نفوذه، والزمن دوار وسريع الحساب وخصوصاً لتلك الأيادي التي تعبث بأمن الشعوب واستقرارها.